شانيا تواين تحصل على أعلى وسام فخري في كندا

الفتاة الكندية المعدمة وصلت أخيرا

TT

واخيرا وصلت «شانيا تواين» الفتاة الفقيرة المعدمة التي ولدت لابوين يصارعان لأجل توفير لقمة الخبز لابنتهما، فلقد انضمت إلى «فئة المكرمين الكنديين» Order of Canada، عندما قلدها الحاكم الفخري للبلاد الجنرال «ميشيل جان» وسام «الفئة». وكانت المغنية الكندية قد غيرت اسمها إلى «شانيا» عام 1991 عندما وقعت أول عقد لتسجيل البوم خاص بها، وتعني كلمة «شانيا» ـ تكتب شنايا احيانا ـ بلغة «الاوجيبوا» وهم فئة من الهنود الحمر «إني قادمة». ويمثل الانضمام إلى «فئة المكرمين الكنديين» اقصى ما يطمح إليه أي مواطن كندي، فالفئة التي أنشئت عام 1967 وتترأسها الملكة اليزابيث الثانية لا تضم أكثر من 165 فردا من الأحياء خلال فترة زمنية واحدة· ولا ينضم إليها إلا المبرزون الذين سعوا إلى جعل كندا بلدا أفضل أو ساهموا في جعل العالم ككل مكانا افضل. في 28 اغسطس عام 1965 رزق «شارن» و«كلارنس ادواردس» بطفلة ذات وجه ملائكي، وعلى الرغم من فرحهما الشديد بالمولود إلا أنهما أيضا شعرا بغير قليل من الحزن، فهما يعيشان في بلدة «تيمينس» الصغيرة بولاية اونتاريو الكندية وبالكاد يستطيعان تغطية تكاليف الحياة، ومصادر الرزق في البلدة محدودة جدا. حياة الفقر الشديد والحرمان لم تعد تطاق ولم يبق امامهما سوى الانفصال وبالفعل وقع الطلاق بعد اقل من عامين من ولادة ابنتهما «ايلين ريجينا ادواردس».

وكتب للأم الزواج مرة اخرى وتزوجت من شخص يدعى «جيري تواين»، وكتب للطفلة الصغيرة أن تعيش في حياة من الفقر بعيدا عن والدها الأصلي، وكتب لها أن تحمل اسم زوج أمها فأصبحت «ايلين تواين». وعلى الرغم من كل ذلك كانت الطفلة الصغيرة معتدة بنفسها جدا ومقتنعة بأنها ستصبح فنانة عظيمة في يوم من الأيام، وبالفعل كرست حياتها للغناء، وفي سن صغيرة ـ 13 عاما ـ شاركت في برنامج المغني الكندي الاسطوري «تومي هانتر» وأذهلت مقدم البرنامج والمشاهدين، حيث بدت فتاة جميلة وجاذبة ذات صوت ساحر على الرغم من أن سنها كانت صغيرة جدا. واستمرت في الغناء بالمدرسة، وغنت مع فرقة محلية. وما كادت تتجاوز مرحلة المراهقة حتى حلت بها مصيبة جديدة فقُتِلت والدتها وزوج والدتها في حادث سير مروع، ووجدت نفسها مسؤولة عن ثلاثة اخوة صغار، وشعرت «إيلين» أن كل أحلامها قد تحطمت. لكن الإصرار و«النصيب» يفعلان فعل السحر، فبينما هي تغني في أحد المنتجعات السياحية بمنطقة «هانتس فيل»، اقترب منها أحد «المُنتجعين»، وأكد لها أن موهبتها مدفونة في ذلك المنتجع، حيث كانت تؤدي وصلات غنائية لقاء أجر ضعيف تصرف معظمه على تكاليف تربية اخوتها الصغار. وكان ذلك «المُنتجع» محامي شركة «ناشفيل» للانتاج الفني، وبالفعل سجلت «إيلين» شريطا تجريبيا وسلمته للشركة، وعلى الفور ودون تردد طلبت منها ادارة الشركة توقيع عقد تسجيل البوم، وغيرت عندها «إيلين» اسمها إلى «شانيا» (إني قادمة).

فرضت شركة «ناشفيل» على «شانيا» أن تغني من كلمات والحان اشخاص آخرين، ولم يسمحوا لها بتسجيل اغان من كلماتها والحانها، وأضحت علاقتها مع الشركة سيئة بسبب ذلك حيث كانت ترغب في أن تغني من كلماتها، كما أنها ورغم حبها لأغاني «الريف» الأمريكي Country Music كانت ترغب في إدخال عناصر من الأنماط الغنائية الأخرى، وبالطبع لم تحقق اغانيها الكثير من النجاح، فالكلمات مملة ومكرورة والألحان نمطية، إلا أن صوتها الجميل جدا كان يغطي على ذلك، في هذه الاثناء استمع الفنان (الملحن وكاتب الكلمات والموزع الموسيقي) «روبر مات لانغ» إلى إحدى اغانيها عن طريق الصدفة، وعلى الفور صاح «وجدتها».. إنه الصوت الذي سيكسر الارقام القياسية ! وبعد جهد اتصل «لانغ» بشانيا، وأصبحا صديقين عبر الهاتف، ولم يكن «لانغ» قد رأى «شانيا» بعد، إلا أن قلبه بدأ في الخفقان، وحتى صور الالبومات لم تكن جيدة ولم تظهر جمالها الحقيقي، وتخيلها فتاة عادية، وبعد عشرات المكالمات التقى «لانغ» بشانيا، وإذا به يفاجأ بإحدى اجمل نساء كندا على الإطلاق تقف أمامه بلحمها ودمها، ولم تمر اشهر على لقائهما في شهر يونيو عام 1993 حتى تزوجا في شهر ديسمبر من نفس العام، وأطلق هذا الزواج ثنائيا مذهلا، حيث قررت «شانيا» أن لا تغني إلا من كلماتها أو كلمات زوجها، ومزجت اغاني «الريف» باغاني «البوب»، لتخرج إلى العالم بالبومها الثاني المذهل «المرأة التي بداخلي»، وعلى الفور باع الالبوم الذي ضم اغاني ذات كلمات استفزازية ومتحدية اكثر من 12 مليون نسخة، وتصدر قائمة الاغاني بكندا لأشهر، وتكالب عليه محبو الموسيقى في الولايات المتحدة وأوروبا، بل إن شهرتها وصلت إلى العالم العربي من خلال ذلك الألبوم أيضا، وكان ذلك عام 1995 . وتوقفت «شانيا» عن الغناء لعامين كما هي عادتها، اعدت خلالهما البوما ثالثا، لقي انتقادات حادة جدا من النقاد فور اصداره، لكن الجمهور تلقاه بتلهف وبيعت منه 172 الف نسخة فور اصداره، وهو رقم مذهل حيث اصطف الناس في طوابير امام المحال لشرائه. واستمرت المفاجأة واثبت الجمهور أن «شانيا» تفهم في الموسيقى افضل من الف ناقد، وباع الالبوم اكثر من 20 مليون نسخة في الولايات المتحدة وحدها واكثر من 39 مليونا عبر العالم، وفقط للمقارنة هذا اكثر من كل ما باعه الموسيقيون والفنانون العرب منذ دخول التسجيل إلى العالم العربي. والأكثر من ذلك اعتبر هذا الالبوم انجح البوم «ريف» في التاريخ، وسادس اكثر الالبومات مبيعا في التاريخ، وحصلت «شانيا» على اربع جوائز «غْرامي»، أضيفت إلى الجائزتين اللتين حصلت عليهما عن البومها الأول، وعلى الرغم من أن الالبوم ضم اغاني اعتبرت من نمط «الريف» إلا أنها كانت في الواقع متميزة، فكلماتها سهلة الحفظ والترديد، وأضحت بعض الجمل فيها امثالا سائرة، كما أن زوج «شانيا» طوع اساليب عزف «الروك» وادخلها في اغاني «الريف»، التي لم تعد في الحقيقة اغاني «ريف» بل اقتربت وبشدة من «البوب»، ولذلك اعتبرت «شانيا» نجمة حفلة Divas عام 1998، على الرغم من أن المشاركات معها في الحفل كن من اجمل وأروع المغنيات الاميركيات والكنديات، حيث ضم الحفل «ماريا كيري» و«سيلين ديون» و«غلوريا ستيفان». وكلمة «ديفاس» الإيطالية تعني «الآلهة» الإناث، وتطلق على المغنيات المغرورات اللائي لا يشفع لهن سوى جمال اصواتهن.

وبعد غياب استمر خمس سنوات اصدرت «شانيا» البوم UP عام 2001 واعتبر فاشلا بمقاييسها حيث باع 5.5 مليون نسخة فقط في الولايات المتحدة وأكثر من 10 ملايين نسخة عبر العالم.. ويعتبر الوصول إلى هذه الارقام انجازا بالنسبة للكثير من المغنيين العالميين إلا أنه بالنسبة للطفلة الكندية التي قضت طفولتها في فقر وحرمان يعتبر فشلا.. بالفعل لقد وصلت «إيلين ريجينا ادواردس» إلى ما كانت تصبو إليه.