«طاش كرتون» .. تجربة متميزة يمكن أن تكون بداية ظاهرة تلفزيونية جديدة

TT

فاجأنا طاقم عمل المسلسل السعودي الأول «طاش ما طاش» هذا الشهر بحلقة كرتونية، الحلقة كانت بعنوان «طاش كرتون» وهي فكرة الثلاثي ناصر القصبي وعبد الله السدحان ومخرج المسلسل عبد الخالق الغانم والسيناريو قام بكتابته عادي عاشور.

في السنوات الماضية عانى المسلسل من ضعف واضح في مستواه الفني بالرغم من فتح المجال للناس بكتابة أفكارهم ونصوصهم وإرسالها للشركة المنتجة، لكن ذلك لم يساعد في تحسين أداء المسلسل، والسبب هو أن كل فكرة جديدة سواء كانت اجتماعية أو فكاهية تعامل نفس المعاملة الفنية بحيث أن كل حلقة تطابق الحلقة الأخرى في أسلوب العرض والتصوير، والمنتجون يتحملون اللوم على ذلك لعدم تغييرهم المخرج طوال السنوات الماضية مما جعل المسلسل مملاً ومكرراً في كثير من الحلقات وأيضاً متوقعا، ومع ذلك يعتبر «طاش» الأفضل مقارنة بالمسلسلات السعودية والعربية والأخرى، والدليل أنه الأكثر مشاهدة بالإضافة الى أنه يملك جمهورا خاصا من المعجبين يسانده ويدعمه.

لماذا لم يفكر المنتجون والعاملون على المسلسل بإعطاء الفرصة لمخرجين جدد ليقوموا بإخراج حلقات «طاش» ؟ ومنها يكتسب المسلسل روحاً جديدة ومميزة. في أمريكا مثلاً نجد أن المسلسلات الكوميدية ، التي هي من صنف «طاش» أو حتى التي ليست من صنفه، يخرجها مخرجون مختلفون في كل حلقة ونفس الشيء ينطبق على الكتابة والإنتاج. في حلقة «طاش كرتون» شاهدنا طريقة عرض جديدة، فالحلقة كانت متميزة وفريدة بفكرتها وشخصياتها ومستواها الفني الرفيع، فالرسوم والإخراج وأداء الأصوات كانت على أفضل ما يكون، ولم نشاهد لها أي مثيل على مستوى الإنتاج السعودي، القصة بدأت بمطاردة خطيرة بين دوريات الأمن وإحدى السيارات ولا علاقة لها بأحداث الحلقة لكن كانت استعراضاً رائعاً لقدرات الرسامين، وبعدها ننتقل إلى غرفة مظلمة نشاهد فيها فؤاد يبكي على فقدانه لخاله وإذا بنا نعود بالزمن من خلال عين فؤاد ونشاهد كيف فقد خاله، بعدها ننتقل لمغامرة قام بها فؤاد وزملاؤه عليان وسعيدان وهزار يواجهون فيها بعض المتاعب في رحلتهم المدرسية وتنتهي مغامراتهم بفقدان فؤاد خاله.

الشخصيات التي ظهرت في الحلقة : عليان وسعيدان وفؤاد وهزار تجتمع لأول مرة ونشاهدها مع بعض وهي من الشخصيات الشعبية والمتعددة لـ«طاش» والتي تعتبر ميزة ينفرد بها المسلسل عن المسلسلات الأخرى من نوعيته، فـ«طاش» صنع أو اخترع شخصيات لن ننساها، أمثال فؤاد وعدنان وأبو حسين وأبو مساعد وغيرهم ممن كان لهم أثر كبير نلاحظه حتى في أوساط مجتمعنا. بعد انتهاء عرض الحلقة وجدت آراء الأقارب والأصدقاء مختلفة ومتعارضة، والسبب كان يكمن في مفهوم «الكرتون» لديهم، فالبعض وصفها بحلقة «أطفال الخمس سنوات وما دون» وبعضهم قال بأنها كانت حلقة ممتعة له ولعائلته ومنهم من لم يشاهدها بمجرد معرفته بأنها كرتون.

في الغرب والشرق يختلف مفهوم الكرتون تماماً عن الذي لدينا، فهو يعتبر أداة أو تقنية فنية يستطيع أن يصنع بها الفنان مسلسلاً أو فيلماً ويوجه فيها رسالته لأي نوعية من المجتمع يريدها. لو أردنا أن نأخذ أعظم ما أنتج من الأعمال الكرتونية سنرى الفيلم الأمريكي «الأسد الملك ـ The Lion King » وهو فيلم عائلي يوجه رسالة عظيمة حول الوحدة والمحبة وأيضاً فيلم « Beauty and the Beast ـ الجميلة والوحش» المقتبس من الرواية العالمية الشهيرة، وكلا الفيلمين لوالت ديزني المتربع على عرش صناعة الكرتون.. وبالنسبة للمسلسلات هناك مسلسل The Simpsons الشهير والموجه للكبار والشباب وبعض الحلقات تكون عائلية وقد حقق نجاحاً كبيراً هناك وأيضاً على الصعيد العالمي ولا يزال يعرض حتى هذه اللحظة، وفي اليابان نشاهد أنهم وصلوا لقمة إبداعهم في هذا الفن بإنتاجهم السنوي الضخم، فالجميع لا ينسى بعض أعمالهم العظيمة مثل تحفتهم عن الحرب العالمية Grave of the Fireflies والذي لا ينصح بمشاهدته للذين يتأثرون بسرعة أو بمعنى آخر لذوي القلوب الضعيفة لاحتوائه على مشاهد عنيفة ومؤثرة تظهر لك فعلاً مدى بشاعة الحرب بالرغم من انه كرتوني!