ستيفن سبيلبيرغ.. المخرج الذي حقق المعادلة الصعبة بين الجمهور والنقاد

TT

معظم الناس شاهد على الأقل فيلما واحدا من أفلامه. فهناك من شاهد فيلم «إنقاذ الجندي رايان» أو «الحديقة الجوارسية/حديقة الديناصورات» أو «إي تي» أو «الفك المفترس» أو «إنديانا حونز» أو «صالة المطار» أو «تقرير الأقلية». وربما لا يعلم البعض أن كل هذه الأفلام يقف خلفها شخص واحد هو المخرج ستيفن سبيلبيرغ ولذلك يعتبر المخرج ستيفن آلان سبيلبيرغ من الشخصيات العظيمة المؤثرة في المجال السينمائي نسبة لما قدمه من أفلام وأعمال تستحق المشاهدة لأكثر من مرة.

ولد سبيلبيرغ في سينسيناتي، أوهايو، أميركا في الثامن عشر من ديسمبر (كانون الاول) سنة 1946. بدأ دخول المجال السينمائي في بداية الستينات وعمره يقارب خمسة عشر عاما، ودخوله لم يكن بالوقوف أمام الكاميرا بل خلفها. وكانت بداية سبيلبيرغ الحقيقية في مجال الاخراج مع فيلمJaws 1975، فيلم الرعب الشهير عن أسماك القرش الذي يعرف في أغلب الدول العربية باسم «الفك المفترس»، والذي يحكي عن سمكة قرش تثير الرعب في إحدى المناطق الساحلية وتأكل وتقتل البشر الذين يسبحون في البحر. ترشح الفيلم لأربع جوائز أوسكار أخذ ثلاثا منها وخسر أهمها وهي جائزة أفضل فيلم. بعد النجاح الهائل الذي حققه فيلم «الفك المفترس» والذي جعل الكثيرين من الناس يخشون السباحة خوفا من وجود فك مفترس يفترسهم، خرج سبيلبيرغ بتحفته الثانيةThe Third Kind Close Encounters of 1977 وهو فيلم فريد ويتحدث بشكل مباشر عن الفضائيين والأطباق الطائرة. ترشح الفيلم لثمانية جوائز أوسكار خرج منها بواحدة وهي أفضل تصوير. عام 1981، أستعاد سبيلبيرغ دجاجته التي تبيض ذهبا عالميا بالجزء الأول من فيلم المغامراتRaiders of The Lost Ark الذي مثل دور البطولة فيه النجم هاريسون فورد وقدم إحدى الشخصيات الشهيرة والخالدة في السينما... شخصية «إنديانا جونز». وترشح الفيلم كذلك لثمانية أوسكارات خرج منها بأربع فقط. عام 1982 كان حدثا تاريخيا مهما في حياة المخرج ستيفن سبيلبيرغ حين أخرج فيلمه الشهير E.T الذي حقق نجاحا عالميا منقطع النظير في ذلك الوقت عن قصة المخلوق الفضائي E.T الذي نسيه أهله في كوكب الأرض ويساعده مجموعة من الأطفال للعودة الى كوكبه. وكان الفيلم الذي حقق نجومية الطفلة ذات السنوات الست «درو باريمور»، وترشح الفيلم لتسع جوائز أوسكار خرج منها بأربع. لم يتوقف نجاح سبيلبيرغ نقديا أو جماهيريا عند الأفلام السابقة، بل استمر يقدم أفلاما جعلته المخرج رقم واحد من حيث الايرادات والشهرة فأصبح الجمهور يذهب الى دور السينما لمشاهدة فيلم من توقيع سبيلبيرغ.

عام 1984 كان عام الجزء الثاني من سلسلة «إنديانا جونز» بفيلم Indiana Jones And The Temple of Doom الذي حقق نجاحا جماهيريا كبيرا ولكنه أخفق في ضم النقاد الى جانبه. والى جانب نجاحه كمخرج; كان سبيلبيرغ منتجا ناجحا كذلك، فقد أنتج الفيلم الشهير Back To The Future عام 1985 ولكنه لم يخرجه. أمضى المخرج سبيلبيرغ الكثير من الوقت في إخراج و إنتاج أفلام المغامرات و الخيال العلمي مما جعله يفكر، وعلى سبيل التغيير في إخراج أفلام درامية واجتماعية. وهنا فقد حول سبيلبيرغ كتاب «اللون القرمزي» الى فيلم سينمائي شهير من بطولة «ووبي غولدبيرغ» ومقدمة البرامج الشهيرة «أوبرا وينفري» الذي ترشح لاحدى عشرة جائزة أوسكار من ضمنها أفضل فيلم و اخراج وممثلة رئيسية وممثلتين ثانويتين ولم ينل أي أوسكار على الإطلاق. هذه الترشيحات كانت كافية تماما لسبيلبيرغ ليعلم أنه مخرج متعدد المواهب ومخرج قادر على إخراج نوعيات مختلفة من الأفلام. عام 1987، أخرج فيلم Empire of The Sun الذي يدور حول الحرب العالمية الثانية من خلال قصة طفل بريطاني أسير في معتقلات اليابانيين. ورشح الفيلم لست جوائز أوسكار رغم أن الفيلم كان متوسط النجاح. لم يكن سبيلبيرغ يعرف اليأس أو الاحباط فحبه للعالم السينمائي كان أقوى من أي مؤثرات سلبية وذلك ما جعله لا يتردد في إنتاج الفيلم الكرتوني والحقيقي المشترك Who Framed Roger Rabbit 1988 الذي حقق نجاحا مميزا. ولكن نهاية الثمانينات كانت حاسمة بالنسبة لسبيلبيرغ، فقد أنتج و أخرج ثلاثة أفلام عام 1989، الجزء الثالث منIndiana Jones And The Last Crusade وBack To The Future2 وفيلم Always اتصفت جميعها بالسيطرة على شباك التذاكر الأميركية ونالت نقدا جيدا.

عام 1993 كان عام الخير، فقد أخرج للعالم أجمع فيلمJurassic Park الذي أصبح رقم واحد في وقته تحقيقا للايرادات المادية. ولكن فيلم «الحديقة الجوراسية» لم يكن هو وحده الذي حقق هذا الخير لسبيلبيرغ، فقد أخرج كذلك فيلمه الشهير Schindler"s List الذي أتاح له أخيرا وبعد ثلاثة ترشيحات أوسكارية في فئة أفضل مخرج أن يمسك بيده لأول مرة تمثال الأوسكار الشهير. وقال عند تسلمه انه يعرف الكثير من الأصدقاء الذي يحوزون تمثال الأوسكار ولكنه يقسم أنه لم يلمسه حتى لحظة حصوله عليه. وهذا يوضح تماما أمنية ونضال سبيلبيرغ للحصول على هذا التمثال الشهير أسوة بالآخرين. ترشح الفيلم لإثنتي عشرة جائزة أوسكار خرج منها بسبع جوائز من أهمها أفضل فيلم وأفضل مخرج كما ذكرت سابقا وأفضل سيناريو وأفضل تصوير.

في منتصف التسعينات، أسس سبيلبيرغ شركة Dream Works التي ستكون مسؤولة عن معظم الأفلام الناجحة تجاريا في أواخر التسعينات والألفية. أنتجت شركته أفلاما مثل The Mask of Z ro1998 و Men in Black"1997mو Deep Impact 1998.

وفي عام 1997، أخرج سبيلبيرغ فيلمAmistad الذي يتحدث عن قصة حقيقية عن اختطاف أفارقة من افريقيا لبيعهم كعبيد في الغرب. لكن الفيلم لم ينل حظه من النجاح الجماهيري رغم إعجاب النقاد به. واستمر سبيلبيرغ الذي لايعرف الفشل في العمل في السينما كمخرج ومنتج وأخرج للعالم فيلمه الناجح جدا جماهيريا ونقدياSaving Private Ryan عام 1998 الذي يدور حول الحرب العالمية الثانية والذي ترشح لإحدى عشرة جائزة أوسكار من بينها أفضل فيلم وخرج بخمسة جوائز من ضمنها أوسكاره الثاني كأفضل مخرج. توقف سبيلبيرغ عن الاخراج لمدة سنتين تقريبا بينما كان لا يزال ينتج أفلاما مثل Shrek الذي حقق نجاحا جماهيريا ونقديا كبيرا حتى عاد للإخراج بفيلم A.I عام 2001 الذي كان مقدرا أن يخرجه المخرج اللامع «ستانلي كيوبريك» الذي توفي قبل أن يخرجه. رغم صداقتهما إلا أن سبيلبيرغ وتوم كروز لم يعملا معا في فيلم مشترك حتى عام 2002 حيث اشتركا في فيلم Minority Report من إخراج وإنتاج سبيلبيرغ وتمثيل توم كروز. حقق هذا الفيلم نجاحا جماهيريا ساحقا ونقدا طيبا رغم أن بعض النقاد لم يرحمه. وفي نفس العام كذلك أخرج سبيلبيرغ فيلمه الظريف Catch Me If You Can من بطولة توم هانكس الذي يتعاون معه للمرة الثانية وليوناردو دي كابريو. كان التعاون الثالث بين توم هانكس وسبيلبيرغ في فيلمThe Terminal الذي أنتج عام 2004. وينتظر المعجبون هذا العام نزول فيلمWar of The Worlds خلال فترة قريبة ليشاهدوا التعاون الثاني بين توم كروز وسبيلبيرغ. كما ينتظر المعجبون كذلك الجزء الرابع من سلسلة إنديانا جونز والذي سيعرض في الصالات عام 2006. تعاون سبيلبيرغ في أغلب أفلامه مع الموسيقار الشهير «جون ويليامز» الحاصل على خمس جوائز أوسكار كأفضل موسيقي . من الطرائف أن فيلم سبيلبيرغE.T خسر أوسكار أفضل فيلم لصالح فيلم Gandhi الذي أخرجه ريتشارد أتونبوره. رغم ذلك أخرج أفلاما كانت من تمثيل أربعة ممثلين مثلوا في فيلم «غاندي». المخرج أتونبوره نفسه مثل في فيلم «الحديقة الجوراسية» من إخراج سبيلبيرغ. الممثل «أمريش بوري» مثل في «إنديانا جونز ومعبد الهلاك». «بين كينغزلي» مثل في «لائحة شندلر» والممثل «تشارلي شين» مثل في فيلم «اقبض عليَّ لو استطعت». عندما سئل سبيلبيرغ عن الأفلام التي يتمنى أن يتذكره الجمهور من خلالها أجاب: «لائحة شندلر» و«إي. تي» الذي يحتل مكانة أثيرة عنده. مثل تحت إدارته تسعة ممثلين جميعهم رشحوا لجائزة الأوسكار في فئة التمثيل وهم: ليام نيسون، وريف فاينز، وأنتوني هوبكنز، وتوم هانكس، وميلندا ديلون، ووبي غولدبيرغ ، وأوبرا وينفري، ومارغريت أيفري، وكريستوفر ووكن. تظهر خمسة من أفلام سبيلبيرغ في قائمة أفضل 100 فيلم خلال 100 عام. فيلم Schildler"s list يحتل المرتبة 9 . وE.T يحتل المرتبة 25. وJaws يحتل المرتبة 48. و Raiders of the lost Ark يحتل المرتبة 60. ويحتل المرتبة 64 فيلم Close encounter of the 3rd kind . وهكذا يكون هو المخرج الأكثر ظهورا على هذه القائمة الشهيرة.