أمسية لتطهير النفوس بالموسيقى العربية في باريس

فرقة الكندي المتعددة الجنسيات أطربت جمهورا فرنسيا لمدة ساعتين في مسرح المدينة

TT

كانت ساحرة على أكثر من صعيد بكل المعايير، الحفلة الفنية التي أحيتها فرقة الكندي العربية المتعددة الجنسيات والانغام والايقاعات والوجوه في ليلة باردة، احتضنتها خشبة مسرح المدينة بباريس قبل اسبوعين.

ولمن لا يعرف بالقدر الكافي فرقة الكندي نقول، ان مؤسسها هو عازف القانون الفنان الفرنسي والسويسري المسلم جوليا جلال الدين فايس، الذي جعل من منزله المملوكي في حلب صالونا تخلد فيه الموسيقى العربية الصالحة لمعالجة النفوس المريضة والمصححة لأفكار وصور استهلاكية سلبية تجذرت في خيال عدد غير قليل من الغربيين!.

قدمت ادارة مسرح المدينة «بشاتليه» هذه المرة الحفلة العربية تخليداً لذكرى ثلاثة شعراء عرب ارتبط ابداعهم الأدبي بالموسيقى العربية التقليدية التي عرفت أوج ازدهارها من القرن التاسع الى غاية الثالث عشر، وعايش هؤلاء الشعراء القادة الافرنج الغلظ الذين قادوا الحروب الصليبية المعروفة. وهؤلاء الشعراء هم السوريان أسامة بن المنقذ، الذي احتفى به ووظفه روائياً أمين معلوف واشاد به المؤرخ الفرنسي اندري ميكال، وابن القيصراني والعراقي أبو المظفر الابوردي. وشهد الثلاثة أحداث تلك الفترة وساهموا في تأريخها وتسجيل وثائقها.

أطربت فرقة الكندي على مدار ساعتين تقريباً، جمهوراً فرنسياً كبيراً انتشى الى حد الثمالة وطالب بالمزيد ملحاً بتصفيقات حارة تردد صداها في القاعة أكثر من مرة. وكان المطرب والبلبل النحيل عمر سرميني سحر الفرنسيين في تلك الليلة الباريسية الباردة والممطرة واستطاع ان يطهر نفوسهم بسلسلة من الموشحات والوصلات بتواطؤ المايسترو جلال الدين، صاحب الاصابع الذهبية وأعضاء الفرقة «الفظيعين» دون استثناء! لقد صفق الجمهور الفرنسي لكل أغنية واثنى على كل عزف منفرد واكتشف طاقات موسيقية خلاقة. تعرف تناوب على «الغزوات» الموسيقية رفقاء الدرب، السوريان محمد قدري دلال وزياد قاضي أمين والمصري عادل شمس الدين والعراقي محمد قمر والسوري والدرويش الدمشقي هشام الخطيب، وتمكنوا كلهم من استنطاق زخم آلاتهم، ولم يكن من السهل عليهم الارتفاع الى مستوى الاعجاب الذي خصهم به جمهور مسرح المدينة الباريسي، وكم كانت أصيلة وجميلة تحياتهم بالرأس واليد على تصفيقات كان أصحابها بدورهم في مستوى جرعات طرب يصلح في كل زمان ومكان!.

والجديد بالذكر ان فرقة الكندي التي كونها جوليا جلال الدين فايس عام 1983 سجلت عدة اسطوانات جمعت الفنانين الشيخ حمزة شكور واديب الدايخ والدراويش الدوارين، اضافة الى الفنان صبري مدلل استاذ المطرب عمر سرميني الذي شد الانتباه عام 1998 في صالون حلب الموسيقي المؤسس في مسرح المدينة بباريس بفضل جوليا جلال الدين فايس.

وجلال الدين، الذي يؤمن بأن حبر الشاعر ثمين مثل دم الشهداء من مواليد باريس عام 1953، ويعد الموسيقي الغربي الأول الذي انبهر بالموسيقى العربية، اثر اكتشافه آلة القانون التي اصبح يطوعها بمهارة نادرة.