«ميس ليبانون»: نموذج لبرامج الواقع المفتعل

TT

ما ان هدأت نسبيا الثورة التي احدثها برنامج «ستار اكاديمي»، الذي بثته قناة «ال بي سي» اللبنانية لمدة اربعة اشهر، وما لحقه من انتقادات وتحليلات شاركت فيها حتى البرامج السياسية في القنوات التلفزيونية العربية، باعتباره شكل «الحدث» الذي لا يقل اهمية عما يجري في العراق، لان تأثيراته السلبية على القيم الاخلاقية و«النخوة» العربية «بلاحدود»، حتى بادرت نفس القناة الى ملء الفراغ الذي تسبب فيه غياب شباب ستار اكاديمي اومطربي جيل المستقبل، بالشروع في بث برنامج جديد هو «ميس ليبانون» او مسابقة اختيار ملكات جمال لبنان، مسابقة تشارك فيها 16 فتاة لبنانية بمواصفات خاصة سيكون بامكان المشاهدين العرب متابعتهن على مدار 24 ساعة متواصلة من البث، من اجل فوز احداهن في هذا «الامتهان» بتاج الجمال اللبناني المحلي، بعد ان كانت المحطة تعلن انها بصدد التهيئ لمسابقة ملكة جمال العالم العربي، ولا ندري ان كانت المحطة قد غيرت رأيها في آخر لحظة واكتفت بتسويق الجمال اللبناني فقط لاسباب نجهلها لحد الان، ام ان المسابقة الكبرى للجمال العربي ما زالت مبرمجة في الايام المقبلة.

البرنامج الجديد يسبب حالة من الاستفزاز تفوق بكثير ما قيل عن برامج الواقع التي اجتاحت المحطات العربية اخيرا، مثل برنامج «على الهوا سوا» وبرنامج «الرئيس» او «ستار اكاديمي»، وهي حالة شبيهة بما يحصل حاليا في مسابقة الفيديو كليب، فما ان تظهر مغنية مثيرة شكلا ومضمونا مثل هيفاء وهبي تقيم الدنيا ولا تقعدها، حتى تظهر مغنية اخرى اكثر جرأة منها مثل نانسي عجرم، ثم ما ان يهدأ الكلام قليلا عن نانسي حتى «تبرز» واحدة اسمها «روبي»، فينتقل الحديث عنهما الى البرلمانات العربية حرصا على سلامة وأمن المواطنين الذين اصبحوا مهددين بمختلف الاسلحة الفتاكة في عقر دارهم. وهكذا تبقى المنافسة مفتوحة على مصراعيها بينهن لاثبات من هي الاقدر على «التحدي» و«التعري» و«التلوي». ويحضين بدعم مالي غير مسبوق من طرف القنوات الغنائية المتخصصة.

ورغم الانتقادات التي تدعو لايقاف هذا الزحف الغنائي الذي يثير الاشمئزاز الى الحد الذي اجبر الكثيرين على الامتناع عن سماع جميع انواع الاغاني بغض النظر عمن يؤديها او كيف، او العودة الى الاستماع الى الاغاني على جهاز الراديو تفاديا للاصابة بهذا الفيروس القاتل، الذي اصاب الاغنية العربية، خصوصا لمن لديه نقص في المناعة ويحتاج الى مضادات حيوية قادرة على المقاومة. وعودة الى برنامج «ميس ليبانون» ومتسابقاته الستة عشرة، ففي الحقيقة جعلتنا الحلقات الاولى من البرنامج نتحسر على يوميات «ستار اكاديمي» وخفة دم محمد عطية وصديقه بشار نظرا للتكلف الواضح الذي تميز به سلوك المتسابقات، فالى جانب النغمة الواحدة التي تطبع حديثهن بالعامية اللبنانية للمبالغة في تصنع الرقة والدلال، فان بعضهن يقمن بجهود يطبعها الافتعال الصارخ من اجل خلق احداث مشابهة لما كان يجري في «ستار اكاديمي» مثل طهي احداهن للرز بدل المكرونة! وفي سياق التنافس بين القنوات لاجتذاب المشاهد الفضولي، لا ندري بعد «ميس ليبانون» ماذا تخبئه هذه القنوات من مفاجآت لمشاهديها في اطار برامج الواقع اوالواقع المفتعل ولننتظر ماهو اسوأ!