«وقائع ريديك».. رعب.. حركة.. وخيال علمي يجتر نجاح جزئه السابق

مهند الجندي

TT

«وقائع ريديك» للمخرج ديفيد توهي هو تابع لجزء عام 2000 بعنوان «ظلام دامس» الذي حقق نجاحاً لا بأس به على شباك التذاكر حينها. ذلك الفيلم كان مقبولاً وفقاً للأمور التي عرفناها في أي فيلم رعب مثير، شخصية قوية وتتحلى بصفات غامضة غير اعتيادية، بناء كلاسيكي ومتأنِ بتعريفنا على الوحوش، خاتمة تسعى لتوفير ما هو جديد في روتين انتصار الخير. الجزء الثاني من «وقائع ريديك» هو فيلم خيال علمي يمتلك المظهر والمؤثرات الخاصة التي يجب أن يتحل بها أي فيلم طموح ضمن هذه الفئة، لكنه يقع في نفس أخطاء معظم هذه الأفلام الصيفية، وهي تعقيد غير ضروري للقصة، مبالغة في الحوار وتهكم بالشخصيات. أمور لا تجعل من المشاهدين يرتبطون في الحكاية كما يجب، وتضطرهم انتظار مشاهد الحركة والقتال فقط (والتي يعمل بها الحاسب لدرجة أنها تجعلنا نتساءل هل دخلت آلات التصوير موقع الفيلم؟).

ريتشارد بي. ريديك (فين دينزيل) ليس من النوع الذي تود أن تعبث معه سواء كنت كائنا غريبا همجيا أو آكلا للحوم البشر أو كقوة الشر الشرهة لورد مارشال (كولم فور) في «الكرونيكيلز». لقد قصد لورد مارشال العالم المهجور والمدمر ورجع وهو الآن يعتبر نصف حي ونصف شيء آخر. لقد قام بإيجاد جيش من المرتدين يطلق عليهم نيكرومونجورس ويقوم باستخدام خدمه للبدء بالحملة الصليبية العاشرة للسيطرة على العالم. لقد تم احتجاز ريديك في كوكب منذ السنوات الخمس الماضية لحماية جاك الفتاة التي قامت بتمثيل دور صبي في الفيلم الأول. لكنه يقوم بالهرب وسرعان ما تقوم مجموعة كبيرة العدد من المرتزقة الصيادين بقيادة توماس (نيك شينلد) بتعقبه ويقتربون من الإمساك بآخر فرد من جنس الفوريون. ولكن هناك أربعة عناصر فقط من المرتزقة ويستطيع ريديك الذكي ذو القوة الخارقة بالتفوق عليهم بسهولة ويسيطر على مركبتهم الفضائية ومن ثم يتجه نحو برايم هيليون لمواجهة الرجل الذي قام بخيانته قبل سنين امام (كيث ديفيد ـ مكررا دوره في «بيه بي»).

عندما يصل إلى هيليون المتعددة الثقافات والتي تمتاز بالحرية الدينية، يعلم ريديك بخطط لورد مارشال للسيطرة على العالم تماما في اللحظة التي تهبط فيها جموع القائد الشرير نيكرومونجورس ـ كائنات بشرية مرتدة عقليا تم تمرينها على تنفيذ أوامر سيدها ـ على الكوكب المسالم وتعيش فساداً. يقوم ريديك بمحاربة المقاتلين المتحولين متفوقا عليهم في كل مرة حتى يتم الإمساك به ليس من قبل نيكرومونجورس بل من التومبوس ومرتزقيه الموظفين حديثا. تتألف خطتهم من أخذ الفيورين إلى الكوكب السجن في كريماتوريا حيث تبلغ درجة الحرارة في النهار 700 درجة، ويقوموا بتبادل السجين مقابل مكافأة مالية ضخمة. عندما يعلم ريديك القوي والمحتال أن جاك محتجز هناك يسمح لمحتجزيه لنقله من دون قتلهم، ليستطيع تنفيذ مهمته على الأقل.

فين دينزيل يمتلك حضور كفء وهام كأي بطل حركي مقاتل صاحب شعبية، ومن الواضح أنه يحب هذه الشخصية كي يعود بجزء ثان من أجلها، في حين أنه رفض اشتراكه في جزء ثان من فيلم «السرعة والغضب». ليس فهذا فحسب، دينزل ممثل يحمل سمات تمثيلية كما يحمل عضلاته. لكن شخصيته مبالغ بحضورها وقدراتها وصوتها من قبل صانعيها، في الفيلم الأول كانت شخصية أكثر غموضاً وتقبلاً لأننا تعرفنا عليه بطريقة أكثر تنظيما. كما أنها شخصية لا تستطيع إنقاذ الفيلم من عيوبه أو من رداءة الطاقم المساند له. ما يشفع قليلاً للفيلم أن مخرج وكاتب الفيلم ديفيد توهي يبقى وفياً لشخصيته الرئيسية ريديك بنفس اكتئابها وسخريتها، ولا يجعله أبداً يدخل تحت دور «الرجل الطيب». إذا أنقذ أبرياء، لأنهم يتابعون السير معه. إذا أنقذ العالم أو ما شابه، ليس لأنه يهتم بالناس كثيراً، بل لأنه يريد الفرار بجلده ومع صديق أو صديقين من هذا الكون يهتم بأمرهم. وعندما يعلم أنه آخر أفراد السلاسة القادرة على إنقاذ البشرية من دمارها على يد الأشرار، لا يتخلله أي حيرة أو توتر. عوضاً عن ذلك، ينطلق للبحث عن «جاك الصغيرة» أو كيرا، والذي علم أنها مسجونة في أسوء سجون الكوكب، مكان يجعل ريديك مرتاح وفعال للغاية. من الصعب أن نقرر تحديداً هل مشكلة الفيلم الرئيسية هي السيناريو المبتذل، تحريره المرتبك، المؤثرات الخاصة المبالغ بها، أم اجتماع كل هذه الأمور معاً. لكن من الواضح أن نهاية «وقائع ريديك» تفشل بالوصول إلى أقصى ما كانت تبتغيه، وكل هذا بسبب إزعاجه لنا بحبكة هشة القوام وصعبة التفسير. الفيلم يفي غرض أي شخص يريد إمضاء ساعتين جديدتين مع إحدى أهم الشخصيات التي ظهرت في أي فيلم خيالي مرعب في السنين الأخيرة (بالإشارة إلى ريديك، وهو فقر في عالم أفلام الرعب الحركية الجيدة)، لكن مع قصة مخيبة للأمل تصب تركيزها على أفضل ما مر علينا من قبل في (ظلام دامس)، يسبب سقوط للفيلم ومعاناة روتينية في معظم أوقات الفيلم.

أيضاً النهاية تلمح إمكانية حدوث مغامرة أخرى لريديك، صدور جزء جديد لهذه الشخصية ما زال موضع شك، لكن المحتم والأكيد أن «وقائع ريديك» ليس جيدا بما فيه الكفاية كي يستحق جزءا لاحقا له.