مائة وجه ووجه للفرنسية إيزابيل اوبير

أشهر مصوري العالم حاولوا فك رموز جمالها

TT

هل هي مصادفة ان تكون الممثلات الفرنسيات الاكثر موهبة، صاحبات ملامح عادية، ام انه، مرة اخرى، يضع سره، سبحانه، في اضعف مخلوقاته؟

ان ناتالي باي، مثلا، لا يمكن ان توصف بالجميلة. وجولييت بنيوش (جائزة الاوسكار) ذات جمال متوسط، وجان مورو كانت بين بين، ثم اكل الدهر على وجهها وشرب ورفع قبعته تحية لاصرارها على البقاء في مقدمة المشهد الفني. لكنهن جميعا، عندما يقفن امام الكاميرا، يتحولن الى نساء رائعات الحسن، رغم ان ملامحهن من النوع الملغز والغامض الذي لا يتطابق ومعايير الابهار والجمال الجلي.

واحدة من هؤلاء الممثلات القديرات الغامضات هي إيزابيل اوبير، التي يقام لها في باريس، حاليا معرض يجمع 110 صور لها من نوع «البورتريه»، التقطتها عدسات اشهر مصوري هذا الزمان، امثال هنري كارتييه، بريسون، ريتشارد افيدون، روبير دوانو، وهلموت نيوتن. لقد حاول كل واحد منهم ان يخترق تلك النظرة الواسعة التي تبدو فاغرة لكنها تقول، بصمت بليغ، معاني كثيرة.

ان ملامح اوبير هي من ذلك النوع الذي يمكن ان تصادف العشرات منه في المترو والشارع والسوبر ماركت. وجه ابيض ذو حمرة اوروبية، يتناثر عليه نمش كثيف ويحيطه شعر كسول لا روح فيه. لكن هذا الوجه العادي، تحول بين ايدي المخرجين الى عجينة ذات تحولات عجيبة، تتركز كلها في النظرة وشبه الابتسامة، بلا كثير انفعال او تأزم.

والمعرض الذي يستمر حتى الثأمن عشر من فبراير (شباط) الجاري، يقام في دير سابق للراهبات الفرنسيسكانيات في الحي اللاتيني، ويجتذب مئات الزوار يوميا، من محبي الفنون الذين يريدون ان يزوروا الدير الذي صار متحفا، وان يستعيدوا السنوات الثلاثين الماضية من حياتهم وهم يتفرجون على صور ممثلة رافقتهم ادوارها منذ ان كانوا في أول الشباب، حتى اوشكوا على وداع الكهولة.

ولدت ايزابيل اوبير، وهي واحدة من ثلاث شقيقات احترفن الفن، لأب كان يملك مصنعا للخزائن الحديدية المصفحة ولوالدة عملت في تعليم اللغة الانجليزية ويعود الفضل الى الأم في تسجيل الصغيرة في «الكونسرفاتوار» الموجود في فيرساي، غير بعيد عن بيت العائلة. وهناك حازت ايزابيل على الجائزة الاولى في التمثيل عن دور في مسرحية «نزوة» لموسيه.

منذ أول ادوارها في السينما «فوستين والصيف الجميل» للمخرجة نينا كومبانيز، لفتت تلك المراهقة ذات الاستدارات الطفولية انتباه النقاد ببراءتها التي تنطوي على سحر ما. فتوالت عليها الادوار حتى تكرست نجمة عندما فازت وهي في الخامسة والعشرين بجائزة افضل ممثلة في مهرجان «كان» السينمائي عن دورها في فيلم «فيوليت نوزيير» للمخرج ذائع الصيت كلود شابرول.

وبعد سلسلة من ابرز الادوار مع كبار مخرجي فرنسا، ذهبت اوبير الى هوليوود بعد ان جاءتها فرصة للتمثيل مع المخرج مايكل شمينو في «باب الجنة» وكانت تلك الخطوة فاتحة لباب العمل مع مخرجين عالميين امثال فاجدا، فيريري ولوزي، لكن كلود شابرول ظل المخرج الذي تعود اليه بعد كل مغامرة في الخارج.

لقد وجد فيها الممثلة المثقفة، فأعطاها احلى ادوارها في «مدام بوفاري» و«الطقس» و«قضية نسائية» ونالت عن الفيلمين الاخيرين جائزتي التمثيل في مهرجان البندقية السينمائي.

ومع حلول التسعينات، غابت ذات الوجه الهادئ الغامض لانها ما عادت تطل على جمهورها الا من خلال ادوار استثنائية. وفي العالم الماضي جرى تكريمها في مهرجان البندقية في ايطاليا، بمنحها جائزة الأسد الذهبي عن مجمل مسيرتها الفنية.