هاني جرجس منتج فيلم «بحب السيما»: لا يهمني الهجوم على الفيلم لأنني أحب السينما والحرية

TT

ما زالت الضجة التي أثارها فيلم «بحب السيما» في مصر، وبخاصة بين عدد من رجال الدين البروتستانت قائمة، وأخيرا مثل الدكتور مدكور ثابت رئيس الرقابة على المصنفات الفنية والفنانة ليلى علوي أمام رئيس نيابة محكمة استئناف القاهرة ليدليا بأقوالهما حول الخلاف القائم حول الفيلم.

وكان عدد من الأقباط يتصدرهم المحامي نجيب جبرائيل قد أقاموا دعوى مستعجلة لإيقاف عرض فيلم «بحب السيما»، مبررين ذلك بأن الفيلم يسيء للمسيحيين على الرغم من أن منتج الفيلم ومؤلفه ومخرجه مسيحيون.

«الشرق الأوسط» التقت منتج الفيلم هاني جرجس الذي بدأ حواره بشكر كل من هاجم الفيلم الذي حقق ايرادات عالية خلال مدة عرضه، مؤكدا عدم خضوعه لأي ابتزاز فكري أو ديني، وأن الفيلم ليس به ما يسيء لأي مسيحي، ولكنه فقط يرصد الواقع الموجود.

* ما ردك على القضية التي رفعها بعض الأقباط ضد الفيلم؟

ـ أرى انها ليست منطقية ولا مبرر لها، وما هي إلا وسيلة لفرض الوصاية على الإبداع والحريات الفكرية.

* هل فكرت كمسيحي في الاستعانة بالبابا شنودة لحسم الجدل حول الفيلم؟

ـ لم أفكر في ذلك لسببين، أولهما ان المشكلة مع البروتستانت وتلك الطائفة غير تابعة للبابا شنودة، والسبب الآخر هو اعتقادي أن هذا أمر لا يهم البابا شنودة لأن جموعا من الناس احتشدت في خطبة الاربعاء الماضي في الكاتدرائية وأقاموا مظاهرة بشأن الفيلم، ورغم ذلك لم يتطرق حديث البابا شنودة أثناء الخطبة عن هذا الشأن مطلقا، بالاضافة الى ان الأمر لا يستحق كل تلك الضجة المثارة حول الفيلم كي أقوم بالاتصال بالبابا شنودة راعي الكنيسة المصرية.

* ما هي الأسباب الحقيقية وراء رفع الدعوى من وجهة نظرك؟

ـ أنا أرى ان المحامي أراد شهرة من وراء الدعوى وكان له ذلك، فحتى الآن لا أعرف بالتحديد ماذا يريد هؤلاء الذين أقاموا الدعوى، ففي البداية اعترضوا على اسلوب حياة تلك الأسرة المسيحية بدعوى ان الزوج من طائفة الارثوذكس والزوجة من طائفة البروتستانت، ومن وجهة نظرهم لا يتزوج اثنان من طائفتين مختلفتين. وهذا غير حقيقي، فأنا مسيحي ولي أقارب متزوجون من طوائف مختلفة ثم أعلنوا اعتراضهم على جملة في أحد المشاهد تقول «انت حاتدخل لربنا في قافية»، وهي كلمة عامية تعني هل ستعترض على كلام الله، ثم قالوا ان ما حدث من مشاجرات في الكنيسة أثناء الفرح والعزاء أمور تسيء للمسيحية وتنقص من هيبة ومكانة الكنيسة، والدليل على ذلك ان قصة فيلم «بحب السيما» أحداثها حقيقية، فهي قصة ذاتية عن حياة مؤلف الفيلم هاني فوزي قزمان عندما كان صغيرا وهو مسيحي، و90 بالمائة من أحداث القصة مستوحاة من حياته، وهو بنفسه قال لي ذلك وبالتالي فالقضية محسومة.

كما ان شخصية بطل الفيلم لا تجسد حياة قسيس أو كاهن ولكنه شخص عادي. والحقيقة انني اعتقد ان سبب رفع الدعوى هو موقف الرقابة في البداية حيث اشترطت في موافقتها تصريح موافقة الكنيسة فرفضنا قطعيا، فنحن لا نريد أي نوع من الرقابات غير المصرح بها كي لا يتوقف الفن والإبداع، وبالتالي هذا الأمر أوحى لبعض رجال الدين المسيحي أن من حقهم الرفض أو الموافقة على عرض الفيلم. واذا كنا نطالب من الأساس بإبعاد الرقابة بكافة أشكالها عن الفيلم المصري، فهل نزيد من الجهات الرقابية على السينما، ان هؤلاء الأشخاص الذين رفعوا الدعوى أكثر الناس إساءة لحرية الفكر والإبداع.

* وماذا كان هدفك من وراء انتاج فيلم «بحب السيما»؟

ـ إلقاء الضوء على شريحة متطرفة من المجتمع لعلاجها والوصول بها الى الاعتدال، فما لا يعرفه الكثيرون عني انني الى جانب حبي للسينما أعشق الحرية، وأرفض الكبت والقهر والتعصب، فهذه الممارسات لا تولد إلا الانفجار، وهو ما يفسر سلوك الزوجة نعمات في الفيلم التي وقعت في الخطيئة بسبب زوجها عدلي ، وتذبذب فكر الطفل الذي تيقن من غضب الله عليه ولذلك اختلط لديه الحلال بالحرام وأصبحا شيئا واحدا. فأنا أرفض التسلط، تسلط الزوج على زوجته والأب على ولده، فالأقوى يتحكم دائما في الأضعف منه ويفرض وجهة نظره عليه ويصر عليها ولو كانت خاطئة.

لذلك أرى ان الفيلم أعمق بكثير من قضية مسيحي وكنيسة، وكان هدفي تسليط الضوء على صورة متطرفة، زوج يحرم على زوجته علاقته بها بسبب كثرة الصيام معتقدا ان الزواج لحفظ النوع فقط، وهو ما رفضه الذين هاجموا الفيلم، متسائلين كيف نجرؤ على مناقشة التطرف الديني في المسيحية، فقد هاجمونا لأننا ناقشنا ولأول مرة ذلك، فالفيلم جريء في تناوله لأنه أول فيلم من بدايته لنهايته يعالج علاقة أسرة مسيحية مع بعضها البعض، وبينهم وبين الله. وينتصر الزوج في النهاية على القهر الذي حدث له، فلأول مرة يخاطب شخص الله في السينما بوضوح ويقول له «أنا أخاف منك وأريد أن أحبك»، ويسأله «هل صيامي وصلاتي لك والبعد عن المحرمات خوفا منك أم حبا فيك؟»، وهذا الصراع النفسي نجده يدور بالفعل في خلد كل شخص منا سواء كان مسلماً أو مسيحياً.

* هل تعتقد انه سيتم وقف عرض الفيلم؟

ـ سيتم رفع الفيلم من دور العرض بعد أيام قلائل وهذا هو موعد انتهاء عرضه. وبالمناسبة فيلمي في الخارج أيضا لأن النيجاتيف هناك، فأنا أحمض وأطبع أفلامي بالخارج لمستوى الجودة، ومطلوب في مهرجانات عالمية كثيرة، وقد أعجب النقاد والفنانين، ورفضوا فكرة الهجوم عليه وقال عنه رئيس الرقابة: على مدار 20 سنة لم أر فيلما حسنا مثل هذا الفيلم.

ويذكر انه سبق وأقيمت دعاوى عديدة ضد بعض الأفلام السينمائية تطالب بوقف عرضها، منها «محامي خلع» و«مذكرات مراهقة» و«سوق المتعة»، إلا ان كل هذه الدعاوى تم رفضها لأن أصحابها كانوا غير ذي صفة.