..و صحافية اسكوتلندية تروي تجربة دمجها مع 100 جندي في العراق

TT

عندما تتذكر الصحافية الاسكوتلندية أودري غيلين تجربتها في تغطية حرب العراق مراسلة مُدمجة مع كتيبة عسكرية، لا يسعها سوى أن تقول "«إنه حقاً مذهل ما يستطيع الانسان فعله بدون أن يدري أن باستطاعته ذلك». أودري أرسلت من قبل صحيفتها «الغادريان» لتدمج مع وحدة فرسان «دي سكوادرون» التابعة للفرقة الجوية الضاربة البريطانية الـ16، وذلك على الرغم من نصيحة وزارة الدفاع البريطانية بعدم انتداب صحافيات إناث مع هذه الوحدة وقوات المارينز.

ولعله المذهل حقاً أن تعيش امرأة مدنية حياة عسكرية مع مجموعة من الرجال العسكريين في حالة حرب، وعلى الرغم من أن أودري تلقت تدريبات خاصة على تغطية الحروب، إلا أنها لا تنكر أنها أحست بالخوف في لحظة ما، وعلى الرغم من ذلك الشعور بالتخدير الذي يشعر به بعض الصحافيين في المواقف الحرجة عند قيامهم بتغطية قصة مثيرة، إلا أنّ ذلك لا يعني أن على الشخص ألا يكون حذراً، بحسب ما قالت غيلين لـ«الشرق الأوسط».

وفي الوضع الذي كانت فيه الصحافية الاسكوتلندية كان عليها أن تكون أكثر حذراً من العادة، لأنها تقبع وسط مجموعة من الجنود المدربين على مواجهة جميع الاحتمالات وكافة الظروف، لذلك كان يجب ألا تشكل عائقاً أمامهم في بأي شكل من الأشكال.

وعلى الرغم من جميع الأحكام المسبقة بأن وجود امرأة بين كتيبة الرجال سيشكل عبئاً، فإنّ وجود أودري كامرأة مدنية تحوّل إلى أمر ايجابي، حيث كان الجنود يتوجهون إليها عندما كانوا يريدون التحدث إلى شخص عن مشاكلهم ومخاوفهم، ولذلك استطاعت غيلين كتابة العديد من التقارير عن الحياة العسكرية من الداخل، خصوصاً أنها عاشتها بحذافيرها، من المبيت في الصحراء إلى مواجهة إنذارات الهجمات الغازية.

وكان على أودري التخلي عن الكثير من الرفاهيات بموافقتها على القيام بهذا النوع من التغطية، فالعيش بين كتيبة الرجال يعني مشاركتهم كل شيء، حتى أمكنة قضاء الحاجة والنوم. وتقول أودري «عندما تكون في حالة حرب فإنك تتوقف عن التفكير في هذه الأمور».

وتصف غيلين إحدى الحوادث بقولها «في إحدى المرات واجهنا انذارا بهجوم بالغاز، تبين في ما بعد انه كاذب، وقام أحد الجنود بإعطائي القناع الواقي قبل ارتدائه له شخصياً، عندما تكون أمامك 9 ثوان كحد أقصى للتصرف فإن التفكير بالآخر يعتبر انجازاً». أودري تقول إن جميع الصحافيين المدمجين يواجهون في لحظة تردداً حول تغطية جميع تصرفات الجنود، خصوصاً في حال ارتكبوا أخطاء، ففي النهاية فإنّ العشرة وحقيقة ان هؤلاء هم من يحمون الصحافي في النهاية تشكل ضغطاً نفسياً.

ورداً على سؤال حول ما إذا تعرضت لموقف مشابه لما جرى مع زميلها الأميركي كيفن سايتس في الفلوجة، تقول غيلين «ليس إلى هذا الحد... ولكنني في إحدى المرات قمت بتأجيل قصة لمدة يوم، لأنني اعتبرت أن أهل الضحية فيها كان لهم الحق في أن يعلموا بالموضوع قبل نشره».

وتضيف أودري أن وضعها حتم عليها الكتابة عن الحياة العسكرية أكثر من تفاصيل الحرب، لأن الدمج مع إحدى الوحدات يعني التخلي عن الصورة الأكبر والاكتفاء بزاوية واحدة، وعن فكرة أن يُدمج الصحافيون في كلتا الجهتين المتقاتلتين تقول «لو أن هذا قابل للتطبيق لكان الوضع مثالياً».