أفلام الخريف.. موسم مغازلة الأوسكار

الدنمارك تشارك بفيلم تجريبي لم يرض سينمائييها والبرازيل تحضر بفيلم عن غيفارا واوليفر ستون يعود بانتاج ضخم بعد غياب 4 سنوات

TT

ربما لن نستطيع أن نعرف بالتحديد متى بدأت هذه العادة السينمائية السنوية لدى هوليوود، ففي الربع الأخير من كل عام، وبعيدا عن انفجارات الصيف ومؤثراته الخاصة، تبدأ استديوهات هوليوود وشركات التوزيع السينمائية في طرح أفلامها الأكثر حظا في نيل الجوائز، ونظرة سريعة على أفلام السنوات القليلة الماضية تؤكد أن سياسة موسم الخريف هذه عززت حظوظ أفلام كثيرة لتلقى التكريم في موسم الجوائز في الربع الأول من العام التالي.

قبل استعراض الأفلام المقبلة المؤهلة، سنتعرض لأفلام سبق أن طرحت للعرض في أميركا الشمالية، وقد تجد لها مكانا حين يأتي موسم التكريم، هناك «دوغفيل» Dogville للمخرج الدنماركي لارس فون تراير مع نيكول كيدمان، ورغم أنه من إنتاج العام الماضي إلا أن شركة «ليونز غيت» فضلت أن تؤجل عرضه تجاريا بعيدا عن سنة «سيد الخواتم» الذي لم يترك لغيره الكثير من الجوائز العام الماضي، لكن «دوغفيل» في الحقيقة لا يملك فرصة كبيرة للنجاح، فالانتقاد القاسي ـ وربما غير المبرر ـ الذي يوجهه الفيلم للمجتمع الأميركي وعلاقته بالدخلاء، وكذلك عرضه قبل الموسم بوقت طويل، بالإضافة إلى كون كل من تراير وكيدمان يملكان أفلاما أخرى مؤهلة هذه السنة قد تضعف فرص الفيلم كثيرا، (الدنمارك اختارت فيلم تراير الآخر الذي أخرجه بالاشتراك مع مواطنه جورغين لث «العوائق الخمس» The Five Obstructions ليكون اختيارها الرسمي لهذه السنة للدخول في منافسات الأوسكار، وهو ما أثار حفيظة عدة سينمائيين دنماركيين بحجة أن فيلما مثل «العوائق الخمس» بأسلوبه التجريبي الغريب لا يناسب أعضاء الأكاديمية كثيرا). هناك أيضا «فهرنهايت 9/11» ومخرجه مايكل مور، الذي قرر أن يتخذ خطوة جريئة وذكية حين اختار عمدا أن يعرض الفيلم تلفزيونيا حتى يكون غير مؤهل لدخول منافسة فرع أفضل فيلم وثائقي في مسابقة الأوسكار، بينما لا يزال المجال مفتوحا له كأفضل فيلم، وهي مخاطرة محسوبة جيدا، ذلك لأن فوز مور مرة ثانية في أقل من سنتين بأفضل وثائقي قد يكون مستبعدا بينما يعرف مور في الوقت نفسه أن الأكاديمية لن تستطيع تجاهل فيلمه بالكامل، هناك أيضا «الإشراقة الأبدية للعقل النقي» Eternal Sunshine of the Spotless Mind الذي أصبح من شبه المؤكد أن يحجز لكاتبه تشارلي كوفمان ترشيحا في فرع أفضل سيناريو أصلي.. أفلام أخرى لها حظوظها في بعض الفروع الرئيسية: «آلام المسيح» لميل غيبسون رغم كل الجدل حوله، وأيضا Collateral لمايكل مان وتوم كروز.

نأتي الآن لأفلام الأشهر الثلاثة المقبلة، فيما تبقى من سبتمبر، البرازيلي ولتر ساليس يقدم «يوميات الدراجة النارية» عن رحلة على دراجة نارية قام بها تشي جيفارا في الخمسينات، الفيلم الذي لقي ترحيبا كبيرا في مهرجان كان ربما يقدم لساليس ما قدمه له فيلمه السابق «محطة مركزية» Central Station حين ترشح لأوسكار عام 98 لأفضل فيلم أجنبي. بينما جوليان مور التي أصبحت اسما مألوفا في موسم الجوائز، قد تعود هذه السنة بإثارة نفسية عن أم عازبة تفاجأ بأن طفلها ذا الثماني سنوات والذي توفي حديثا قد يكون بالكامل من صنع مخيلتها في «المنسي» The Forgotten. وفي سبتمبر أيضا، الحائز على الأوسكار كريس كوبر سيلعب دور سياسي يشعر بالخطر على حملته السياسية بعد اكتشاف جثة في «مدينة سلفر» Silver City ، الفيلم الذي يخرجه جون سيلز الذي عمل سابقا مع كوبر في «النجمة الوحيدة» Lone Star ربما يأتي كدعاية ديمقراطية وقت الانتخابات لكن ربما تكون لنتائج الانتخابات نفسها أيضا يد في تكريمه لاحقا.

في أكتوبر سنجد ديفيد رسل صاحب «ثلاثة ملوك» يجمع بين عدد كبير من الأسماء المشهورة (داستن هوفمان، جود لو، نعومي واتس، مارك ويلبرغ الخ..) في كوميديا وصفتها فوكس القرن العشرين في دعاياتها الترويجية بـ«كوميديا وجودية» قد تجد لها مكانا واسعا في جوائز الـ«غولدن غلوب» لهذه السنة. في نفس الوقت يحاول الممثل جيمي فوكس لعب دور مغني البلوز الشهير والكفيف ري تشارلز في فيلم «راي» Ray تحت إدارة تيلور هاكفورد صاحب الفيلم الوثائقي عن الملاكم محمد علي كلاي «عندما كنا ملوكا». وفي نفس الشهر أيضا ستطرح دريموركس فيلمها الرسومي ثلاثي الأبعاد Shark Tale «قصة سمك قرش» وهو ما سيضمن لها من الآن ترشيحين في فرع الأفلام الرسومية بهذا الفيلم و فيلمها الآخر «شريك 2». أليكسندر بين الذي أخرج «حول شميدت» وقبله Election يتعاون هذه السنة مع الممثل باول غايماتي ، الذي يبدو أنه أصبح ممثلا رئيسيا بعد رائعة العام الماضي «الروعة الأميركية» American Splendor) ليقدما معا Sideways، الدراما الكوميدية عن مدرس وروائي فاشل، طلقته زوجته حديثا، يقرر القيام برحلة لأسبوع إلى كاليفورنيا مع صديقه الممثل السابق.

في نوفمبر، أوليفر ستون يعود للسينما الروائية بعد أربع سنوات أمضاها في صنع ثلاثة أفلام وثائقية، وهي عودة ضخمة حتى بمعايير ستون نفسه (ميزانية الفيلم تقدر بـ150 مليون دولار)، اسم الفيلم Alexander، ويلعب فيه الممثل الآيرلندي كولن فيريل دور الإسكندر الكبير، الفاتح المقدوني الذي قاد جيوشه لأكثر من 35 ألف كيلومتر لفتح 90 % من العالم المعروف حينئد وهو لم يتجاوز الخامسة والعشرين، الفيلم يملك فرصة حقيقية لعدة ترشحيات، من بينها أفضل فيلم وأفضل ممثل لفيريل. في نفس الأسبوع تطلق بكسار بالتعاون مع ديزني فيلمها الأخير «الرائعون» The Incredibles كوميديا رسومية عن عائلة من السوبرهيروز (الأبطال الخارقين) تحاول أن تعيش حياة هادئة تضطر للعودة للعمل مرة أخرى لإنقاذ العالم. بكسار، التي تعودت إنتاج فيلم ناجح كل عام، تخاطر نسبيا حين تقدم قصتها لأول مرة حول شخصيات بشرية بدلا من عوالم الألعاب أو الحيوانات التي برعت فيها كثيرا. شهر نوفمبر سيشهد فيلما رسوميا آخر من إنتاج رونر برذرز: The Polar Express، من إخراج روبرت زيمكس عن مغامرات طفل صغير مع سانتا كلوز وبتقنية جديدة تشابه تلك التي استخدمت مع شخصية «غولوم» الشهيرة في سلسلة «سيد الخواتم»، وبأخذ فيلم «شريك 2» في الاعتبار، فربما يكون عام 2004 هو أول عام يشهد منافسة حقيقية في فرع الأفلام الرسومية لجائزة الأوسكار منذ إنشائه في 2001. في نوفمبر أيضا، وكما عودت جمهورها منذ بضع سنوات، ستكون نيكول كيدمان حاضرة في نهاية السنة الحالية بفيلم آخر هو «ولادة» Birth ، دراما وغموض حول أرملة تصبح مقتنعة بأن روح زوجها المتوفي عادت لتتجسد في شكل طفل ذي عشر سنوات، الفيلم أثارت إعلاناته من الآن شيئا من الجدل لوجود مشهد قبلة فيه بين كيدمان والطفل الذي يلعب دوره كاميرون برايت، ومن المحتمل أن يمنح الفيلم كيدمان ترشيحها الثاني. أما المخرج الألماني مارك فورستر فيعود لأول مرة منذ حفلة الوحش Monster"s Ball قبل 3 سنوات، «البحث عن نيفرلاند» Finding Neverland من بطولة جون دب وكيت وينسلت وآخرين، هو محاولة لفهم الظروف التي دفعت جي ام باري لكتابة رائعته الكلاسيكية للأطفال «بيتر بان». وفي نفس الأسبوع الثاني من نوفمبر، بيل كوندون الذي أخرج قبل سنوات «آلهة ووحوش» عن آخر أيام المخرج جيمس ويل (كتب أيضا نص الفيلم الموسيقي «شيكاغو»)، يقدم هذه المرة نظرة على حياة ألفريد كينسي الباحث الرائد في مجال الدراسات الجنسية، ويقوم بدوره ليام نيسون بمشاركة لورا ليني وكريس أونيل.

في نوفمبر أيضا ستطرح سوني بكتشرز كلاسيك (الفرع المختص بالأفلام المستقلة والأجنبية في شركة سوني) آخر أعمال المخرج الإسباني بيدرو ألمودفار «تعليم رديء» Bad Education عن تأثير المدارس الدينية إبان عهد الجنرال فرانكو في حياة صديقين حميمين، آخر فيلمين لألمودفار «كل شيء عن أمي» و«تحدث إليها») لقيا نجاحا واسعا في موسم الجوائز في الولايات المتحدة و«تعليم رديء» لن يكون استثناء من ذلك كما يبدو.

في ديسمبر، مايك نيكولاس في الثالثة والسبعين من عمره، لا يزال يواصل مشواره السينمائي بفيلم «أقرب» Closer وبطاقم تمثيل مثير: جود لو، ناتاليا بورتمان، كليف أوين وجوليا روبرتس في دراما عن العلاقات بين أربعة أصدقاء: شابين وفتاتيهما. بينما الصيني ييمو زانغ الذي شهدت أعماله السينمائية تغييرا دراماتيكيا، فإنه هذه السنة وبعد أفلام رقيقة وذات طابع رومانتيكي مثل: «أوقات سعيدة» Happy Times و«الطريق للمنزل» The Road Home، يعزز حضوره بملحمتين عن فنون القتال، فبينما تصدر فيلمه «بطل» Hero شباك التذاكر في الولايات المتحدة لأسبوعين متواصلين، فإنه ينتظر في ديسمبر عرض فيلمه الآخر: «عشاق» Lovers، وإذا كان فيلمه «بطل» سبق أن دخل منافسات الأوسكار قبل سنتين من دون ضجيج يذكر، فربما تكون هذه السنة هي فرصة أعضاء الأكاديمية لتكريم زانغ وشكره عن فيلميه .

مارتن سكورسيزي، وبعد آخر مشاريعه الكبيرة قبل سنتين مع «عصابات نيويورك»، يقدم في ديسمبر وبالتعاون مع ليوناردو ديكابريو مرة أخرى أحد أهم الأفلام المنتظرة لهذه السنة: «الملاح الجوي» The Aviator عن السنوات المبكرة لحياة أحد أغرب شخصيات القرن العشرين: هوارد هيوز، المنتج السينمائي الذي سحر ممثلات هوليوود، والملاح الجوي الذي كسر عدة أرقام قياسية، ورجل الأعمال الذي استعانت به وكالة المخابرات المركزية لاستعادة غواصة نووية سوفياتية غارقة قرب هاواي. ينافس سكورسيزي في نفس الأسبوع المخرج المقل جيمس ل. بروكس، الذي أخرج أربعة أفلام حتى الآن، 3 منها رشحت لأوسكار أفضل فيلم (من بين أفلامه: "شروط المحبة" و"أفضل ما يمكن")، في فيلمه الجديد Spanglish، بروكس يعود إلى نفس النوع الكوميدي الرومانسي الذي ضمن له النجاح حتى الآن، امرأة مكسيكية وابنتها تهاجران إلى أميركا للعمل في بيت الطباخ آدام ساندلر وزوجته غير المستقرة تيا ليوني، في نفس الأسبوع الساخن أيضا، يأتي ثنائي قوي هو الفرنسي جان ـ بيير جيونت والممثلة أودري توتو الذين عصفا بالجمهور بينما قبل 3 سنوات برائعتهما البديعة "أميلي"، "علاقة طويلة جدا" A Very Long Engagement الفيلم الذي تشارك فيه الأميركية جودي فوستر يحكي قصة ماتيلدا، الفتاة الفرنسية العنيدة التي تصر على معرفة مصير حبيبها الجندي الذي قررت المحكمة العسكرية الفرنسية أثناء الحرب العالمية الأولى تركه في المنطقة المحايدة بين المسعكرين مع أربعة من زملائه عقابا لهم لمحاولتهم التهرب من الخدمة. في الرابع والعشرين من ديسمبر. السويدي لاس هالستروم يعود مرة أخرى إلى مزيد من الشخصيات المجروحة التي تبحث عن الشفاء ، في «حياة غير مكتملة» An Unfinished Life، المرأة اليائسة جنفير لوبيز تنتقل مجبرة هي وابنتها إلى بيت والد زوجها روبرت ريدفورد، فيما تبدو فرصة إجبارية لفحص علاقتهما وماضيهما المتوتر. وفي نفس الأسبوع أيضا، تنضم غوينيث بالترو من جديد إلى جون مادن المخرج الذي جلب لها أوسكارها الوحيد في «شكسبير عاشق» قبل 6 سنوات، في فيلمه الجديد «برهان» Proof . بالترو تلعب دور كاثرين الفتاة التي تحاول مساعدة والدها المحتضر العجوز المخرف، أنتوني هوبكنز، الذي كان يوما ما عالما عبقريا في الرياضيات.

الإسباني أليخاندرو أمينبار (أخرج فيلمي «افتح عينيك» و«الآخرون») يطلق فيلمه الجديد «البحر من الداخل» The Sea Inside في السابع عشر من الشهر، الفيلم الذي حاز جائزة لجنة التحكيم، ومنح خافيير بارديم جائزة أفضل ممثل في مهرجان البندقية الذي اختتم قبل أيام يحكي قصة ريمون سامبيدرو، الاسباني المعاق الذي قاد لثلاثين سنة حملة لإجازة القتل الرحيم وللحصول على حقه في أن يموت.

ويس أندرسون الذي جلب انتباها عالميا بفيلمه «عائلة تنينبوم الملكية» The Royal Tenenbaums قبل 3 سنوات، وقبله كان قد كون جمهوره الخاص بكوميديا خاصة أيضا، يشترك مع بيل موري للمرة الثالثة في فيلم The Life Aquatic with Steve Zissou ، وبالإضافة إلى طاقم الشخصيات الغريبة، فأندرسون هنا يضيف عنصري المغامرة والفانتازيا إلى الفيلم الذي ربما يلقى نصه الأصلي حول مغامرات ستيف زيسو (بل موري) تحت الماء شيئا من التكريم.

واستمرارا لموضة الأفلام الموسيقية العائدة أخيرا، يقدم جويل شومايخر نسخة سينمائية عن مسرحية الكاتب الموسيقي أندرو لويد ويبر «شبح الأوبرا» The Phantom of the Opera عن موسيقي مشوه الشكل يعيش مختبئا في دار للأوبرا في باريس، ويعشق إحدى المغنيات الشابات فيه. الفاحص لتاريخ شومايخر (من بين أفضل أعماله «كابينة الهاتف») سيلحظ أنه خيار غريب لإخراج فيلم موسيقي، لكنه على أي حال كان خيار أندرو لويد ويبر الأول والوحيد منذ عام 90 حينما بدأ العمل على المشروع الذي عرف ممثلين كثيرين قبل الاستقرار أخيرا على الاسكوتلندي جيرارد بتلر والشابة الأميركية ايميلي روسوم.