أفلام عن الإدمان على المخدرات والعنف والشوكولاته في مهرجان برلين السينمائي الدولي

TT

تستمر فعاليات مهرجان برلين السينمائي الدولي في دورته الـ51 بزخم كبير. في الايام الاولى عاش المهرجان لدى عرض الافلام «العدو على الابواب» و«تجارة» و«شكولاته» و«هانيبعل» تفاعلات مختلفة تراوحت بين الحماس والخيبة. حيث ان خيبة الامل الاولى التي عاشها المتفرجون والنقاد السينمائيون في المهرجان كانت في فيلم الافتتاح «العدو على الابواب»، الذي وصلت كلفته الى 180 مليون مارك، (اغلى انتاج سينمائي اوروبي حتى الآن). هذه الخيبة تنسحب ايضا على فيلم «هانيبعل» للمخرج ردلي سكوت، صاحب فيلم «صمت الحمل».

المخرج الفرنسي جان جاك اننو الذي أكد عبر افلامه «في البداية كانت النار» و«اسم الوردة» و«سبع سنوات في التيبت»، انتماءه الى المخرجين الكبار في اوروبا، ويؤكدها هنا في فيلمه الجديد «العدو على الابواب» ايضا من خلال براعته الحرفية وجماليات اللحظات الكثيرة المثيرة التي ينقلنا بينها المخرج، والتي تشكل مشاهد القنص اهمها. هذا مع عملية شد ورخي متزامنة ومترافقه مع حركة سريعة ومباغتة للكاميرا من زوايا مفاجئة وغريبة. المخرج ينجح في هذا الفيلم بتحريك الجموع مثلما ينجح في تحريك الممثل المنفرد.

موضوع فيلم «العدو على الابواب» الذي انتج في استوديوهات بابلسبرغ في جنوب برلين، ليس موضوعه، كما يبدو من العنوان، المعارك حول مدينة ستالينغراد في شتاء 1942 ـ 1943، انما يركز المخرج احداث الفيلم بشكل سريع على قناصين، الاول هو الروسي فاسيلي الذي تعلم القنص من جده وهو صغير في جبال الاورال، وبطريقة الصدفة يكتشف احد مسؤولي الدعاية في الجيش الاحمر هذه الموهبة لديه، عندما ينقذه بطلقاته من العدو. تستخدم موهبة القنص كدعاية لرفع الروح القتالية المنهارة لدى الجيش الاحمر، من خلال تصدر اخبار الانجازات، التي يحققها فاسيلي كل يوم، حين يذهب بين ابنية المدينة المنهارة، لكي يصطاد اعداءه من الضباط الالمان. هذا ما غير موازين القوى. ونتيجة الوضع الجديد يستدعي الالمان قناصا برتبة جنرال يسمى «الجنرال الملك» الى ستالينغراد، لكي يقضي على القناص السوفياتي فاسيلي. وتتابع احداث الفيلم عبر المحاولات المثيرة والفاشلة للجنرال الالماني في اقتناص فاسيلي. هذا المحور يترافق مع قصة حب بين فاسيلي ومجندة يهودية ترفض العلاقة مع قائد فاسيلي.

الانتقادات من قبل النقاد الالمان كانت كبيرة، واجمعت على انه لا يمكن اختصار معركة ستالينغراد، التي غيرت مجرى الحرب العالمية الثانية، الى مجرد حكاية قناصين، وكأننا نرى فيلم كوبوي اميركيا انتج في هوليوود. وان المخرج يقدم فيلم قتل من دون ان يقدم الأبعاد النفسية للشخصيات الاساسية، مع موقف منحاز بطريقة افسدت الجماليات الاخرى للفيلم، حيث يصور الفوضى والخيانة وعدم التنظيم التي يعيشها السوفيات المترافقة مع تأليه لشخصية ستالين بالمقابل لذلك التنظيم الالماني العالي بشكل لم يكن مبررا. اما المخرج فيدافع عن نفسه قائلا انه لا يهتم كثير بالمعارك، واهتمامه كان منصبا على كيفية انتاج الدعاية في ساحات المعارك. وصل المهرجان الى اول نقاطه المثيرة مع الفيلم Traffic للمخرج ستيفن سودربرغ والمستمد من المسلسل التلفزيوني البريطاني «ترافيك». الفيلم يدور حول حرب المخدرات، صحيح انه ليس كل الناس يتناولون مخدرات ولكن الكل يعانون من نتائج تناوله. حول هذه الفكرة تدور احداث الفيلم التي تجري بين الولايات المتحدة والمكسيك، وتتوزع على اربعة مستويات، واحد منها في المكسيك والثلاث الاخرى في الولايات المتحدة الاميركية، حيث تعلن الحرب على المخدرات وكأنها العدو الاول للامة الاميركية. ويستعد مايكل دوغلاس من اجل ان يخوض حربه ضد تجارة المخدرات ذلك مع تسلمه منصبه الجديد قبل ان يعرف انه لديه حرب داخل بيته، حيث ان ابنته الوحيدة تتناول الكوكايين مع اصدقائها في المدرسة من دون ان يعرف هذا مما سيفتح له حربا داخل البيت من اجل انقاذ ابنته من سيطرة المخدرات. المستوى الثالث، يتم القاء القبض على زوج بتهمة التجارة بالمخدرات ما يشكل صدمة عنيفة للزوجة حين تعرف ان زوجها قد بنى ثروته من خلال التجارة بالمخدرات وهنا يكون امامها خياران اما ان تترك الزوج والبيت واما ان تساعد زوجها بالتجارة فتقرر في النهاية مساعدة زوجها حيث تذهب الى تجار المخدرات في المكسيك لمتابعة العمل وتساعد على قتل الشاهد الرئيسي الذي يشهد في المحاكمة ضد زوجها. وفي النهاية يخرج الزوج من السجن. الخط الثالث يدور في المكسيك حيث يطلب من شرطي بان لا يتجاوز حدوده في مجال مكافحة المخدرات ولكنه يستمر بخوض صراعه الذي يأخذ طابعا شخصيا ضد الضابط الاعلى والتجار حتى يستطيع في النهاية الايقاع بقائده. لا يخلو الفيلم من نهاية نستطتع ان نعتبرها متفائلة حين يستطيع مايكل دوغلاس انقاذ ابنته. وحين يوقع الشرطي المكسيكي بقائده ويتسلم منصبه. ويجمع النقاد حتى الآن على افضلية هذا الفيلم وحظوظه في نيل جائزة المهرجان الدب الذهبي التي ستمنح 18 فبراير (شباط).

اما فيلم «شكولاته» اتى حسب التوقع فيلم يشبه الحكاية الخرافية فهو جميل ومريح كما قال النقاد عنه. يبدأ الفيلم بـ«كان يا ما كان» ووصول جوليت بينوش الى قرية فرنسية صغيرة مع ابنتها عام 1959 لكي تفتتحا محلاً لبيع الشكولاته. ومن خلال الحكاية التي ترويها الام لابنتها قبل ان تنام نعرف ان جوليت بينوش هي ابنة احد مكتشفين تأثيرات الشكولاته على الحواس الانسانية وان من واجبها نقل هذا الاكتشاف، لذلك هي في حالة تنقل مستمرة وصراع مع الناس التقليديين. وفي القرية الجديدة ينشأ الصراع الاول مع عمدة القرية والكنيسة ولكن شيئا فشيئا تستطيع بينوش بفضل تأثيرات الانواع المختلفة من الشوكولاته على الناس المكبوتين في القرية ان تربح المعركة وان تحررهم وتحرر حواسهم رغم سيطرة العمدة والكنيسة عليها.