لماذا يصرخون؟

عبد الله القبيع

TT

في القاهرة عاصمة الفن قبل ان تنبت بعض الفضائيات «الشيطانية»، حيث كانت التقاليد مصانة والقيم محترمة ولا وجود للخارجين عن القانون الغنائي، وحيث كان للنقابة صوت وللملحنين اصوات ولكتاب الكلمة شعور واحساس، ترتفع الآن اصوات تطالب بالمستحيل بعد ان دخلنا عصر العولمة والنجومية الطارئة واغاني «السرائر» و«حمامات السباحة» والاتصالات الحمراء وملابس النوم.

صعب على الجيل الجديد ان يستوعب المناهج القديمة في الغناء بعد ان دخلت دروس روبي ومروى ونانسي وهيفاء الى صفوف المدارس الحديثة. مطربات هذا الجيل ومطربوه لا يهمهم صوت النقابة او عدم عرض اعمالهم على الشاشة المصرية.

لا يهمهم ايضا ان يرفض ملحن مثل الموسيقار سامي الحفناوي تقديم اعماله اذا كانت تقدم باسلوب مثير للغرائز، لأن هناك البديل الجاهز، ولا يهمهم ما يقوله الملحن الموجي الصغير عن اغنية الحمامات والاستحمام، ولا يهمهم ايضا صراخ نقيب الموسيقيين حسن ابو السعود الذي يحاول فرض القيم والتقاليد او التحقيقات مع من يخالف او رفض اعطاء تصاريح العمل اذا اساءوا للمهنة، لأن هناك نقابات تقبل بهذه الاعمال.

القاهرة لم تعد محطة مهمة لانطلاق الفنان او الفنانة، فالقنوات الموسيقية اصبحت هي منصة الانطلاق، يصرخون في القاهرة لأن فنانة مغربية اسمها حسناء ظهرت في حمام السباحة او فنانة مثل باسكال مشعلاني تغني بثوب النوم الاحمر في اغنية من «الاغاني السريرية».

هيفاء وهبي لم تكن السباقة ان تغني ويبللها المطر او ميسم نحاس تسبح ليلا في بركة السباحة لأن القطط الأربع سبق وأن استحمت بصابون لوكس في احد شوارع بيروت.

الكلمة هبطت وموضوعاتها تافهة وسطحية كما يقول الموسيقار حلمي بكر.

يتحدثون عن رسالة الاغنية، اقول لهم لا رسالة لها اذا كانت على طريقة هيفاء او روبي او مروى او بقية الشلة من مطربات الشامبو.

لهذا لا داعي للبكاء على الاطلال او العودة الى القديم لأن الأغاني المحترمة دخلت الى مشرحة الموتى واصبح الكل يبحث عن الجديد والجديد يصور في غرف النوم، او المطربة «تحت الدش» وهي تأخذ حماما باردا في عز الشتاء.

اما الذين يبحثون عن الاطلال والقديم فعليهم متابعة قناة الطرب على ART ليكتشفوا ما فعلته عمليات التجميل بالفنانين.

لا نعتقد ان مطربي «منتهو الصلاحية» في عصر العولمة يستطيعون ان يعيدوا للأغاني احترامها، في وقت اصبح لكل مواطن عربي مطربة وراقصة وفيديو كليب.

فقط انتظروا ايضا «سوبر ستار 2» الذي يختبر النجوم الجدد في الاغاني المحترمة وعند التخرج يعرضون اغانيهم تحت الدش وفي برك السباحة.

[email protected]