سامي إحسان يحمّل الجمعية المسؤولية والأهدل يطالب بمعاهد موسيقية

من وراء انهيار الفرقة الموسيقية السعودية

TT

ليست الفرقة الماسية بالتأكيد ولكنها الفرقة الرسمية التي تم اعتمادها من قبل وزارة الإعلام السعودية في إحياء حفلات مسرح التلفزيون التي كان يقيمها مطلع الستينات الميلادية، والتي شهدت بدايات كبار الفنانين السعوديين أمثال طلال مداح ومحمد عبده وأبو بكر سالم وعبد الرب ادريس ومحمد عمر وعلي عبد الكريم ومحمود حلواني وفوزي محسون ومحمد سندي وعبادي الجوهر، كما أوضح الفنان عبده مزيد الذي تولى قيادتها منتصف السبعينات، بعد ان تناوب على قيادتها الفنانون عبد السلام سفر، مهران بالخير، سامي احسان، محمد شفيق.

البدايات

* شكلت فسيفساء الفرقة الموسيقية حينها عازفين من سوريا مطعمة بعناصر سعودية من فرقة الجيش من أمثال ثواب عبيد، أحمد عنبر، عبدالله الماجد، محمود خان، ياسين بكر، عمر كدرس، بقيادة رياض علي، وعلى الرغم من فقر الإمكانات المتاحة في ذلك الوقت، إلا أن الحركة الفنية كانت في أوجها وزادها زخما المتلقي الطروب، الذي كان حضوره للمسرح لاهبا ومشجعا على توالد فرق محلية أخرى، إحداها «لمحمد أمين يحيى» وأخرى «لعلي با عشن»، ثم أخذت تتلألأ في سماء الفن السعودي فرقة النجوم التي كان من أبرز نجومها الموسيقار سراج عمر والملحن محمد شفيق والتي بدأت في فترة السبعينات الميلادية، واستمرت إلى أوائل الثمانينات، إلا أن هذه النجوم ما لبثت أن أخذت طريقها نحو الأفول لأسباب تراوحت بين التقاعد والوفاة.

انفرط عقد فرقة الإذاعة والتلفزيون في أواخر الثمانينات الميلادية، بعد أن توقف نشاطها كليا حسبما أشار الملحن سامي احسان «بسبب عدم الجدية فيمن تناوب على قيادة الفرقة»، وليبدأ منها مشوار الألف ميل من خلال محاولات فردية اتسم بعضها بالجدية والحماس من خلال فرقة الشباب التي عمل احسان على تكوينها عندما كان مديرا للقسم الموسيقي بإذاعة جدة، إلا أن هذه الشعلة ما لبثت أن أطفئت، ويعزو احسان ذلك إلى أنه لم يتمكن «من التوفيق بين إدارة فرقة الإذاعة والقسم الموسيقي»، إلا أن ذلك «لا يعني عدم وجود عازفين مهرة لكنه لا يعد كافيا لتكوين فرقة موسيقية متكاملة تحاكي العصر الحديث» كما أوضح الفنان عبده مزيد خاصة ان الموسيقى اليوم «لغة علم وقراءة نوته».

المهرجانات والسعودة

* انطلقت المهرجانات الفنية داخل مدن المملكة عام 1997م، وبدأ القائمون عليها من شركات الإنتاج الفنية في استقطاب الكثير من الفنانين من الداخل والخارج، فيما شهدت أيام الصيف نشاطا فنيا، تراوح بين تجهيز الإستديوهات والتنسيق لعمل البروفات، لكن كل ذلك تتم فيه الاستعانة بفرق موسيقية عريقة من مختلف الدول العربية، فجبال أبها التي اعتلتها فرق عربية بين الحين والآخر، لم تمنع عروس البحر الأحمر من خلال مهرجانها «جدة غير» أن تستقطب الفرق المصرية، فعلى مدى ثماني سنوات هي عمر المهرجان، كانت هذه الفرق محط أنظار القائمين على المهرجانات، ضابطو الإيقاع هم العلامة الوحيدة على أن ثمة عازفين سعوديين، أما الاستثناء الوحيد كان عازف القانون مدني عبادي الذي رافق فنان العرب في بعض حفلات مهرجان أبها.

في ظل الثورة الغنائية التي تجتاح عالمنا العربي، والمخاض الفني الذي أصبح يثمر عن ولادة فنانين بالجملة، أمست الحاجة ملحة لوجود فرقة موسيقية تواكب هذا التغيير ولو من باب سد الذرائع، لذلك عكف القسم الموسيقي بالإذاعة في أواخر التسعينات، على التعاقد مع عازفين من مصر وتونس، «إلا أن نظام السعودة أوقف المشروع نهائيا، فتخلت الإذاعة عنهم وتم استبدالهم بشباب سعوديين غير مؤهلين»، حسبما أشار رئيس القسم الموسيقي حسين الأهدل، لذلك تم فتح فصول موسيقية تعمل على تأهيلهم، في ظل الإمكانات البسيطة والنقص الكبير على مستوى الآلات الموسيقية والعازفين القائمين على التأهيل.

ولادة فرقة موسيقية سعودية مؤهلة يظل حلما مؤجلا، لكن على عاتق من تقع مسؤوليتها؟ هذا السؤال حارت فيه الإجابات، وتقاذفته مؤسسات وجهات عدة، «فمن جمعية الثقافة والفنون التي مر على إنشائها 25 عاما» كما أوضح الفنان سامي احسان، الذي ألقى بجزء من المسؤولية عليها «لو فكرت بشكل جدي في ذلك لكان بحوزتنا الآن عشرات الفرق»، إلى وزارة التربية والتعليم التي يرى رئيس القسم الموسيقي بإذاعة جدة حسين الأهدل أن «من واجبها فتح فصول موسيقى وإدخال الدروس الموسيقية ضمناهجها»، والمبادرة بفتح معاهد «كونسرفتوار» أمام المواهب الشابة، لإعداد قاعدة موسيقية يمكن الإتكاء عليها مستقبلا، ويعزو الأهدل مسؤولية هذه المعاهد إلى رجال الأعمال وشركات الإنتاج الفني للاستثمار في هذا المجال، لكن تبقى المسؤولية الكبرى والتحدي الأكبر كما أشار كل من الفنان سامي احسان وعبده مزيد والأهدل، أمام وزارة الثقافة والإعلام التي تعد «المسؤول الأول عن تكوين قاعدة موسيقية جيدة تنجب عناصر فاعلة تساهم في إثراء الفن الموسيقي في المملكة».