تلفزيون ديفيد

TT

هناك شيئان عند الانجليز بلا نكهة ولا مذاق. التلفزيون والأكل. في أمسيات لندن داخل غرفة الفندق لا اجد شيئاً أفعله سوى القراءة أو الحديث للجدران... ثم مضطراً مشاهدة التلفزيون.

يا لها من نشرات تلك التي تبثها القنوات البريطانية.

منذ أزيد من 45 يوماً وانا «مجبر أخاك لا مشاهد» يتابع هذه النشرات. جميع النشرات يحتكرها المدعو «ديفيد». لكن من هو «ديفيد» ؟

منذ أسابيع ونشرات الاخبار تركز على الصراع بين كل من «ديفيد كاميرون» و «ديفيد ديفيس» المتنافسين على زعامة حزب المحافظين. كل مساء نتابع أخبارهما مثل احوال الطقس.

ثم تراجع هذان الـ«ديفيدان» ليفسحا المجال لـ«ديفيد» آخر، هو ديفيد بيكهام لاعب فريق ريال مدريد الاسباني وكابتن المنتخب الانجليزي المفترض. وكل الحكاية أنه طرد في إحدى المباريات فقام الانجليز.. ثم قاموا، ليجعلوا منها قضية تهيمن على نشرات ونشرات من الأخبار. ونحن نشاهد.

ثم جاء «ديفيد» آخر ليزيح «ديفيد» اللاعب. هذه المرة كان حظنا مع «ديفيد بلانكيت» اول وزير كفيف في تاريخ الحكومات البريطانية. للرجل قصتان. مرة حين كان وزيراً للداخلية و«تساهل» مكتبه مع تأشيرة خادمة لصديقته، فأقيل من منصبه، وفي المرة الثانية حين اصبح عضواً في مجالس إدارات بعض الشركات وهو خارج الوزارة، وقيل لنا إن ذلك لا يجوز، فاضطر أن يستقيل من جديد من منصبه كوزير للعمل.

عدا هؤلاء أمطرتنا القنوات البريطانية باخبار «انفلونزا الطيور» الى حد التخمة. وأصبنا بالهلع الى درجة أن رؤية دجاجة محمرة او بيضة مسلوقة كانت تثير في أنفسنا شعوراً بان أجلنا قد دنا. أما يوم اكتشف الانجليز ان هناك ببغاءً مسكيناً مصاباً بانفلونزا الطيور وكان محتجزاً في الحجر الصحي، فإن نشرات الاخبار اصبحت مثل «المارشات العسكرية». يطل المذيع على المشاهدين فيبدأ النشرة بكلمة واحدة «الببغاء». ثم اكتشفنا أن ضجة «الانفلونزا» كلها مثل طرق الأواني الفارغة، او كما يقول المثل «يا هذه الدجاجة كل هذا الصياح من أجل بيضة واحدة».

الخلاصة ان التلفزيون البريطاني رسخ لدي الاقتناع بأن التلفزيون سواء كان في لندن أو في واغادوغو عاصمة بوركينافاسو، هو وسيلة إعلام «للدهماء والجموع».

بقي شيء. التلفزيون البريطاني متفوق جداً في البرامج الوثائقية. شاهدت برنامجين. الاول حول «غزوة» المهاجرين الافارقة لجدار مليلية. والثاني كان برنامجاً مكرراً هو حوار مع ليدي ديانا أجراه الصحافي مارتن بشير عام 1996. في ظني شخصياً، على الرغم من ان البرنامج جاء في سياق علاقة «بي بي سي» مع المؤسسات الحاكمة، فإن غرضه كان هو التنغيص على كاميلا زوجة الامير تشارلز التي تزور أميركا أول زيارة رسمية باعتبارها زوجة أمير ويلز.

طلحة جبريل