الإذاعية المغربية فاطمة هوري: الفوز بجائزة ليس ذروة النجاح

إعلامية مغامرة قضت أكثر من 72 يوما في الصومال و6 أشهر في الصحراء

TT

تقول فاطمة هوري، الإذاعية المغربية الفائزة بإحدى جوائز الصحافة المغربية الكبرى هذه السنة، بتواضع غير مفتعل، انه كان لها امل كبير في فوز البرنامج الإذاعي الذي شاركت بإحدى حلقاته المخصصة لانتهاكات حقوق الإنسان في المغرب، من خلال تجربة الاعتقال السياسي التي طالت المرأة، وبالتالي فهي مسرورة بنتيجة التحكيم، خاصة أن قسم الأخبار بالعربية، الذي تعمل رئيسة تحرير به، تقدم للتباري بالبرنامج الذي أعدته بالتعاون مع زميلين آخرين هما عبد الله جبير ومصطفى بولال، إذ لم تعد المشاركة محصورة في مصالح إنتاج البرامج بالإذاعة المركزية وفروعها، التي بلغ عددها 24 مادة إذاعية دخلت حلبة المنافسة.

لم تنطلق الفائزة من إحساس ثأري للانتقام من ظلم الرجل للمرأة أو إظهار قسوته عليها، كما قد يتبادر للذهن، بل وضعت البرنامج في سياق المجهود التربوي الكبير الذي يبذله المغرب بسائر مكوناته من أجل تعرية المسكوت عنه، وطي صفحات انتهاكات حقوق الإنسان. وتعترف هوري أنها استفادت كثيرا من العمل الذي قامت به هيئة «الإنصاف والمصالحة»، التي أوكل إليها العاهل المغربي الملك محمد السادس تصفية هذا الملف الشائك، مثلما استفادت من دورة تكوينية في السويد للإحاطة النظرية بزوايا ومقاربات حقوق الإنسان، كما أغنت الجانب الوثائقي بما أتيح لها الاطلاع عليه لدى هيئة الإنصاف، والفعاليات الحقوقية والجمعوية الناشطة في هذا الحقل.

سألتها «الشرق الأوسط» عن الجديد الذي يمكن أن يقدمه برنامج تناول موضوعا مطروقا من أكثر من جهة، فأجابت بمثل التواضع الذي استهلت به حديثها: «إن الحكم ترك للجنة التي أصدرت حكمها، لكن الفائزة تعتقد من وجهة نظر مهنية صرفة بعد أن وقع تباعد زمني بينها وبين البرنامج، ان القيمة المضافة تمثلت في متابعة التحريات والتحقيقات التي امتدت مدة ثمانية أشهر انشغل فيها كل المغاربة بهذا الموضوع الإنساني المؤلم، إضافة إلى خصوصية ونوعية الشهادات الشخصية (الضحايا والمعاقبين) المضمنة في الحلقة الفائزة، وأسلوب مقاربتها وعرضها والتعامل معها، عدا المستلزمات الفنية الأخرى كالتمويج الموسيقي الذي اعتمد على قطعة للفنان اللبناني، مارسيل خليفة».

وفي سياق التطرق إلى الجائزة، تعود هوري، لتجزم أن الفوز لا يعني بالنسبة إليها ذروة النجاح، بقدر ما هو محفز على الاستمرار في العمل ضمن شروط غير عادية تجملها في عدم تثمين المنتوج وغياب المعايير المهنية في غالب الأحيان في أسلوب التعامل، إضافة إلى نقص في وسائل العمل.

وبخصوص مستقبل المشهد الإعلامي في المغرب المقبل على تحولات، تكتفي الإذاعية التي تنقل إلى المستمعين الأخبار بصوت ذي غنة شجية بالقول إنها تراقب تحولات المشهد من موقع المتفرج الكبير ريثما تنجلي الصورة، وتستدرك: «يجب أن نتحلى مع ذلك بالتفاؤل». رغم قناعتها الراسخة أن الإعلام لا يمكن أن يتطور من دون إشراك العاملين فيه، معربة عن نوع من الأسف لكون الجهود النقابية في المغرب موزعة في هذا المجال، ولا يفوتها تسجيل أن جوا من الحرية يسود المؤسسة التي تعمل بها، وأن باب المبادرة أصبح مشرعا أكثر من ذي قبل، ضمن إطار التقيد بالقواعد المهنية. وفي هذا السياق، تضيف هوري، ان باب المشاركة في الجائزة كان مفتوحا، ولا توجد هيئة قبلية في الإذاعة تقوم بتقييم أو مراقبة البرامج قبل التقدم بها.

لا تتردد الإذاعية الجريئة، خريجة المعهد العالي للصحافة بالرباط (فوج 1986)، التي ذهبت إلى الصومال عام 1993، وأمضت فيه 72 يوما رفقة الكتيبة العسكرية المغربية، في القول إنها كمستمعة ليست راضية تمام الرضا عن برنامجها، وهي بقدر ما رحبت بالتهاني، تود لو انهالت عليها الملاحظات والانتقادات لتتلافاها في ما هو مقبل، وهي في أتم الاستعداد للقيام بمغامرة صحافية أخطر من تلك التي قامت بها، في الصومال وفي المحافظات الصحراوية بإذاعة العيون، حيث أمضت ستة أشهر. وتعلق هوري على عملها خارج العاصمة «تلك مغامرة مهنية يتمناها كل واحد، وعندما تتاح يجب أن نقبل عليها دون تردد، فهي امتحان للكفاءة والمهنية وصبر على التحمل وتكسير لروتين العمل اليومي».

وعن سر بقائها في الإذاعة وما يخيفها في التلفزيون وهي المتوفرة على كل مواصفات الظهور على الشاشة الصغيرة، تجيب هوري بما يشبه الرغبة الدفينة في خوض التجربة التلفزيونية، معتبرة ان طبيعة العمل تجعلها تتخوف من خوض هذه التجربة.. في ظل غياب الضمانات المهنية للنجاح.