الفنان هشام يانس لـ«الشرق الأوسط»: الشعوب العربية من قرر أن شر البلية ما يضحك والمسرح السياسي يعري الشخصية ويركز على نقاط ضعفها

TT

أرجع الفنان الكوميدي هشام يانس جذور العنصر السياسي في العمل المسرحي إلى الدراما الإغريقية القديمة أو التراجيديات. متسائلا عن مدى التأثر أو التأثير الذي حققه المسرح السياسي على مجمل المتغيرات السياسية الدولية والمحلية، ليجب على نفسه بالقول «إن بعض المخرجين يعيب على المسرحيين متاجرتهم بالمكبوت السياسي العربي، جاعلين من مسرحهم أشبه بكباريه سياسي يتم فيه التنفيس عن كوابت المشاهد، ومتهمين البعض بالتواطؤ مع السلطات الرسمية من خلال منح هامش من الحرية لأشخاص معينين للتنفيس بطريقة آمنة عن غضب وقهر الشعوب العربية تجاه ما يتعلق بمجمل القضايا العربية والإسلامية، إذ تعد أداة حكومية وليست لسان يعبر عن الشعوب، إضافة إلى استغلال هذه القضايا لنكأ جراح الأمة باستخدامها مادة فنية للدعابة والسخرية من أجل استقطاب الجماهير.

وتأتي مسرحية «أكوي» التي تعرض حاليا على خشبة مسرح عمان لتشرح هذا الحال، محدثة جدلا كبيرا، خاصة أن يانس يتقمص شخصية الرئيس العراقي السابق أثناء أسره ومن حوله أعداد كبيرة من المواطنين الدين ينظرون إليه باعتباره ضحية تارة، ومتهما تارة أخرى، فيما يعتقد قسما آخر أن من وقع في الأسر هو شبيهه.

ويؤكد هشام يانس أن من واجبات المسرح السياسي أن يتناول مجمل القضايا الدولية والمحلية بلا أي حرج، مشبها المسرح السياسي بالطبيب الذي يشخص المرض وشرح أعراضه وطرق علاجه والوقاية منه للمريض. مضيفا انه من خلال أول مسرحية سياسية قام بها سر بردة الفعل المبهرة في كافة أرجاء الوطن العربي، والذي تدافع بعد ذلك على المسرح السياسي الكوميدي لملامسته نبض الشارع العربي لطرح هموم وقضايا الأمة.

ويعزو الفنان الأردني ميل معظم الفنانين للإنتاج الخاص للاحتفاظ بحرية الإنتاج «يجب أن لا يخضع العمل المسرحي السياسي لأي جهة أو مؤسسة حكومية رسمية»، كي لا يمثل الفنان اتجاه سياسي معين عوضا عن تمثيل الشعوب كافة. ودفاعا عن مجمل التهم التي وجهت له ولزملائه حول متاجرتهم بالمكبوت السياسي ونكأ جراح الشعوب العربية من خلال طرح القضايا العربية بأسلوب تهكمي بقوله «إن الشعب العربي أصبح يضحك ويضحك ليس لسعادته وإنما لشدة ألمه، فهو من قرر أن شر البلية ما يضحك». ويضيف أنه يتعامل بأدب ودبلوماسية في تقليده لبعض الشخصيات العربية الرسمية، لكنه يعزو سبب التركيز في مسرحياته على بعض الشخصيات كونها رائعة مسرحيا لكاريكاتيرها الخاص، الذي يعد مادة جيدة للتقليد والإضحاك، موضحا انه يراقب رسامين الكاريكاتير كصلاح شاهين وأبو محجوب وغيرهم ممن يقومون بالمبالغة في رسم الخطوط.

واشار إلى أن المسرح السياسي الكوميدي لا يتدخل في السمات الشخصية إنما يتناول الموقف السياسي ذاته، والذي يجب أن يظهر ظريفا لإضحاك الناس عليه وليس على الشخصية ذاتها، فهو يعد تشخيص كاريكاتوري لحالة معينة، يقوم على تعرية الشخصية بالتركيز على نقاط الضعف ونقد عيوبها. أما فيما يتعلق بدور الحكومات في انتشار ظاهرة المسرح السياسي ومدى تشجيعهم للحريات الفنية والثقافية يقول «إن الفنان على علاقة متذبذبة مع الحكومات، ففي بعض الأحيان تقف الحكومات موقف الحياد، وأوقاتا أخرى المساءلة والمعارضة». كما يؤكد على أن الحرية تنتزع وتكتسب ولا تقدم، مشيرا إلى أنه لم تتم مساءلته أو اعتقاله من قبل أية حكومة، «وإنما للأسف تم تعميم اسمي على حدود عربية مختلفة». متعجبا من اعتقاد البعض أن آلهة لا يمسوا وأنهم مقدسون لا يمكن طرح قضيتهم. موضحا أن رأي الشعب بكافة طبقاته هو الأساس.

ويستدرك بقوله «إن المؤسسات كانت أكثر قسوة عليه من الحكومة، إذ حاولوا حجب الصحافة عنه كما حاولت لجنة النقابات تهديده ونشر اسمه في قوائم لعرقلة أعماله الناجحة. مشيرا إلى القضية التي رفعت ضده من قبل نقيب المحامين الأردنيين العرموطي لسخريته من الصحاف في أدواره المسرحية.

ولا ينفي يانس زيارته لإسرائيل فيقول «زرت فلسطين، وهي طني، فقد عشت في مخيم فلسطيني وترسخت في ذاكرتي آلام أمتي، أما ما تردد عن زيارتي لقبر اسحق رابين كان تضخيما من قبل الصحافة ومنافيا للوقائع الحقيقية». وعن أكثر المواقف التي تسببت بإحراج شديد له كان سقوطه في حضن الملك حسين عند انحنائه لتحيته بعد انتهاء مسرحية نظام عالمي جديد، والذي كان قد حضرها بنفسه لمشاهدتها، والتي ضمت في بعض مشاهدها تقليدا لشخص الرئيس.

* هشام يانس في سطور

* يعد المخرج والكاتب والممثل هشام يانس أحد أبرز الفنانين العرب في تأدية أدوار الشخصيات السياسية، وهو صاحب مسرح هشام السياسي، كتب 82 مسلسلا تلفزيونيا و15 مسرحية سياسية، أشهرها: نظام عالمي جديد، مؤتمر قمة عربي، السلام يا سلام، التطبيع، أهلا حكومة، الحصار اللي صار، الصدمة، صدام، إضافة إلى مسرحية أكوي.