في انتظار الأوسمة

حازم الجريان

TT

لقد كانت القضايا العربية والإسلامية بشكل عام موضع تجاهل عام في السينما الأميركية والعالمية، بل وكانت تتعرض في احيان لتشويه مباشر او غير مباشر، وكان لهذا اثر كبير في إثارة حفيظة العديد من السينمائيين العرب تجاه السينما الأميركية. وما فتئ بعض المخرجين والمنتجين وطوال سنوات عديدة يمنون المشاهد العربي بأعمال تنصف قضيتهم، وتوصل الصوت والفكر العربي الى الشاشات العالمية، إلى أن جاء فلم «مملكة السماء» لمخرجه رادلي سكوت، والذي يعرض في صالات السينما الأميركية والعالمية منذ شهرين، واثار ضجة وبلبلة متفاوتة في الأوساط السينمائية العربية. وتصدرت اراء مناهضة لفكرة الفيلم في الصحف والبرامج الفنية والثقافية العربية. هذا الفيلم الذي كان يمثل رؤية محايدة وتصورا غير متحيز للصراعات الإسلامية والصليبية حول بيت المقدس إبان الحملات الصليبية، قوبل بتحجيم مقصود، وتشويه متعمد، وحد من أهميته الفكرية التي قد يؤثر بها على المشاهد الغربي في إعطائه صورة ناصعة وبراقة عن التاريخ الإسلامي في فترة من فتراته. لقد احدث الفيلم صدمة لبعض تلك الأصوات العربية سالفة الذكر، لأنه اتى على كثير من طموحاتهم تلك، وعلى تعلق المشاهد العربي الذي كان يعول على تصريحاتهم حول افلامهم الموعودة. إن المشكلة التي يعيشها العديد من المخرجين العرب هو هاجس الفشل المريع الذي يمكن ان يصاحب مشروعاتهم الضخمة والطموحة، مما حدا بهم الى البحث عن مغامرين يكفيهم عناء البذل الشخصي او المساس بالثروات الشخصية الضخمة التي تم بناؤها بأفلام واعمال هابطة اعتادوا صنعها ولا مبرر لها سوى «أكل العيش». وهو الداء العضال الذي اشار اليه اندريه بريتون حين ذكر ان مشكلة الطعام والأجر لا يمكن ان تبرر اسباب تحول الفنان الى عاهرة. ولهذا فلم يكن للبذل اي وقت من الأوقات في ابجديات المخرج العربي، حتى على مشاريع شخصية وطموحة، مما يشكك في انتمائه الفني وإيمانه بقضيته التي يدافع عنها وفكره الذي ينافح عنه، فالفنان الحقيقي، كما ذكر عظيم السينما الروسية تاركوفسكي، لا يجب ان يجلس وينتظر الرفاهية والأوسمة».