انيلا بايج.. ترفع بقلمها النقاب عن وجه أكثر بشاشة لمسلمي بريطانيا

أول محجبة تحصل على عمود في الصحافة الإنجليزية الرئيسية

TT

ربما يكون أول ما يفعله من يلتقط صحيفة التابلويد اللندنية «ذي صن»، المطبوعة اليومية الأكثر مبيعاً في بريطانيا، هو أن يقلب الغلاف ليتفحص «حسناء الصفحة 3»، وهو تقليد ترويجي كانت «ذي صن» رائدة فيه. وحتماً فإن آخر ما يتوقعه متصفح هذه الجريدة هو أن يجد فيها عموداً تكتبه كاتبة محجبة. فالـ«صن» عرفت في السابق بمواقفها التي توصف بالـ«معادية للمسلمين» وانتقادها لهم، كما تشتهر بولع محرريها بنشر صور العارضات شبه العاريات والمواضيع المثيرة. إلا أن حقيقة جديدة تمكث بين أيدي البريطانيين، حقيقة تعرف باسم انيلا بايج ـ أحدث كاتبة عمود في التابلويد التي تبيع ما يقارب 4 ملايين نسخة يومياً، لتكون بذلك أول كاتبة عمود محجبة في الصحافة البريطانية الرئيسية .mainstream انيلا هي صحافية بريطانية مسلمة من أصل باكستاني، وهي كذلك أم عزباء لطفل واحد، ولها من العمر 34 عاماً. وبمواصفات مثل هذه، فإن انيلا هي مرشح أفضل للانتقاد، وليس الانتقاء، من قبل الـ«صن». إلا أن الواقع أن محرري الصحيفة هم الذين عرضوا على بايج العمل لديهم، وذلك مباشرة بعد أن فازت الأخيرة بجائزة «أفضل كاتبة عمود 2004» عن كتابتها في صحيفة «يوركشاير بوست» المحلية في جوائز الصحافة الاقليمية Regional Press Awards، التي عقدت قبل أشهر. تقول بايج انها صدمت في بادئ الأمر، إلا انها وافقت على الفور بعد ذلك، خصوصاً أن الأمر «شكل تحدياً» بالنسبة اليها كونها تلتحق بمطبوعة تصدر على المستوى الوطني للمرة الأولى، وكونها الصحيفة الأكثر مبيعاً في البلاد، وما يترتب على ذلك من مسؤولية. وتضيف الصحافية في حديثها لـ«الشرق الأوسط» ان «هناك كثيرا من اللغط عن الاسلام والمسلمين، ولو استطعت تغيير رأي شخص واحد من خلال كتاباتي فسأكون أكثر من سعيدة بذلك، كوني حققت الكثير».

ولكن هل تعتبر جريدة مثل «ذي صن» المعروفة بمعاداة المسلمين الوسيلة الأمثل لتحقيق هذه الغاية؟ تجيب بايج «كان هناك حملات في الماضي.. إلا أن ذلك انتهى الآن». وتضيف «محررو الجريدة اخبروني انهم ضد التطرف بكل اشكاله.. كما ان الصحيفة معروفة بمناهضتها للعنف ودعمها لحقوق الاطفال». وتوضح قائلة «... لم يكن عندي مشكلة في التوقيع معهم بعد ذلك، لأنني أنا أيضا باعتباري مسلمة فإنني قطعاً ضد اشكال التطرف». وتضيف ان مقالاتها لا تتعرض لأي من الرقابة، على حد تعبيرها.

وتعتبر انيلا أنّ المتطرفين شوهوا صورة الاسلام في شكل كبير في مجتمعها، وتضيف إن «أبو حمزة (المصري) ومشاهد الذبح المتكررة على نشرات الأخبار لم تترك انطباعاً جيدا عن الاسلام لدى غالبية الناس». أما المواضيع التي تختارها بايج، فتقول انها تفضل الكتابة عن تجاربها الشخصية، وعن احاسيسها كامرأة مسلمة تعيش في هذا البلد، وهي مشاعر تحوي حقائق يجهلها كثيرون في المجتمع.

«أرجو ألا تخيفك صورتي» تقول انيلا في بداية احدى مقالاتها، ومن ثم تضيف «انا مجرد بنت تخفي صبغات شعرها تحت غطاء رأس». وتوضح الكاتبة «الكثير يجهل اننا (المسلمات) نهوى الموضة والمرح كذلك.. نحن بشر أيضا». في مقالة أخرى تنتقد قتلة مارغريت حسن (عاملة الاغاثة التي قتلت على يد جماعة اصولية في العراق) بقولها «ديننا يعظم من مكانة الأمهات، وتحديداُ يقول إن الجنة تحت أقدامهن. أما قتلة هذه السيدة فلا يليق بهم حتى تنظيف حذائها، خصوصاً وانها ساعدت عددا لا يحصى من أطفال العراق على أمل ان يحفظ لها مكان في الجنة، إلا أن الأمر نفسه لا ينطبق على من أخذ حياتها». ولا ترى انيلا أي مشكلة في أن تكتب في نفس الجريدة التي تتصدر صفحاتها صور العارضات شبه العاريات، وتنفي ان تكون قد تعرضت للتكفير أو المضايقات وتقول «بالنسبة لي ولأهلي لم يكن هناك مانع.. وهذا هو المهم». وتشدد الكاتبة البريطانية انه على الصحف ان تكون صادقة لجهة عكس واقع المجتمع الذي تصدر فيه، وتقول «في شوارعنا تجد المحجبة وتجد المتبرجة وكلتيهما تقبل بالاخرى.. هذا الحقيقة التي نعيشها، فلماذا لا نقبل أن نرى ذلك في الصحف؟». وتوضح انها تعتمد في شكل كبير على روح الفكاهة في مقالاتها، فـ«من المذهل ما تقدر أن توصله للقارئ من خلال دعابة» تقول الكاتبة التي كان أول مقال لها في الـ«صن» بعنوان «أمي... اسمحي لي بالخروج فعمري أصبح 34 عاماً».