جمود إماراتي وفشل خليجي .. ونجاحات معدودة

TT

احتفلت الامارات المتحدة يوم الاثنين الماضي ـ وكعادتها في الخمس السنوات الاخيرة ـ بمواهبها السينمائية في ختام مسابقة افلام من الإمارات التي تقام سنويا في المجمع الثقافي بأبوظبي، إلا انها تجاوزت في هذه الدورة حدودها المحلية لتحتفل بالمواهب الخليجية الاخرى الحاضرة والمشاركة لأول مرة في فرع يختص بالمشاركات الخليجية استحدث في دورة هذا العام، بعد ان كانت طيلة الدورات السابقة لا تتعدى مشاركاتها العروض الخاصة وبانورما عربية. اختتمت المسابقة فعالياتها بكل ما تحمله في طياتها من سلبيات وملاحظات قد تؤثر سلبا على المردود الفني التي تهدف المسابقة الى تحقيقه. فالمشاركة الإماراتية التي تطورت في السنوات الاخيرة الماضية لم تقدم في هذه السنة الجديد والمثير ينبئ عن تقدم جديد في سبيل تحقيق سينما اماراتية مميزة في المستقبل القريب، وتكمن المشكلة الاساسية في الوسط الفني الاماراتي هو بقاؤها ضمن دائرة ضيقة التفكير، محصورة ضمن ابجديات القصيدة الحداثية الادبية، والتي لا تتوافق كثيرا مع صورة السينما الشعرية التي تسعى الى تحقيقه، أو حكايات شعبية واسطورية بسيطة او اقتباسات صريحة وفجة من افلام هوليوود التجارية والاستهلاكية، تنبئ عن فراغ فكري لا يزال يعيشه بعضا من صناع تلك الأفلام، والتي بلا شك تعطي المشاهد الخليجي وغيره تصورا سلبيا عن المستوى المتدني للوعي الفكري والاجتماعي، ومدى الاطلاع على المشاكل المحلية والإقليمية الاجتماعية منها والفكرية، التي لا يخلو منها اي مجتمع مهما بلغت مستويات رفاهيته، ويفترض ان تكون اهم مصدر لصناعة فيلم له هوية وفكر. وإن كانت هذه سمة بارزة في المشاركات الإماراتية ـ والتي بقيت تتميز بصورة مقبولة وجيدة ـ فإن المشاركات الخليجية كانت دون ذلك بكثير، والتي لم يتمتع الكثير منها بأي تعبير مناسب يمكن ان تصوف به، فالصورة السيئة والمعالجة الرديئة والأفكار الضحلة هي السمة للكثير من هذه المشاركات. وتكمن المشكلة الاساسية في هذا الضعف الملاحظ في الثقافة السينمائية البسيطة والضحلة التي يتمتع بها صناع تلك الافلام، على الرغم من الجهد المبذول من قبل ادارة المهرجان في ترتيب برامج مصاحبة للمهرجان تعرض فيها تجارب عالمية متميزة، يمكن ان تكون إضافة مهمة للثقافة السينمائية. فضلا عن غياب التوجيه المباشر والمحدد او النقد البناء لتجارب هذه المواهب، فبالرغم من تواجد العديد من النقاد وصناع السينما العرب إلا تواجدهم ضمن اروقة المسابقة وفي اللقاءات الخاصة التي تجمع بين تلك المواهب تكاد تكون محدودة بناقد أو اثنين. ومهما يكن من امر فالمسابقة لم تعدم المشاركات الجيدة والتي يجدر التنويه بها. فضمن المشاركات الإماراتية المتميزة يأتي فيلم «سماء صغيرة» لمخرجيه عمر ابراهيم وعبد الله حسن والذي نال جائزة افضل فيلم خليجي درامي كأحد افضل الافلام الإماراتية، فهو فيلم يتميز بفكرة بسيطة وصورة جيدة ومميزة دون الخوض في الرمزية المغرقة. وفيلم المخرج وليد الشيحي التسجيلي «احمد سليمان». وتميز فلم المخرج عبدالله بوشهري «مهملات» الحائز جائزة لجنة التحكيم بصورة رائعة استخدام جيد للإضاءة يعطي صورة سينمائية كانت مفقودة في كثير من الافلام، ويشاركه في ذلك فيلم «تحت الشمس» الذي تم تصويره بكاميرا 35 ملم. اما ضمن المشاركات الخليجية المتميزة يأتي فيلم المخرجه هيفاء المنصور «نساء تحت الظل» الحائز جائزة افضل فيلم تسجيلي خليجي كأحد اهم الأفلام المشاركة، والذي تميز رغم تواضعه التقني برؤية جميلة ومعالجة جيدة لموضوعه، وهو الحال مع الفيلم السعودي الاخر» السينما 500 كلم» للمخرج عبد الله العياف. وعند الحديث عن المشاركات السعودية يأتي فيلما «القطعة الأخيرة» للمخرج محمد بازيد والرسومي «سدا» للمخرج خالد الدخيل كأحد اهم تلك الأفلام والتي حصلت على تنويه خاص من لجنة التحكيم بالمسابقة. وكذلك فيلم «حالم طريق» الذي يتميز مخرجه نضال الدمشقي بحرفية عالية ومعالجته لمشكلة انسانية بصورة سينمائية رائعة. اما بقية المشاركات الخليجية الباقية دون المستوى المأمول سوى بعض المشاركات البحرينية المقبولة. ويستدعى هذا الى رفع المستوى الثقافي للمواهب السينمائية لكل دولة من دول الخليج وذلك بإقامة الندوات وورش العمل لتلك المواهب وعدم الاقتصار على المسابقات العابثة والتي قد ترفع من مستوى المشاركة والمثابرة إلا انها في المقابل ستعمل على زيادة المشاركة بأعمال رديئة تؤثر سلبا على الوعي العام.