«ليلة الرقم عشرة» .. واحد من أنجح البرامج التلفزيونية في الأرجنتين

مارادونا يستمر في مسلسل المفاجآت ويثبت نفسه كمقدم برامج متميز

TT

الساحر الصغير الذي دوخ منتخبات العالم وأمتع جماهير وعشاق الكرة الارجنتينية لنحو عقدين من الزمان وتصدرت اخباره عناوين الصحف والأخبار سلبا وايجابا، عاد من كبوته بل وربما من مقبرة العظماء ليتصدر العناوين ايجابيا مرة اخرى. برنامج «ليلة الرقم عشرة» الذي يقدمه مارادونا حقق في اولى حلقاته اعلى نسبة مشاهدة لأي برنامج «حواري» في الارجنتين في شهر اغسطس الماضي فشاهده اكثر من 3.4 مليون شخص في العاصمة الارجنتينية ومحيطها فقط، أي نحو 35% من اجمالي عدد سكان بوينس ايريس وضواحيها، ناهيك عن عشرات الملايين الذين تابعوه في باقي ارجاء البلاد والقارة اللاتينية والبلدان الناطقة بالاسبانية. نسب المشاهدة العالية هذه وصفها المراقبون الاوروبيون بـ «الهائلة».

البرنامج الذي يحرص على استضافة المشاهير من فنانين ورياضيين، توقع الكثير فشله بعد عدة حلقات، فماذا عسى مارادونا أن يقدم؟ اليست مجرد فورة لمشاهدة اسطورة الكرة الارجنتينية على شاشة التلفزيون فقط؟

البرنامج يعكس شخصية مقدمه فهو مليء بالمفاجآت فمن يتصور أن مارادونا الذي يشاع أنه على علاقة سيئة جدا باسطورة الكرة البرازيلية «بيليه» سيستضيفه بالبرنامج.. لكن المفاجأة أن بيليه كان أول ضيوفه وحققت الحلقة التي جمعتهما ارقاما قياسية في عدد المشاهدين ونقلت وكالات الانباء صورهما معا، ولكن بقي السؤال، ثم ماذا؟ فمع أنه من المعروف أن نجوم فريق ريال مدريد الاسباني، الفرنسي من أصل جزائري زين الدين زيدان والبرازيليان رونالدو وربرتو كارلوس سيظهران في برنامجه، إلا أن ذلك سيجعل البرنامج محصورا في كرة القدم.. ولكن (للمرة الثالثة) فاجأ مارادونا الجميع وكان ضيفه الرئيس الكوبي «فيدل كاسترو».

مارادونا أكد خلال هذا اللقاء النادر جدا من نوعه، أن الرئيس الكوبي الذي تعاني بلاده من حصار اميركي منذ أكثر من اربعة عقود هو مثله الأعلى، بل وأكد خلال اللقاء أنه سيقود مسيرة معادية للامبريالية الاميركية خلال قمة الاميركتين في الارجنتين، وأوفى ماردونا بالعهد فعلا وقاد مظاهرة حاشدة ضد «الغطرسة» الاميركية.

ويتميز برنامج «ليلة الرقم عشرة» الذي يقدمه مارادونا ليس بشهرة ضيوفه فحسب، بل وجرأة الطرح واختيار المواضيع الحساسة حتى بالنسبة لمارادونا، ففي الحلقة الأولى التي استضاف فيها «بيليه»، ناقش مارادونا مع ضيفه قضية ادمان احد ابناء «بيليه» على المخدرات، وكان مارادونا نفسه يعاني من ادمان الكوكايين. لقاء مارادونا مع الرئيس الكوبي كان ساخنا ايضا، ومثيرا على الرغم من اتفاق وجهتي نظرهما تجاه الاحداث العالمية ومعاداة الولايات المتحدة. وكانت علاقة مارادونا بكاسترو قد توطدت خلال تلقي نجم الكرة الارجنتينية للعلاج من الادمان في بلد الاخير.

ويحرص مارادونا على أن يجمع اكثر من نجم واحد في برنامجه، ولعل الحلقة الأولى من البرنامج تعطي مثالا جميلا على ذلك حيث انه استضاف فيها «بيليه» و النجم الارجنتيني «غابريل باتيستوتا» هداف منتخب الارجنتين وفريق فيرونتينا الايطالي بالإضافة إلى نجمة التنس الارجنتينية «غابريلا ساباتيني» التي توصف بأنها اجمل لاعبة في تاريخ لعبة التنس على الاطلاق! مفاجآت برنامج مارادونا لا تتوقف عند حد سؤال الضيوف عن أمور شخصية ومحرجة احيانا، بل إن ساحر كرة القدم، يبدو ساحرا في اقناع الضيوف على الكشف عن جوانب مخفية في حياتهم، حيث اقنع مارادونا «بيليه» مثلا بالعزف على الغيتار واداء اغنية كتبها ولحنها الاخير بنفسه، وكانت مفاجأة للمشاهدين أن يعرفوا أن النجم البرازيلي مؤد وعازف لا بأس به ايضا. اخر ضيوف البرنامج كان المغني الاسباني «انريكي اغلياسيس» في حلقة يوم الاثنين، وسبقه قبل ذلك العديد من النجوم والنجمات العالميين.

ومما يزيد من شعبية البرنامج النشاطات التي يقوم بها النجم الارجنتيني السابق حيث انه مستمر في موقفه «المبدئي» المعادي لسياسات الولايات المتحدة، وبالأخص الحروب التي تشنها على بعض دول وبلدان العالم الثالث، بالاضافة طبعا الى استمراره في تأييد الرئيسي الفنزويلي المثير للجدل «هيوغو شافيز»، حيث يحرص مارادونا على الظهور معه في المسيرات الجماهيرية، وتأييد مواقفه المناهضة للرأسمالية..

ويعتبر نجاح مارادونا في برنامجه الجديد صعودا جديدا الى القمة بعد أن قضى سنوات من الضياع، إثر توقيفه من اللعب في كأس العالم عام 1994 بعد اختبار لتعاطي العقاقير كشف أنه تناول مواد مزدوجة الاستخدام، حيث أصر مارادونا على أنه تعاطاها بغرض تخفيف الوزن وأنه ابلغ الفيفا قبل بدء الدورة، وتبع ذلك كشف اختبار اخر اثناء لعبه في الدوري الايطالي مع فريق نابولي أنه كان مدمنا على المخدرات والكوكايين تحديدا وانهارت بعد ذلك مسيرته الكروية، حيث اوقف من اللعب وحاول العودة مع فرق ارجنتينية كلاعب ومدرب غير أنه لم يحقق نجاحا يذكر، وتدهورت حالته الصحية وزاد وزنه بشكل كبير وتعرض لأزمات قلبية حادة قضى اثرها فترات طويلة في المستشفيات والمصحات، للعلاج من الادمان الذي تسبب اصلا في تدهور حالته الصحية.. غير أن مارادونا لا يستسلم بسهولة فاعتزل العالم وقضى فترة في كوبا حيث يبدو انه تعافى من الادمان ومن ثم اجرى عملية لتصغير المعدة و«التخسيس» وعاد رشيقا.. واعلن عن نيته تقديم برنامج حواري.. وبالفعل قام بذلك وحقق نجاحا مذهلا وعاد «ساحرا» مرة اخرى ولكن ليس في المربع الاخضر بل في الصندوق الفضي!