«حنين البدايات الجميلة»

فهد الأسطاء

TT

ربما تكون أكبر قفزة تقنية في السينما حينما دخل الصوت لينهي مرحلة الفيلم الصامت، ودخلت الألوان لتغير من شكل الصورة، لتأخذ السينما بعد ذلك أبعادا هامة ومؤثرة للغاية. هذا على المستوى التقني، أما في المعيار الجمالي والفني فما زال هناك ذاك الحنين والعودة لتلك البدايات الجميلة.

فمخرجون كبار كمارتن سكورسيزي وستيفن سبيلبيرغ والأخوة كوين عادوا ليقدموا أفلاما قوية وتحفا سينمائية بالأبيض والأسود كما في «الثورة الهائج» و«لائحة شندلر» و«الرجل الذي لم يكن هناك».

وبالنسبة للصوت، فهناك الكثير ممن يرى أن قلة الحديث والحوار في الفيلم يبدو أكثر إمتاعا وتعبيراً، فالسينما صورة في النهاية. فالناقد والمؤلف السينمائي الشهير أندريه بازان يرى «أن قدوم الصوت شكل خطرا مميتا على أسلوب جمالي معين في لغة الفيلم» بقدر ما اضاف من جماليات أخرى مهمة في عالم السينما كما أن «بعض سيمات السينما الصامتة قد استمرت في السينما الناطقة».

وكانت لي فرصة مشاهدة مجموعة من أعمال المخرج الجورجي ميخائيل كوبا خيدزه ضمن تظاهرة ما يسمى السينما الشعرية في مسابقة أفلام المارات، فوجدتها أفلاما آسرة لا تمتلك الا ان تهيم بسحرها الذي لا يجاوز الأبيض والأسود وموسيقى شاعرية مصاحبة. يقول ميخائيل في ذلك: «أعتقد بأنه كان من المفترض أن تبدأ السينما بالألوان، وكان على الأبيض والأسود أن يصل لاحقا ويكون بمثابة تجديد. أن تعبيريته أكثر عمقا وأكثر تجريدية من الألوان» وعن الصوت يقول كوباخيدزه، «في أفلامي لا توجد حوارات ولكنها ليست صماء وبكماء، السينما الصامتة هي سينما ناطقة بدون صوت ولا تتبنى أفلامي جماليات السينما الصامتة انها منجزة فقط بطريقة لا تحتاج الى كلمات.. أردت أن اصل الى لغة سهلة الاستيعاب ومفهومة للجميع، يجب ألا يتملكنا الاحساس بأن الكلمات مفتقدة ولكن اكتشاف موسيقى خاصة بالصور يجعلني اقترب من أشكال جامعة مثل فن الباليه».

وإذا ما اعتبرنا المخرج كوبا خيدزه حالة خاصة ضمن حالات كثيرة مشابهة لا تعبر عن طبيعة السينما الشعبية التي نشاهدها يوميا، فان هذا في نفس الوقت لا يجعلنا نتغاضى عن مثل هذه التجارب الجميلة الفريدة كنوع من التذكير وإثارة الحنين لتلك البدايات الجميلة للسينما.