محنة الخطف..ومأزق الإفراج!!

ديانا مقلد*

TT

كان يمكن للصحافيين الفرنسيين كريستيان شينو وجورج مالبرونو أن يلاقيا نهاية مأساوية على غرار تسعة وأربعين صحافياً قضوا هذا العام في مناطق مختلفة حول العالم والنسبة الأكبر منهم سقطوا في العراق. إلا أنه أريد أن تنتهي محنة الفرنسيين نهاية سعيدة تمثلت بإطلاق سراحهما بعد أن اختطفا في العراق لمدة فاقت الأربعة أشهر من قبل جماعة متطرفة طالبت فرنسا بإبطال قانون حظر الحجاب في المدارس وإلا قتلت الرجلين. وإطلاق سراح الصحافيين يحتاج إلى بعض التأمل خصوصاً بعد قراءة بيان الإفراج الذي أعلنه «الجيش الإسلامي في العراق»، الجهة التي كانت تحتجز الرهينتين. فقد أعلنت الجماعة هذه أن إطلاق الرجلين أتى بعد أن تبين أنهما ليسا جاسوسين لصالح الولايات المتحدة، كما أنه تمت استجابة لنداء ومطالب هيئات إسلامية وتقديراً لمواقف فرنسا من العراق وموقف الصحافيين من القضية الفلسطينية. مجدداً تؤكد تجربة الخطف القاسية التي مرّ بها كل من شينو ومالبرونو المأزق الذي نعيشه حين يصرّ البعض على عدم التمييز بين الصحافيين ومواقف دولهم سواء أكان ذلك من باب الإدانة أو الإشادة..لا فرق. إذ لا تقل المطالبة بقتل الصحافيين الفرنسيين بصفتهما فرنسيين عن المطالبة بإطلاق سراحهما كونهما متعاطفين مع الشعبين الفلسطيني والعراقي. وكم سمعت تعليقات من زملاء وأصدقاء مضمونها أن الخاطفين اختاروا الرهينة الخطأ حين أقدموا على خطف شينو ومالبرونو..وكأن هناك صوابا في احتجاز حرية إنسان وقتله لأنه من جنسية أو دين أو عرق معين.!! الاضطرابات السياسية والأمنية التي نعيشها والاستقطابات الحادة في المواقف خصوصاً حين يتعلق الأمر بالعراق وفلسطين يكاد يجرّدنا فعلاً من آدميتنا. وهنا لا يسعنا سوى تذكر عدد من الصحافيين الإيطاليين الذين اختطفوا وقتلوا في العراق بدم بارد، إذ حاول الخاطفون الملثمون الملوحون بالسيوف الردّ على مواقف إيطاليا من الحرب على العراق من خلال ذبح وقتل صحافيين ومدنيين. علماً أن الصحافة الإيطالية والرأي العام الإيطالي تمايز في كثير من الأحيان عن مواقف حكومته، وليس أدل على ذلك من المسيرات والتظاهرات الحاشدة التي سارت في إيطاليا ضد الحرب بالإضافة إلى سيل من المواقف والتصاريح التي انتقدت السياسة الإيطالية. إلا أن العصابات المقنعة في العراق والتي شهدناها تتفاخر بصورها وهي تقتاد رجالاً وأخيرا نساءً لتحتجزهم رهائن، لم تفعل سوى أن قتلت أشخاصاً أسندت إليهم عنوة مهمة تمثيل حكوماتهم ومواقف بلادهم. ترى هل لاحظ الخاطفون أن قناة تلفزيونية أميركية هي التي كشفت فضيحة تعذيب المعتقلين العراقيين في سجن أبو غريب!! وأن قناة أميركية أخرى هي التي صورت الجندي الأميركي الذي أعدم جريحاً عراقياً في أحد مساجد الفلوجة!! وإن كانت محنة الصحافيين الفرنسيين مدخل الحكاية إلا أنه لا بد من التعميم عند الحديث عن الضحايا الذين نحروا وقتلوا رداً على مواقف حكوماتهم وبلادهم..

لا تزال صرخات واستغاثات كينيث بيغلي ومارغريت حسن وكثيرين غيرهم تصمّ الآذان!!! [email protected]