سينما الصحراء

فهد الاسطا

TT

في لقائه عبر قناة «المستقبل» يروي المنتج السعودي صالح الفوزان وباستياء ظاهر أنه عندما قابل أحد سفراء الدول الأجنبية في المملكة عارضا عليه فكرة تمويل فيلمه «سنين الرحمة» قال له السفير واين ستعرض فيلمك؟ في الصحراء.

والحقيقة أنني اذا كنت ساشارك الفوزان استياءه من هذا الرد فانني أجد في هذه القصة نوعا من الطرافة حيث تعبر بأمانة عن موقفنا ـ السعودي ـ تجاه السينما والذي استطعنا ترسيخه لدى الآخرين.

والأمر هنا لا يتعلق بعدم وجود صالات عرض سينمائية في السعودية باعتبار أننا الوحيدون في ذلك، فالكثير من الدول العربية تمتلك صالات للعرض السينمائي دون ان تملك سينماها الخاصة التي تعبر من خلالها عن هويتها الاجتماعية.

فاذا كانت السينما كما يراها النقاد قد أثبتت في كل مجتمع نشأت فيه أنها تساهم بشكل كبير في دفع الفرد وتطوير الانسان نحو عوالم أجمل وآفاق أفضل فان الحال أنها لم تكن يوما مؤثرة في التفاعل الاجتماعي ومواكبة لقضايا المجتمع أو معبرة عن رؤيته وتطلعات أفراده في السعودية خاصة أو حتى في دول عربية أخرى لها امتداد جيد في الدراما التلفزيونية، وعدم وجود صالات عرض أو أندية ومهرجانات سينمائية هو جزء من المشكلة وليس كل الحكاية.

ومؤخرا تشير بعض الصحف المحلية لخبر انشاء برج ومركز تجاري كبير في مدينة جدة يحوي صالات عرض سينمائية.

ولكن الأمر في اعتقادي يعود بالدرجة الأولى الى الموقف من الفن بشكل عام والسينما خاصة ومدى الوعي بأهميتها ودورها في الحياة.

واذا كانت الثقافة الدينية قد ساهمت في تشويه صورة السينما واختزال دور الفن بطريقة سلبية فان هذا ليس أول الأسباب أو أهمها حيث نرى النجاح ـ السعودي ـ على مستوى فن الغناء مثلا قد تجاوز هذه الاشكالية كثيرا.

وإنما يسبق هذا السبب برأيي ذلك التهميش المتعمد والموقف المتخاذل من مؤسسات الاعلام والثقافة الحكومية ومن ثم شركات الانتاج الفنية التي لم تتجرأ حتى الآن في تسجيل أول خطوة نحو انتاج فيلم سينمائي سعودي يكسر اعتيادية الغياب السعودي في المهرجانات والاحتفالات السينمائية التي تقام في أنحاء العالم.

وحينما عبرت في البداية عن هذا الموضوع بـ «سينما الصحراء» فانني بذلك اعبر عن شيء من التفاؤل والأمل القريب أن نجد سينما سعودية نقدمها للعالم قادمة من أصالة الانسان في هذه الصحراء.