الممثل الصغير

TT

في عام 1979 كان الطفل جستن هنري وهو في سن الثامنة قد سجل اسمه كأصغر مرشح لنيل جائزة الاوسكار في دوره الموهوب في فيلم «كرايمر ضد كرايمر»، وهو يشاطر البطولة والديه في الفيلم داستن هوفمان وميريل ستريب.

وفي عام 1973 سجلت تاتوم أونيل اسمها كأصغر حائز على الاوسكار عن دورها في فيلم «بيبرمون»، وقد حملت الاوسكار وهي في سن العاشرة بفارق سنة واحدة عن آنا باكوين، وكلتاهما كانت في التاسعة حينما مثلتا الفيلمين.

وفي عام 1999 أدهش المخرج هندي الاصل شياملانا الجمهور بفيلمه «الحاسة السادسة»، وبطله الصغير هالي جول اوسمنت الذي رشح وهو في الحادية عشرة عن دوره هذا لاوسكار أفضل ممثل مساعد، بجانب ممثلين كبار من نوع مايكل كين، وقد أثبت هالي موهبته الفذة من جديد، حينما استعان به المخرج الكبير ستيفن سبيلبيرغ في فيلم «ذكاء اصطناعي» ليؤدي دور الصبي الآلي باتقان يعترف من خلالها المخرج سبيلبيرغ ان فكرة ألا يطرف الصبي الآلي بعينيه خلال الفيلم كانت من اقتراحات هالي نفسه! الممثل الصغير الموهوب والاستعانة به في أداء أدوار مهمة وأساسية في الافلام، لم تقتصر على السينما الامريكية وحدها، فأحد أهم الأفلام العالمية وابرز أفلام الواقعية الايطالية الجديدة «سارق الدراجة» لفيتوري دي سيكا اقتسم البطولة فيه الأب وابنه الصغير في بحثهما عن دارجتهم المسروقة. والمخرج الفرنسي الشهير فرانسوا تروفو كان قد استعان بصبي في فيلمه الشهير وأحد ابرز أفلام الموجة الفرنسية الجديدة «اربعمائة ضربة».

أما السينما الايرانية فالممثل الصغير وبطولته المطلقة للفيلم هو أحد ملامح هذه السينما الجميلة. فالمخرج مجيد مجيدي يعتقد انه يمكننا قول الكثير من خلال الاطفال الذين لا ينظر اليهم سوى بعين البراءة والنقاء وقد كان الصغار ابطالا لأشهر أفلام مجيدي مثل «لون الفردوس، اطفال الجنة» وكذا جعفر بناهي في فيلمه «البالون الابيض» وباهمان قوبادي في فيلم «زمن الجياد المترنحة». والمخرج الأشهر كياروستامي ايضا في فيلمه «اين بيت الأصدقاء» وأواخر أفلامه «عشرة» وهو يتخذ طريقته الخاصة في تعامله مع ممثليه الصغار، حيث يرى انه يجب ان ننزل كثيرا لمستوى أفكارهم وأحاديثهم حتى يمكننا فهمهم وتوظيف قدرتهم التلقائية على الأداء.

أما في السينما العربية فإن الممثل الصغير يبدو غائبا تماما فضلا عن أن يوكل اليه دور البطولة المطلقة في حالة من التجاهل المتعمد لفئة مهمة ومتأثرة اجتماعيا بشكل كبير مما ينعكس هذا الغياب التمثيلي سلبا على مستوى السينما عامة سواء من خلال اختيار قصص وكتابة سيناريوهات لأدوار معينة تم تحديدها مسبقا او من خلال اختفاء نوعية الافلام التي ارتبطت بالممثل الصغير عادة كالأفلام العائلية، وهذا ما يحتاج وحده لحديث آخر.