« اللمبي و شيء من التساؤل»

فهد الأسطاء

TT

.. «لا يوجد فيما شاهدته من مواقف ونكت ما يمكن ان نطلق عليه فيلما..» (طارق الشناوي) .

«.. دروس سينمائية في التفاهة والبلاهة..» ( رفيق الصبان).

«.. نكسة السينما المصرية في الالفية الثالثة..» (محمد عبد الفتاح).

«.. سينما تسخر منا ومن نفسها..» (عبد الغني داوود).

«.. ليس فيلما ولا علاقة له بفن السينما ولا فن الدراما ولا فن التمثيل فلن يمكنني ان اقارنه باي فيلم كوميدي لان مجرد المقارنة اهانة لتلك الافلام..» (اسامة أنور عكاشة).

كان هذا جزءا من الحملة الشرسة والجدل الكبير الذي تلقاه فلم «اللمبي» لمحمد سعد قبل ثلاث سنوات حينما اجتذب آلاف المشاهدين محققا رقما قياسيا في شباك التذاكر السينمائية تجاوز الثلاثين مليون جنيه مصري. ولكن ما الذي حدث بعد ذلك؟

لقد استمر محمد سعد لثلاث سنوات متتالية وهو يحقق عبر أفلامه المنبوذة فنيا من قبل النقاد في مصر ارقاما كبيرة في شباك التذاكر مجتذبا الملايين من المشاهدين في مصر والعالم العربي وما زال هذا الصيف متصدرا الأفلام عبر فلمه الرابع والأخير (بوحة) الذي تقاضى هو لوحده ستة ملايين جنيه كأعلى أجر ممثل لهذه السنة. وهو ما يعتبر نتيجة طبيعية لتلك المداخيل الكبيرة التي يضعها محمد سعد في جيوب المنتجين.

كل هذا يمكن ان يثير لدينا شيئا من التساؤلات المهمة. فليست المسألة هنا ان أفلام محمد سعد/اللمبي ليست «افلاما رديئة فنيا» ولكن ربما يحق لنا أن نتساءل عن دور تلك (الشتائم النقدية) وتأثيرها على الجمهور. او ربما نبحث عن دور الناقد الفني نفسه ومدى اهمية رأيه عند المشاهدين. والأهم هو ان نتساءل عن الموقف الموضوعي لأي ناقد فني تجاه العمل الفني بشكل يعطي القارئ اطمئنانا حقيقيا واعتبارا هاما لهذا الناقد وتصوراته الفنية بعيدا عن اشارات التعالي والاسقاط والتأسفات المصطنعة.

فالأكيد ان أفلام اللمبي تتضمن جزءا ليس صغيرا من الهفوات الفنية والابتذال والطرح الساذج لكنها من جانب آخر لايمكن انكار نجاحات معينة حققها الفيلم وراهن عليها. والأكثر تأكيدا ان هذه الأفلام ليست اسوأ مما شاهدناه مؤخرا في السينما المصرية وليست من قريب أو بعيد هي سوأة السينما المصرية بحسب ما يشير اليه بعض النقاد وليست ايضا سببا أساسيا في أزمتها الحالية اذا ما اتفقنا على وجود أزمة فنية.

أحب أن أنظر الى مثل هذه الأفلام غالبا بهدف الضحك ولا غيره واشعر اني استجيب لها بشكل جيد وهي تطرح نفسها كافلام ساخرة وتهريجية احيانا ولا أذهب لأبعد من ذلك لأصطنع تأسفا باهتا بل واجدها أكثر قبولا من تلك التي تدعي طرحا دراميا معقدا او رومانسية بليدة او تقدم لنا تلك الخلطة القديمة المكونة من حب وكوميديا ورقص وغناء واكشن بين ممثل ومغن يشتركان في صنع تلك (الخلطة إياها) التي كانت تبنتها السينما المصرية قبل عقدين بشكل مبالغ فيه.

واذا ماكنا مقتنعين بأمانة الرأي الفني للناقد حينما يقدمه للجمهور واستقلاليته فان هناك بالمقابل أمانة أخرى تجاه العمل الفني نفسه واستيعاب سياقاته ومدى قدرته في تحقيق أهدافه المعلنة. ويمكن الحكم على أي فيلم بعدم جودته دون الحاجة الى السخرية من أذواق وعقول معجبيه واظهارهم بشكل ساذج وكأنهم لايعرفون ماذا يشاهدون! f.alesta @asharqalawsat.com