أحمد زكي من العمل في الورش .. إلى اسطورة سينمائية مصرية

TT

ولد احمد زكي (واسمه بالكامل احمد زكي عبد الرحمن) في الثامن عشر من نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1949 بمدينة الزقازيق شمال القاهرة في أسرة فقيرة، وسرعان ما توفي والده بعد ولادة ابنه الوحيد احمد بوقت قصير فتزوجت الأم من رجل آخر..

لم يكن هناك اي شيء في حياة هذا الطفل اليتيم الذي رباه جده وخاله يمكن ان يبشر بالمصير الذي سيؤول اليه، ولم يكن في هذا الطفل الاسود البشرة النحيل الضعيف المتوسط في تحصيل العلم ما يمكن ان يبشر بأنه سيصبح واحدا من اهم واكبر الممثلين والنجوم في تاريخ السينما العربية.

كيف حدث هذا؟

في المدرسة الثانوية الصناعية التي التحق بها كان كل ما تعد به حياته هو ان يتخرج بدون رسوب بعد ثلاث سنوات ليعمل في احدى الورش او المصانع او على الاكثر كمدرس صنايع ولكن القدر كان يعد شيئا آخر. تخرج احمد زكي من معهد الفنون المسرحية عام 1973 وكان الاول على دفعته ويبدو ان الفتى الذي كان يتخبط في حياته ودراسته من قبل عثر أخيرا على ضالته فتفوق. بدأ زكي حياته الفنية وهو لا يزال طالبا بالمعهد عندما ظهر في دور كوميدي صغير في مسرحية «هاللو شلبي» مع عمالقة الكوميديا في ذلك الوقت في دور شاب يحب التمثيل ويبحث عن فرصة حتى لو كانت دور رجل ميت! ثم قدم دوره الشهير في مسرحية «مدرسة المشاغبين» الطالب الخجول الصامت الذي يتورط في مصادقة الطلاب المشاغبين في المدرسة ويحسب عليهم.

في هذه الفترة الهامة من تاريخ مصر والامة العربية، بعد سنوات من نكسة 1967 وثورة الطلبة والبحث عن طريق جديد وموت عبد الناصر وتولي انور السادات وحتى حرب اكتوبر 1973 كل هذه الاحداث كانت تستدعي وجود فتي اخر يثور علي الفتي القديم، وهكذا ظهرت «جماعة السينما الجديدة» التي اسسها عدد من المخرجين الشبان وكان من اوائل اعمالها فيلم «ابناء الصمت» الذي انجز قبل حرب اكتوبر وعرض بعدها، وكان اول فيلم سينمائي يشارك فيه احمد زكي.

بعد ذلك توالت اعمال زكي في ادوار هامة برغم أنها ليست بطولة مطلقة لان الصناعة كانت لا تزال خائفة من المغامرة بمنح البطولات لشاب اسمر غير وسيم بمقاييس السينما القديمة ولكن احمد زكي استطاع ان يقدم ومنذ افلامه الاولي، ادورا قوية لاتنسي في افلام مثل «وراء الشمس» و«شفيقة ومتولي» 1978 و«اسكندرية ليه» 1979 «عيون لا تنام» و«موعد على العشاء» و«طائر على الطريق» 1981 ثم قدم بطولته المطلقة الاولى في «العوامة 70» 1982 والأفلام الأربعة الأخيرة من إخراج رأفت الميهي، محمد خان وخيري بشارة على التوالي، وهكذا اتضح ان نجومية وموهبة احمد زكي قد ولدت مع مولد جيل جديد من المخرجين الذين عرفت افلامهم باسم «الواقعية الجديدة» وهو الاتجاه الذي قلب السينما المصرية رأسا على عقب خلال عقد الثمانينات كانت سماء مصر وسماء السينما المصرية قد تغيرت وتحتاج إلى نجوم جديدة تناسبها وكان احمد زكي هو النجم الهادي وسط هؤلاء النجوم ومنذ ذلك الحين قول اسم احمد زكي الى ايقونة عندما نشاهدها على افيش أي فيلم سينمائي نعرف اننا سنشاهد فيلما كبيرا، لان زكي ليس من النوع الذي يقبل التمثيل في اي فيلم سعيا وراء المال او التواجد او الانتشار ولكنه يختار ويدقق جدا في أي فيلم يقبل ان يشارك فيه ورغم خلافاته ومشاكله الدائمة مع الكتاب والمخرجين إلا ان هذا يعكس مدى إيمانه بأهمية السيناريو والإخراج ومدى إدراكه لأهمية العمل الفني ككل وليس دوره فقط.