موضوع «النمر الوردي».. عودة كوميدية ممتعة بلا تميز

TT

ساعد نجاح بيتر سيليرز الذي ابتكر شخصية المحقق كلاوسو بلهجته الفرنسية الغريبة في فيلم بلايك إدوارد لعام 1964 (النمر الوردي)، وإتقان الممثل في تأدية فوضوية هذه الشخصية، وبالتالي نجاح الفيلم ككل، باستمرار صناعة مسلسل سينمائي حول هذا المحقق المضحك. موهبة بيتر سيليرز كممثل تكمن في كم الطاقة التي يختزلها في كل مسامة من مسامات وجهه مما يسمح له بإخراج كل حركة بطريقة طبيعية ومصدقة. من الصعب أن تجده خارج الشخصية بحثاً عن خيط ساذج أو سخافة غير مألوفة ينفر منها المشاهد، هذه البراعة والالتزام كمؤد أحيت شخصية المحقق كلاوسو إلى الأبد. صحيح أن أفضل تمثيله لن يخرج عن فيلمي هال أشبي (الوجود هناك) وتحفة ستانلي كوبريك (دكتور الحب الغريب)، إلا أن إنجازه الجسدي والذهني يكمن في جديته بلعب دور شخصية لا تعرف شيئا عن الجدية. عندما يقتل مدرب كرة قدم مشهور (جيسون ستاثام) أثناء احدى المباريات الفاصلة ويسرق منه خاتم النمر الوردي الثمين، يعمد رئيس المفتشين دريفوس (كيفن كلاين) الى اختيار تعيين أكثر المفتشين حمقاً لهذه القضية، ألا وهو المحقق جاك كلاوسو (ستيف مارتن). دريفوس على ثقة أن جاك لن يتوصل إلى شيء، فخطة دريفوس سرية تكمن بتسليط ضوء الاعلام على تحقيق جاك حتى يصل هو إلى دليل قوي. بالفعل، كلاوسو غبي، أينما ذهب وأينما حط يترك خلفه الفوضى والخراب، لكنه أيضاً لا يعرف شيئا عن صفاته هذه. مع شريكه جندرام غيلبرت بيتن (جين رينو) يبدأ بوضع قائمة بأسماء المشتبهين، من بينهم صديقة الضحية مغنية البوب اكسانيا (بيونسي نولز) الذي يقترب شيئاً فشيئاً من تجريمها بهذا الذنب. ستيف مارتن ممثل كوميدي بارع، لكنه يمتلك خيطا كوميديا مختلفا عن ما اشتهر به سيليرز. والأمر الجيد أن مارتن يلعب الشخصية على طريقته (لا يوجد اختلافات كثيرة انما تشعر بروح الممثل فيها) ولا يقوم بنسخ طريقة سيليرز على حذافيرها. مشكلة هذه الإعادة تكمن في السيناريو وليس الممثلين خلف الشخصيات، وهو يفتتح بجريمة كجميع أفلام النمر الوردي، لكن على عكس تلك الأفلام، فإن نسخة المخرج شون ليفي الجديدة لا تمتلك الكثير من الضحكات، كما أنه لا يفسح مجالا كافيا لحركات المحقق كما كانت الأجزاء القديمة. أفضل اللحظات التي مرت في تلك الأجزاء هي المشاهد التي كان يبقى بها سيليرز على الشاشة أطول فترة ممكنة، في تلك المشاهد كانت الأحداث والمواقف تزداد صعوبة عليه. المخرج بلايك إدوارد كان يتركه معلقاً في أحرج وأحلك الظروف. سيليرز وإدوارد لم يبحثا عن المشهد المتوقع أو النكتة الواضحة، وعندما يصلون إلى مبتغاهم يعودون إلى الشيء المتوقع عندما لا تتوقعه أنت.

سيناريو ستيف مارتن ولين بلام لديه الكثير من الحوار والقليل من الكوميديا الجسدية، هناك تركيز على لكنة المحقق كلاوسو الشنيعة. ربما حسب معايير الكوميديا المعاصرة، فإن هذا النمر الوردي الجديد يوفر عدة مشاهد ممتعة، لكن لا يوجد شيء مميز يبني مشاهد ومراحل من الضحك، ولا توجد كوميديا خاصة بالعنوان الذي يحمله الفيلم، كما أن شخصية ستيفن مارتن هنا تبدو أنها أذكى بمرحلة عن ما كانت شخصية بيتر سيليرز، حيث انه تقريباً يدرك كل ما يجري حوله (تشعر أحياناً انه يعرف درجة غبائه ويفهم ما يحصل له) ويتمكن من حل بعض الغموض، في حين أن سيليرز كان غافلاً وعشوائياً بوضوح واعتمد على الحظ الأعمى في كل شيء.