أول مذيعة عربية في التلفزيونات الأوروبية بدأت من قناة بلجيكية

التلفزيون البلجيكي: المنافسة أصبحت قوية بين القنوات الخاصة والحكومية بعد اختفاء الألوان

TT

مع مطلع الخمسينات انطلق الارسال التلفزي البلجيكي «ان.اي.ار»، ليقدم برامج وفقرات لعدة ساعات في اليوم على مدى ايام الاسبوع، باستثناء يوم الاثنين. وكانت البداية انطلاق برنامج يحمل اسم «المشهد في اسبوع»، وجرى تقسيم البرامج والفقرات بين اللغتين الرسميتين في البلاد الفلامنكية «القريبة من الهولندية»، والتي يتحدث بها ما يقرب من 58% من البلجيكيين واللغة الفرنسية، التي يتحدث بها سكان المنطقة الوالونية أو الفرانكفونية الذين يشكلون اقل من 40% من اجمالي السكان. ومع مطلع الستينات زادت ساعات الارسال التلفزي، وزادت معها البرامج التي كانت موجهة للمواطنين، والفقرات المختلفة سواء الاخبارية منها او الحوارية او الدراما وغيرها، وفي السبعينات بدأ الانفصال الحقيقي لمحطات التلفزيون البلجيكية حسب اللغة، وحسب الانتماء السياسي، وأصبح هناك انتماء حسب الالوان! بمعنى ان انتماء القناة يكون للحزب السياسي، الذي يسيطر على الأمور وتكون القناة ملونة بلون الحزب. وعرف المواطن البلجيكي في منتصف السبعينات، قناة ناطقة باللغة الفرنسية، وهي قناة «بي.ار.تي»، والتي اصبحت بعد ذلك «ار.تي.بي.اف»، وقناة باللغة الفلامنكية هي «في.ار.تي»، والتي اصبحت القناة «رقم واحد»، وبدأت تقدم برامجها في المجالات المختلفة. ونسبة كبيرة من المشاهدين، كانت تفضل في ذلك الوقت، مشاهدة قنوات من الدول المجاورة مثل فرنسا وهولندا، ولكن مع مرور الوقت اصبح عدد المتابعين لتلك القنوات، اقل بكثير، وهبطت نسبة من يشاهدون تلك القنوات من 25% الى 3 ونصف في المائة، خلال شهر اكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وفي نهاية الثمانينات ظهرت القنوات الخاصة او التجارية التي تعتمد على الاعلانات، وحدثت طفرة في الاستثمار في المجال الاعلامي، وظهرت قنوات متخصصة في الرياضة والموسيقى والدراما وغيرها، وتراجعت القنوات الحكومية امام تلك القنوات التي حققت نجاحا كبيرا، وكان ابرزها قناة «ار.تي.ال» في الجزء الفرنسي، وقناة «في.تي.ام» في الجزء الفلامنكي.

«الشرق الأوسط» زارت احدى القنوات الناطقة بالفرنسية، وهي القناة العريقة «ار.تي.بي.اف»، والتقت بأول مذيعة من أصل عربي في التلفزيون البلجيكية، وربما في محطات التلفزيون الاوروبية، حسب ما ذكرت المغربية الأصل خيتي أمينة بن هاشم، والتي اضافت بأنها التحقت بالعمل في محطة الراديو والتلفزيون البلجيكي الناطق بالفرنسية في عام 1973، عندما قررت القناة «بي.ار.تي» في ذلك الوقت، توجية برامج للأقليات الموجودة في بلجيكا، ومنها العرب وجنسيات اخرى مثل الايطاليين والاسبان واليونانيين والاتراك. قدمت المذيعة المغربية برنامجا في الراديو والتلفزيون، يحمل نفس الاسم «اليكم»، وكان موجها للجالية العربية، التي كان المغاربة يشكلون الجزء الاكبر منها. واهتم البرنامج بالموضوعات التي تهم العمال العرب المغاربة، الذين جاءوا مطلع الستينات، للمشاركة في اعادة اعمار عدد من الدول الأوروبية، ومنها بلجيكا، وإصلاح ما دمرته الحرب العالمية الثانية، واستمر البرنامج عدة سنوات، يقدم لهؤلاء الاجانب موضوعات تتعلق بظروف العمل، والمشاكل التي يمكن ان تواجههم وكيفية التغلب عليها، بالإضافة الى تقديم الأغاني المغربية والجزائرية، وأغاني ام كلثوم وعبد الوهاب وغيرهم، بعدها قدمت أمينة برنامج «سندباد»، الذي بدأ يوسع دائرة اهتماماته وموضوعاته، من خلال مناقشة اهم الملفات، التي تهم المهاجر العربي في كافة النواحي الحياتية، والآن تقدم المذيعة المغربية برنامجها «الف ثقافة وثقافة»، الذي يخاطب الثقافات والاقليات المختلفة الاجناس. وقالت خيتي امينة بن هاشم، إن قناة «ار.تي.بي.اف»، تهتم بالاخبار في المقام الاول، وفي نفس الوقت، تقدم البرامج المتنوعة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهي من المحطات الجادة التي تقدم كل ما يحتاجه المشاهد، ويصل عدد المشاهدين لتلك القناة ما يقرب من 4 ملايين ونصف المليون مشاهد، وتواجه منافسة قوية من القنوات الفرنسية والقنوات البلجيكية التجارية الناطقة بالفرنسية، ولكن ظلت تلك القناة تحتفظ بشخصيتها وتميزها بالبرامج الاخبارية والتقارير والبرامج التحليلية في المجالات المختلفة، وعن المنافسة مع القنوات البلجيكية الأخرى قالت أمينة لا توجد منافسة مع القنوات الناطقة بالفلامنكية، وتضيف «أنا مثلا لا أشاهد تلك القنوات، لأني لا أجيد تلك اللغة، ولكن المنافسة مع قنوات مثل فرنسا 2 الفرنسية، وقناة «ار.تي.ال» البلجيكية التجارية الناطقة بالفرنسية». وعن وجود شخصيات أجنبية في التلفزيون البلجيكية اعربت المذيعة المغربية الأصل عن اسفها لقلة عددهم، وقالت «هناك سيدتان عربيتان في نشرات الاخبار من اصل جزائري، وعدد محدود في اعداد الاخبار والفنيين، ولكن للاسف لا يحصل الأجنبي على فرص كثيرة في التلفزيون، ليس فقط في بلجيكا، ولكن على المستوى الاوروبي، باستثناء انجلترا، التي اعطت الفرصة لعدد من الاشخاص من جنسيات اجنبية مختلفة، وأتمنى طبعا أن يحصل الأجانب سواء العرب او الافارقة او أية جنسية اخرى، على فرص اكبر في مجال الاعلام البلجيكي، وانا مثلا سوف ابلغ سن التقاعد بعد ثلاث سنوات، وكنت اتمنى ان يكون هناك عدد اكبر من العرب يشكلون استمرارا وتواصلا وجيلا ثانيا وثالثا، من الشخصيات العربية والإفريقية او الأجنبية بصفة عامة في التلفزيون البلجيكية». اما عن الأسباب وراء قلة عددهم فقالت امينة «اعتقد ان المسؤولين في محطات التلفزيون، اقدر مني في الاجابة عن هذا السؤال».

وفي محطة التلفزيون الفلامنكية التجارية «في.تي.ام»، التقت «الشرق الأوسط» مع «مارك فان لومبيك» مدير العلاقات العامة والمسؤول الاعلامي، الذي اتفق مع المذيعة المغربية في الكثير من النقاط، ومنها غياب المنافسة بين محطات التلفزيون الفلامنكية والفرانكفونية. وعن غياب العنصر الأجنبي، وعدم وجود برامج موجهة للجاليات الاجنبية، من خلال القناة التي يعمل بها قال مارك، انه بالفعل لا توجد مثل هذه البرامج، لأن معظم الاجانب الذين جاءوا الى بلجيكا «يفضلون اللغة الانجليزية أو الفرنسية، وخاصة المغاربة، الذين يجيدون اللغة الفرنسية، ولا يتحدثون الفلامنكية، ولكن نحن نقدم برامج تناقش موضوعات تهم الجاليات الأجنبية، كما ادركنا مع مرور الوقت، ان هناك اجيالا جديدة من الاجانب، تتحدث اللغة الفلامنكية، وأعطينا الفرصة لشخصيات من أصول أجنبية للعمل معنا، وهناك على سبيل المثال مذيع للاخبار من اصل تركي، كما ان انتاج المحطة من الدراما، يعطي الفرصة للممثلين من أصول أجنبية للعب ادوار في المسلسلات، وأعتقد ان المرحلة المقبلة سوف تشهد فرصا اكبر واهتماما اكبر بالجاليات الأجنبية، وسوف نراعي ذلك في خطط القنوات سواء من خلال البرامج أو فرص العمل، وخاصة في ظل تزايد اعداد الاجانب المتحدثين باللغة الفلامنكية، وظهور اجيال متعاقبة منهم في بلجيكا». وعن ظهور القنوات التجارية قال «ظهرت تلك القنوات في البداية في الجزء الوالوني، ثم انطلقت في عام 1989 في المنطقة الفلامنكية، وظهرت «في.تي.ام»، ونجحت منذ انطلاقها وتأثرت بها القنوات العامة او الحكومية التي كانت تتلون بلون الاحزاب السياسية، والتي لاحظت ذلك في عام 1996، وقررت الاحزاب عدم التدخل في عمل تلك القنوات التي عادت من جديد وبقوة، وبدأت منافسة قوية بينها وبين القنوات الخاصة، وخاصة في المنطقة الفلامنيكية، حيث تشير الارقام الصادرة في اكتوبر الماضي، الى حجم المنافسة بين قناتنا والقناة العامة «قناة رقم واحد»، ولكن في الجزء الفرانكفوني، الأمر يختلف، حيث ان القناة التجارية «ار.تي.ال»، تتفوق على القناة العامة «ار.تي.بي.اف». وأضاف فان لومبيك، أن النجاح الذي حققته قناة «في.تي.ام» والطفرة في مجال الاستثمار بالعمل التلفزي، ساعد في ظهور قنوات اخرى تابعة للمحطة، «ويمكن القول اننا نخاطب كل الاعمار، حيث توجد قنوات وبرامج موجهة لكبار السن والاطفال والنساء والمراهقين، والمراحل السنية المختلفة والهوايات المختلفة، ومنها قنوات للرياضة والموسيقى والدراما وغيرها، ونقدم البرامج بكافة انواعها لخدمة كل المواطنين».