إطلاق الصحافيين الفرنسيين .. نهاية سعيدة لعام إعلامي طغت عليه الدموية

TT

أعلنت «لجنة حماية الصحافيين» The Committee of Protecting Journalists أن العراق يتصدر قائمة العام 2004 لقتلى الصحافيين والعاملين في مهن مساندة للصحافة بنسبة تكاد تصل إلى النصف. وأوضحت اللجنة إن 89 صحافيا وعاملا في مهن مساندة سقطوا قتلى هذا العام في العالم بينهم 42 قتيلا في العراق وفقا لبياناتها من بداية العام.

ووفقا للجنة فإنّ 26 صحافيا قتلوا في العراق بينهم 23 شخصاً كان مقتلهم لأسباب مباشرة تتعلق بأدائهم لمهنتهم في خطوط النار في حين أن ثلاثة من القتلى مازالت التحقيقات جارية لمعرفة الأسباب الحقيقة لمقتلهم. كما قتل أيضا خلال الفترة نفسها 16 عاملا في مهن مساندة من مصورين ومساعدين ليصل إجمالي القتلى إلى 42 قتيلا في العراق. ويأتي قتلى العراق من ضمن إجمالي قتلى الصحافيين في العالم البالغ 89 قتيلا من بينهم 55 صحافيا متفرغا لمهنة الصحافة و17 عاملا في مهن مساندة للصحافيين من سائقين ومترجمين وغير ذلك. إضافة إلى 17 صحافي قتيل لأسباب لم يتم التأكد بعد من أن لها علاقة بالمهنة أم لا. اللافت هو أن عدد قتلى الصحافة تضاعف في العراق عام 2004 مقارنة مع العام 2003 التي أندلعت فيه الحرب. وبلغ عدد قتلى الصحافييين الفعليين في العراق منذ اندلاع الحرب في مارس (آذار) من العام الماضي 36 صحافيا قتيلا أثناء أدائهم لمهامهم الصحافية 23 منهم سقطوا عام 2004 و13 آخرون سقطوا عام 2003. ويتوزع القتلى حسب جنسياتهم إلى 18 عراقيا و9 أوروبيين وأميركي واحد وثلاثة من جنسيات عربية وخمسة من جنسيات أخرى ولكن من اللافت أن 34 من القتلى رجال في حين قتلت امرأتان فقط من الصحافيات اللائي ذهبن إلى العراق. وبشأن الأسباب المباشرة للقتل في العراق فإن المتمردين يتحملون مسؤولية قتل 19 صحافيا بسبب التفجيرات وأعمال العنف التي يقومون بها مقابل 9 سقطوا بنيران القوات الأميركية و3 بنيران القوات العراقية أثناء الغزو و5 آخرون سقطوا في ظروف لم تعرف أسبابها على وجه التحديد.

كما شهد عام 2004 اختفاء صحافيين اثنين أحدهما في العراق والآخر في ساحل العاج الأول هو عصام الشمري الذي اختفى في الفلوجة في منتصف أغسطس آب الماضي والثاني هو جاي أندري الذي اختفى في إيبيديجان في 16 أبريل (نيسان) في ظروف غامضة.

أما منظمة «مراسلون بلا حدود» فقسمت ضحايا المهنة لهذه السنة على الشكل التالي: القتلى 50 صحافياً و14 مساعداً، الأسرى 112 صحافياً و3 مساعدين، إلى جانب اعتقال 69 معارضا إلكترونيا. في موسكو، كان مدير مركز الصحافة في روسيا، اوليغ بانفيلوف، سباقاً في وصف العام 2004 بأنه «كان الاكثر دموية بالنسبة للصحافيين«. وقال بانفيلوف لاذاعة «صدى موسكو» «كل عام في روسيا يرتكب 20 الى 22 عملية اغتيال بحق صحافيين (معدل). غالبية هذه الاعمال جرمية لا علاقة لها بنشاطاتهم الصحافية». وتابع «هناك 150 الى 160 حالة اعتداء كل عام ضد صحافيين ونصفها على صلة بنشاطاتهم الصحافية».

وفي يوليو (تموز) الماضي شكّل اغتيال الصحافي الاميركي من أصل روسي، بول كليبنيكوف، رئيس تحرير الطبعة الروسية من مجلة «فوربس» الأميركية القتل المتعمد الاول لصحافي غربي في روسيا.

أما عربياً فاستمر لغز اختفاء الصحافي المصري رضا هلال يحير كافة المراقبين منذ أن انقطعت أخبار الأخير في العام 2003 . وكان قد تردد في القاهرة أن اختفاءه له علاقة بتأييده العملية العسكرية الأميركية في العراق. وتفيد المعلومات إن هلال البالغ من العمر 46 عاما، وهو أعزب، قد شوهد للمرة الاخيرة من قبل زملائه في الاهرام وأفراد اسرته قبل يوم من اختفائه. وكان قد طلب توصيل كباب إلى منزله بالقاهرة، وعندما حمل حارس العقار الوجبة إلى شقته لم يفتح الباب. وقد وجدت الشرطة الشقة خالية فيما بعد والباب مغلقا من الخارج. وتقول مصادر الشرطة إن تحقيقات جرت حول هذا الأمر لكن لا يمكن تحديد هل يرجع سبب اختفائه لعامل شخصي أو سياسي أو ما اذا كانت هناك جريمة وراء ذلك. ونسبت وكالات الأنباء إلى أعضاء في نقابة الصحافيين قولهم إنها ستكون سابقة خطيرة لو أن هلال كان قد اختفى بسبب آرائه السياسية التي ينشرها في عموده الأسبوعي في الاهرام. ويذكر أن هلال واحد من صحافيين مصريين قلائل لم يعارضوا الحرب التي قادتها الولايات المتحدة في العراق. أما في اليمن فيقبع رئيس تحرير صحيفة «الشورى» أشهر الجرائد المعارضة، عبد الكريم الخيواني، الموجود حالياً في السجن المركزي بالعاصمة اليمنية بعد حكم صدر ضده عقب كتابات ساخنة نشرها في صحيفته عن الجمهوريات الوراثية وتوريث الحكم، واتهم بالإساءة لشخص الرئيس. وقد لقي سجن الخيواني احتجاجا واسعا في أوساط المنادين باحترام الحريات داخل اليمن وخارجه. ووصلت موجة الاحتجاج والتعاطف مع قضيته إلى ولاية ميتشغن الأميركية حيث من المزمع أن ينظم ناشطون في الجالية اليمنية الأحد المقبل مهرجانا تضامنيا للمطالبة بإطلاق سراحه.

وقال الصحافي اليمني المقيم في الولاية علي طاهر الفقيه إن المركز الثقافي اليمني الأميركي سوف يستضيف مهرجان التضامن مع الخيواني وسوف توجه رسائل للمنظمات الدولية والنقابات المهنية للمساعدة على تبني قضيته والمطالبة بإطلاق سراحه.

إلا أن العام 2004 شهد في آخر أيامه بهجة إعلامية تمثلت في الإفراج عن الصحافيين الفرنسيين كريستيان شينو وجورج مالبرونو في العراق، وذلك بعد أكثر من أربعة أشهر من الاحتجاز. وكان الرئيس شيراك قرر العودة إلى باريس أمس مختصرا إجازة الميلاد في المغرب ليحضر مراسم استقبال الصحافيين إلى جانب أقربائهما. وقد أفرجت جماعة عراقية مسلحة عن الصحافيين الفرنسيين «لثبوت حسن موقفيهما تجاه القضية الفلسطينية وتقديرا لمواقف الحكومة الفرنسية تجاه العراق». وكان الصحافيان اختطفا مع سائقهما السوري محمد الجندي يوم 18 أغسطس( آب) الماضي ثم أطلق سراح السائق يوم 17 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي حيث عثر عليه الجيش الأميركي في الفلوجة. وكان مسؤولون فرنسيون أكدوا انه لم تدفع اي فدية في مقابل عملية اطلاق السراح هذه.