خريف 2005 وحمى موسم التكريم

حازم الجريان

TT

أكثر مواسم هوليوود حرارة وإثارة يطرق الأبواب. من الآن وحتى نهاية العام، تقوم هوليوود بحشر (نعم، «حشر» ربما هي الكلمة الأنسب لذلك) أفضل أفلامها طوال السنة، ناهيك عن عشرات الأفلام المستقلة والأجنبية التي لا تبدأ عمليا في جذب الانتباه إلا الآن، هل هي ظاهرة صحية؟ أم هل أصبح موسم التكريم وبالا على السينما الأمريكية التي تتحول إلى ما يشبه الصحراء القاحلة معظم أيام السنة بينما تفيض صالاتها بما لا يمكن حتى لأكثر محبي السينما عشقا وتفرغا اللحاق به قبل أشهر؟ ليس هذا موضوعنا الآن في الحقيقة، فنحن هنا بصدد إلقاء نظرة موجزة على أهم هذه الأفلام وأكثرها حظوظا في السباق الكبير نحو جوائز الأوسكار. منذ بداية السنة وحتى منتصف سبتمبر (أيلول)، برزت لنا بضعة أفلام أمريكية مهمة، أولها فيلم رون هاورد مع رسل كرو «الرجل السندريلا» Cinderella Man الذي عرضته يونيفرسال في بداية الصيف ويحكي قصة بطل الملاكمة في فترة الكساد الاقتصادي في الثلاثينات جيم برادك، وتنوي طرحه علىDVD في ديسمبر أملا في الحصول على شيء من الاهتمام. الثاني هو «ارتطام» Crash للمخرج باول هاغيز (كتب وأنتج فيلم كلنت ايستوود الحائز على أوسكار العام الماضي Million Dollar Baby)، حول عدة شخصيات من خلفيات عرقية مختلفة تصطدم ببعضها البعض، والأخير هو «البستاني الدؤوب» The Constant Gardener للبرازيلي فيرناندو ميريليس الذي فاجأ العالم قبل ثلاث سنوات بفيلم «مدينة الإله» City of God، وهي إثارة سياسية دولية يبحث فيها رالف فينس عن الحقيقة وراء مقتل زوجته ريتشل ويز في شمال كينيا، هناك أيضا «مدينة الخطيئة» Sin City روبيرت رودريغوز، الذي ربما يحمل أقل الفرص باعتبار نوعه وموضوعه وشكله العام. [email protected]

* سبتمبر أفلام لما تبقى من السنة:

* بولانسكي: فيلم عائلي

* في ما تبقى من سبتمبر (أيلول)، نحن على موعد مع تغير كبير في مسيرة الشهير رومان بولانسكي، حيث يخرج هذا البولندي الذي عرف بأفلام سوداء وعنيفة مثل «الحي الصيني» و«ماكبث» ودراما الهولكوست الأخيرة «عازف البيانو» أول فيلم عائلي له بعنوان «أوليفر تويست» Oliver Twist، مبنيا على رواية الروائي الانجليزي تشارلز ديكنز حول اليتيم أوليفر الذي ينضم إلى عصابة من النشالين. أيضا سنشاهد غوينيث بالترو تنضم من جديد إلى جون مادن المخرج الذي جلب لها أوسكارها الوحيد في «شكسبير عاشقا» قبل 7 سنوات، في فيلمه الجديد «برهان» Proof، الذي أجل منذ العام الماضي بسبب مشاكل شركته الموزعة ميراماكس مع ديزني. بالترو تلعب دور كاثرين الفتاة التي تحاول مساعدة والدها المحتضر العجوز المخرف أنتوني هوبكنز، الذي كان يوما ما عالما عبقريا في الرياضيات.

فينتبربيرغ والعنف الأميركي في نفس الأسبوع ستشهد الصالات الأمريكية فيلم «عزيزتي ويندي» Dear Wendy، لتوماس فينتبربيرغ (مخرج أول أفلام الدوغما The Celeberation في 98)، الذي يناقش ثقافة العنف الأمريكية من خلال نص كتبه الدنماركي لارس فون تراير (هو أيضا ناقش العنف الأمريكي في فيلمه «دوغفيل» قبل سنتين). أما الممثل فيليب سيمور هوفمان فتبدو أمامه فرصة جيدة لنيل ترشيحه الأوسكاري الأول في «كبوت» Capote، حيث يلعب دور الكاتب ترومان كبوت، الذي يطور علاقة خاصة مع مجرم متهم مع زميل له بقتل عائلة من أربعة أشخاص، (وهي القصة التي كتبها ترومان كابوت الحقيقي في كتاب قام ريتشارد بروكس بتحويله إلى عمل سينمائي في الستينات بعنوان «بدم بارد» In Cold Blood). آخر أفلام سبمتبر المهمة سيكون «تاريخ عنيف» A History of Violence للكندي ديفيد كروننبيرغ، أحد أشهر مخرجي الرعب والإثارة النفسية وأكثرهم تميزا في العقدين منذ بداية الثمانينات، في فيلمه هذا الذي يبدو مختلفا في موضوعه، بطل الفيلم فيغو مورتينسين هو أب تتسلط عليه وعلى عائلته أضواء وسائل الإعلام بعد أن يقتل شخصا ما دفاعا عن نفسه.

* أكتوبر: تزاحم الأسماء الجادة

* في هذا الشهر، تبدأ الأسماء الجادة في التزاحم، في 13 من الشهر سنرى جورج كلوني في فيلمه «ليلة سعيدة وحظا وفيرا» Good Night, and Good Luck، يروي قصة المراسل ادوارد مورو الذي يتطلع لإسقاط السيناتور الشهير جوزيف مكارثي الذي بدأ ما يشبه مطاردة الساحرات ضد الشيوعيين وجميع المنتمين لليسار الأمريكي في الخمسينات، كلوني الذي يخرج هنا ثاني أفلامه لاقى استحسانا كبير من الحضور في مهرجان البندقية قبل أسابيع، وليس من المستغرب أن يجد له استقبالا أفضل مما فعله فيلمه الأول «اعترافات عقل خطير» قبل 3 سنوات. المخرج الكندي أتوم ايوجين يدير أليسون لوهمان المراسلة التي تريد اكتشاف الحقيقة حول حدث مدفون أثر بشدة على حياة ثنائي من فناني الاستعراض المشهورين في الخمسينات (كيفن بيكون وكولن فيرث). أما كاميرون كرو فيستمر في نوعه المفضل (الكوميديا الرومانسية التي تشمل من أعماله: «عزاب» Singles و«جيري ماغواير» و«بالكاد مشهور» Almost Famous، حيث يعرض له فيلم «اليزابيثتاون» Elizabethtown، وفيه يعود أورلاندو بلوم إلى بلدته الأصلية من أجل جنازة والده، ويلتقي هناك بالمضيفة كريستين دنست التي قد تنهي حزنه واكتئابه.

النيوزلندية نيكي كارو التي حققت الشهرة بفيلمها «ممتطي الحوت» Whale Rider تخرج أول أفلامها في أمريكا، وعنوانه «الريف الشمالي» North Country، الذي قد يمنح تشارلز ثيورن ترشيحها الأوسكاري الثاني، الفيلم يحكي قصة نجاح أول دعوى قانونية كبرى ضد التحرش الجنسي التي رفعتها امرأة تعمل في أحد مناجم ولاية مينوسوتا. أما الألماني مارك فورستر الذي أظهر تنوعا لا بأس به منذ الدراما المثقلة بالخلافات العرقية والعائلية في «حفلة الوحش» Monster"s Ball إلى قصة جي ام باري العذبة في «البحث عن نيفرلاند» Finding Neverland فهو هنا يجرب نوعا جديدا، ففي فيلمه الجديد Stay الذي كتب نصه ديفيد بينيوف (كتب «الساعة الخامسة والعشرين» لسبايك لي، ولكنه أيضا كتب سيئ الذكر «طروادة») يحاول الطبيب النفسي ايوان مكغريغور منع أحد طلابه من الانتحار. غور فيبنسكي هو الآخر يدخل نوعا جديدا، فالمخرج الذي عرف بأفلام من نوع «قراصنة الكاريبي» و«الخاتم» The Ring يجرب الكوميديا السوداء لأول مرة في «رجل الطقس» The Weather Man مع نيكولاس كيج وهوب ديفيس، الفيلم الذي كان جاهزا للعرض قبل بداية الصيف قررت شركته الموزعة بارامونت تأجيله إلى أكتوبر (تشرين الأول) أملا في مكاسب إضافية، كيج يقوم بدور مذيع الطقس الذي يجد نفسه في مأزق بين حياته الشخصية والعملية.

* نوفمبر: حرب الخليج الثانية وهاري بورتر

* في بداية أكتوبر، البريطاني سام منديز سيفاجئ العرب خصوصا بفيلم عن حرب الخليج الثانية، في فيلمه Jarhead يستعرض مخرج «الجمال الأمريكي» «والطريق إلى الجحيم» مذكرات جندي مشاة البحرية الأمريكية أنوتني سوفوردز التي حققت أعلى المبيعات حين طرحت في 2003، حيث يروي الجندي ذكرياته أثناء بقائه 6 أشهر في السعودية والكويت واشتراكه في عملية «عاصفة الصحراء»، أسماء كبيرة مثل: جيك غيلينهال وجيمي فوكس وكريس كوبر وبيتر سارسغارد ستكون مؤثرة جدا في واحد من أهم أفلام العام المنتظرة وأكثرها إثارة للجدل. في الثامن عشر من أكتوبر، سنشهد حياة أحد مشاهير الموسيقى الأمريكية على الشاشة الكبيرة، في «أعبر الخط» Walk The Line يواكين فوينكس يؤدي دور مغني الريف الشهير جوني كاش الذي توفي العام الماضي، الفيلم يقص حياة المغني منذ عمله في أحد مزارع القطن في أركنساس وحتى وصوله إلى الشهرة، تشارك يواكين البطولة ريس ويذرسبون، ويخرج الفيلم جيمس مانغولد (أخرج «فتاة، مقاطعة» و«هوية» Identity)، والفرصة جيدة في أن يحقق الفيلم ليواكين فوينكس ما حققه «ري» Ray لجيمي فوكس العام الماضي. وبمناسبة الحديث عن الموسيقى، فإنه لا بد من الإشارة إلى فيلم «كن غنيا أو مت وأنت تحاول» Get Rich or Die Tryin" للإيرلندي جيم شرايدن (صاحب «قدمي اليسرى» و«باسم الأب» مع دانيل دي لويس و «في أمريكا»)، في هذا الفيلم يقوم مغني الراب الشهير 50 Cent بما قام به ايمينيم في 8 Mile قبل 3 سنوات، حيث يهرب «ماركوس» موزع المخدرات من حياة الجريمة إلى عالم الموسيقى (القصة مبنية على حياة النجم الحقيقية). في الخامس والعشرين من أكتوبر، سيطرح في الصالات الأمريكية فيلم «سيراينا» Syriana لكاتب «تهريب» Traffic ستيفن غانغان، في الفيلم جورج كلوني يؤدي دور عميل في السي آي ايه أمضى عمره في ملاحقة الإرهابيين يجد نفسه متورطا في موقف معين في الشرق الأوسط، وتزداد ورطته هذه بسبب بعض السياسات المتسرعة، وأيضا بسبب صفقة نفطية بين رجل نفط أمريكي وإحدى الشخصيات العربية، وإذا كانت تفاصيل العمل الذي يشارك فيه صديق جورج كلوني الممثل مات ديمون غير واضحة كثيرا فإن أهمية الفيلم ترجع إلى جزء كبير منها إلى كونه مبنيا على كتاب لعميل مخابرات أمريكي سابق اسمه روبرت باير عمل في الشرق الأوسط بعد أثناء وبعد حرب تحرير الكويت.

في نوفمبر (تشرين الثاني) أيضا سيعرض الجزء الرابع من سلسلة «هاري بوتر» بعنوان «هاري بوتر وكأس النار» Harry Potter and the Goblet of Fire من إخراج البريطاني مايك نويل، وفيه يكمل هاري سنته الرابعة في مدرسة هغورتز للسحر، والتي تتنافس هذه السنة مع مدرستين أخريين في مسابقات للسحرة، بينما لا يزال اللورد فولدايمورت، أكبر أعداء هاري يخطط للقضاء عليه.

* ديسمبر: منافسة ساخنة

* رغم الجو القارس في ديسمبر، إلا أن المنافسة الساخنة كفيلة بإبقاء كل محب للسينما دافئا طوال الشهر، هناك 8 أفلام معظمها سيكون حديث متابعي السينما منذ صدورها وحتى موعد حفل الأوسكار في الخامس من مارس 2006. الأول قد بدأ كلام الناس منذ فاز بأسد مهرجان البندقية الذهبي قبل أسابيع، «جبل بروكباك» Brokeback Mountain للتايواني آنج لي، حول صديقين من رعاة البقر في وايومنغ في الستينات، وعلاقتهما الطويلة، «رعاة بقر شواذ»، هل تمادى آنج لي أكثر من اللازم هذه المرة؟ ربما! المؤكد أن فيلما مثل هذا بدأ في إثارة الجدل حتى قبل تصويره العام الماضي لن يتوقف الكلام عنه قريبا.

الفيلم الثاني هو التحويل السينمائي لرواية «مذكرات فتاة الجيشا» Memoirs of a Geisha عن الفتاة اليابانية التي تباع وهي في التاسعة من عمرها إلى بيت جيشا (فتاة الجيشا هي فتاة استعراض تجيد الغناء والرقص)، الفيلم يروي قصتها منذ دخولها بيت الجيشا و مرورا بنجاحها وشهرتها وحتى بدء الحرب العالمية الثانية، الفيلم الذي أراد ستيفن سبيلبرغ أن يخرجه منذ سنوات (أجله أكثر من مرة) يخرجه روب مارشال صاحب الفيلم الأوسكاري «شيكاغو»، وتقوم بطولته الممثلة الصينية زيا زانغ.

ثالث أفلام ديسمبر المهمة هو تحويل لإحدى أشهر روايات الأطفال في القرن العشرين، في «وقائع نارنيا: الأسد، الساحرة و الخزانة» The Chronicles of Narnia: The Lion, the Witch and the Wardrobe أربعة أطفال يدخلون عالم نارنيا الفانتازي من خلال خزانة ملابس، النيوزلندي أندرو أدامسون صاحب «شريك» و«شريك 2» قام بتصوير الفيلم المعتمد على رواية الانجليزي سي اس لويس بميزانية تتجاوز 200 مليون دولار مولتها ديزني، التي تأمل أيضا بأن تقوم بإنتاج الأجزاء الستة الباقية من السلسلة. أدامسون ليس النيوزلندي الوحيد صاحب العمل المنتظر لهذه السنة، فبالإضافة إلى نيكي كارو وفيلمها North Country فهناك أيضا بيتر جاكسون في أول أفلامه بعد سلسلته الشهيرة «سيد الخواتم»، حيث قام بإعادة صنع فيلم الثلاثينات الشهير «كنغ كونغ» King Kong عن الغوريلا الضخمة التي تهجم على مدينة نيويورك، يقوم بدور البطولة كل من: نعومي واتس و جاك بلاك وأدريان برودي.

في نفس تلك الجمعة، في السادس عشر من ديسمبر، هناك إعادة أخرى لفيلم كلاسيكي، الأمريكي ستيفن زليان (شارك في كتابة «لائحة شانلدر» و«عصابات نيويورك» وأخرج «قضية قانونية» لجون ترافولتا و«بحثا عن بوبي فيشر») يدير كل من جود لو و شون بين وكاثي بيكر وباترشا كلارسون في إعادة لفيلم الأربعينات الحائز على الأوسكار «جميع رجالات الملك» All The King"s Men، حول ويلي ستارك، الريفي الجنوبي و صعوده سلم السياسة وصولا إلى منصب حاكم الولاية. (هل يحصل شون بين على ترشيح آخر هنا؟) أما الفيلم السادس فهو آخر أعمال المنتج الهندي الراحل اسماعيل ميرشنت مع شريكه المخرج جيمس آيفوري، «الكونتيسة البيضاء» The White Countess يحكي قصة دبلوماسي أمريكي أعمى (رالف فينز)، يعمل في الصين في الثلاثينات وعلاقته الغريبة بلاجئة روسية (ناتاشا ريتشاردسن) التي تعمل في وظائف غريبة ومحظورة أحيانا من أجل إعانة أفراد عائلة زوجها المتوفى.

في الثالث والعشرين من ديسمبر، تأتي دراما ستيفن سبيلبرغ المنتظرة «ميونخ» Munich حول أحداث أولمبياد ميونخ عام 1972، وتحديدا حول الجهود التي قام بها ضابط الموساد (الممثل ايرك بانا) للبحث عن الفلسطينيين الذين شاركوا في قتل الرياضيين الإسرائليين.

الفيلم الأخير في ديسمبر يمثل العودة للفيلسوف والمخرج السينمائي تيرنس مالك في رابع أعماله: «العالم الجديد» The New World، حول المستكشف جون سميث (كولن فيريل) والصراع بين المستوطنين الانجليز الأوائل و الهنود الحمر في القرن السابع عشر.

* توقعات شخصية أشياء كثيرة ستتغير من الآن وحتى نهاية ديسمبر، إذ توعدنا على أفلام تخرج من اللامكان لتصل إلى القمة، وأخرى تسقط بكل أسمائها الكبيرة إلى الهاوية، لكن هذا لن يمنعنا من الاستمتاع بلعبة مثل هذه. الأفلام الخمسة التي أتوقع شخصيا ترشيحها للأوسكار هي كالتالي:

1Brokeback Mountain Jarhead.2 Memoirs of a Geisha.3 Munich.4 The New World.5

* أ خبرونا عن ترشحاتكم الخاصة على العنوان [email protected]