الفن المفقود ودوره المنتظر

فهد الأسطاء

TT

في الشهر الماضي كان الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة عسير، قد أعلن عن جائزة أبها الوطنية لمكافحة الارهاب، تضامنا مع الجهود الأمنية والدور السعودي العام الذي تقوم به الدولة لمكافحة فكر الارهاب والتطرف. وقد تضمنت الجائزة مجموعة من الفروع ممثلة بالبحث العلمي والقصيدة، إضافة الى الاغنية والصورة الفوتوغرافية والرسم الكاريكاتوري واللوحة التشكيلية.

وهي خطوة مهمة ومنتظرة، لانها تعبر عن الايمان بدور مثل هذه الفنون في ترسيخ الفكرة والتنبيه التوعوي وفعاليتها في مخاطبة الشعور الفردي.

الا ان الامل في الحقيقة ان يكون هناك التفات الى أهم هذه الفنون وأكثرها تأثيرا من أجل تطويعه للمشاركة بهذا الدور المهم وهو «فن الدراما» سواء من خلال المسرح او الفيلم الروائي والتسجيلي.

وربما نتفهم عدم وجود مثل هذا الفرع داخل المسابقة بسبب قصر المدة التي لا تتجاوز الثلاثة أشهر وليس، كما نرجو، بسبب عدم الاهتمام بدور العمل الدرامي في ترسيخ الفكرة وقيم المجتمع الانسانية.

ولكن من جانب آخر فان هذه المسابقة المهمة التي اشعرتنا بأهمية تجاوز العوامل التقليدية والظواهر المعتادة في التوجيه وتحريض الفكر واثارة المشاعر الى البحث عن اكثر العوامل تأثيرا في الوعي الاجتماعي والنفس البشرية يجب ان تكون هذه المسابقة أيضا خطوة لخطوات اخرى تعمق لدينا من اهمية العمل الدرامي ودوره المنتظر عبر مسابقات او مهرجانات تحفز كوامن الابداع لدى الشباب وتقدم لهم الفرصة في التعبير عن رؤاهم وأفكارهم بهذه الصورة الفنية المتحضرة. لقد كان أمرا مؤسفا ان تقتصر مشاركاتنا السعودية في مهرجانات السينما العربية على ندرة غريبة ربما لا نذكر منها أخيرا سوى مشاركة أول مخرجة سعودية، الاستاذة هيفاء المنصور، في مسابقة مهرجان أفلام الامارات الأخير في فيلمها القصير «أنا والآخر» الذي حصلت فيه على جائزة لجنة التحكيم عن الشجاعة في تناول موضوع راهن وملح عن سيناريو الفيلم الذي كانت المخرجة قد طرحت عبره رؤيتها تحديدا عن القضية التي هي محور مسابقة أبها الوطنية.

ولم يعد من المستساغ ان ينحصر الحديث دائما في السينما او الدراما بشكل عام عن شدة تأثيرها أو دورها في نشر الفساد والعنف والجريمة مقرين بهذا الدور المؤثر من دون الحديث عن الجانب الآخر والأهم في كل الفنون وهو الدور الذي يمكن ان تؤديه في نشر القيم الفاضلة وترسيخ المبادئ الانسانية خاصة أننا نعيش الآن عصر الميديا والصورة التي يعتبرها المتابعون ومتخصصو الاجتماع انها الوسيلة الانجح والأقوى في التأثير، وتؤكد على ذلك الشواهد الدرامية التي لن يكون آخرها وقوف الجمهور في مهرجان «كان» مصفقا لمدة خمس عشرة دقيقة بعد انتهاء عرض فيلم المخرج الاميركي مايكل مور الأخير «فهرنهايت 119/» او التداعيات الكبيرة لفيلم ميل غيبسون الأخير «آلام المسيح».

أعتقد ان مثل هذه القناعات وهذا التنظير لا تنقص الكثير، وما نحن بحاجته هو فقط الخطوة الشجاعة للبداية في ترسيخ أهمية العمل الدرامي والدفع بالمهتمين الى اظهار تجاربهم وتبنيها وتحفيزهم على التجدد والابتكار وعندها سنكون على موعد مع تفاعلات كبيرة على هذا المستوى في عدد من القضايا التي تهمنا.