لي يواصل انتقاءه لمواضيع تتضمن مواجهات حادة ومؤثرة بين الشخصيات الرئيسية

اختار قصة سرقة هوليوودية الشكل لكن ماهرة التنفيذ في فيلمه الطويل السابع عشر

TT

في فيلمه الطويل السابع عشر، سبايك لي ما زال جديدا. في أول مشاريعه المكلفة النادرة ربما يختار قصة سرقة هوليوودية الشكل لكن ماهرة التنفيذ ومسلية المضمون، مع طاقم مثالي يجمع بين جودي فوستر ودينزيل واشنطن لأول مرة على الشاشة توقع أن تشاهد لمسات سبايك لي الشهيرة، قصة سطو بنك بعين المخرج المفاجئة، الذكية، القوية، الأنيقة والمثيرة للجدل. عندما يستولي اللص المحترف دالتون راسيل (كليف أوين) مع أعوانه على مصرف في مانهاتن، ويحتجزون موظفيه وعملاءه كرهائن، يُرسل محقق الشرطة كيث فريزر (دينزيل واشنطن)، وشريكه بيل ميتشيل (شويتيل اجوفور)، كي يحاولا التعامل مع الموقف. بينما يحاول كيث فتح خط تواصل وثقة بينه وبين دالتون، يدخل خط آخر على المعادلة مما يحولها إلى قضية أكثر تعقيداً وغموضاً، ألا وهي مادلين وايت (جودي فوستر) صاحبة نفوذ وسلطة في نيويورك لديها نوايا خفية، ولديها تعليمات من مالك فرع هذا البنك آرثر كيس (كريستوفر بلامر) لحماية صندوق إيداع من البنك، لأن سمعته وحياته المهنية قد تنتهيان إذا كشفت محتوياته للعامة. الشرطي فريزر يعيش حالياً مفترق طرق، يسعى للحصول على علاوة بسبب سحابة نقص المال التي تحوم فوق رأسه، ويحاول أن يشبع أحلام عشيقته سيلفيا (كساندرا فريمان) حول الزفاف. الواضح من ذوقه في ارتداء الملابس وتعامله مع رفاقه الشرطة أنه مرتاح في عمله ويجيد لعبة الكلام، وبذلك من الطبيعي أن يحقد على نفسه عندما يجد أن راسيل يهزمه في لعبته التي يتباها بها. ومن ثم تستطيع مادلين وايت أن تصل لما فشل هو فيه ـ مقابلة العقل المدبر لهذه العملية ـ رافضة إعلان نواياها الخفية. في النهاية، تلصص فريزر يكشف مساعي وايت، لكن عندما يتمكن في الدخول إلى راسيل، يفسد هذه الفرصة وبنتائج كارثية. المخرج القدير يعمل مع مجموعة أوسكارية عالية المستوى، يأخذ سيناريو الكاتب الجديد راسيل غيويرتز وينجح تقريباً في تخطي العيوب الواضحة فيه. وكعادته، يضخ لي طاقة فريدة في القصة، يبقينا مشتركين في كل مشهد مع الانعطافات وكثرة الحبكات الثانوية التي تجري هنا وهناك، خاصة مسألة مادلين وايت التي تبدو أحياناً في غير محلها ومقحمة على المشاهد أحياناً أخرى (لدرجة أنك تشعر أن مادلين تقاطع بعض المشاهد الجيدة). الجيد أن لي يواصل انتقاءه لمواضيع تتضمن مواجهات حادة ومؤثرة بين الشخصيات الرئيسية، قصة مثيرة لا تحوي الكثير من الحركة لكن تمتعك طوال ساعتين من الوقت. هناك إثارات يتضمنها الفيلم تعمل على صعيد نفسي ولرفع مستوى التحدي الشخصي. إنها كحرب إرادة بين كل الأطراف، محاولة راسيل الخروج بغنيمته من عملية يبدو أنها تخرج عن المسار الذي يريده، في حين أن فريزر يحاول تأخير تهديدات المجرم بالبدء بقتل الرهائن. طوال الوقت، نشاهد دالتون ورفاقه يقومون باستعدادات غريبة وغير عادية أبدا تجعل المشاهد يتحير ويتعطش لمعرفة مغزى هذه التصرفات. مع مساعدة من ممثلين يبدو أنهم يقضون وقتا ممتعا في لعب الأدوار، سبايك لي كعادته محنك بسرد قصته بطريقة غير تقليدية (مع بداية بطيئة قليلاً). الفيلم لا يعتمد على الجزء الأخير لتصعيد مستوى التشويق بل في لحظات غير متوقعة كما نشاهد شخصية واشنطن وهو يرتدي قبعة القش يعدلها على المرآة قبل أن يتوجه إلى البنك لبدء عملية التفاوض على سلامة الرهائن. أيضاً دهاء الفيلم يكمن بأن المجرم يبدأ قوياً وينتهي كذلك، لا يوجد انهيار أخير يضعف من إعداد الشخصية الشريرة. قد تكون خاتمة الفيلم تخفق نوعاً ما في المحافظة على ما وعدنا به النصف الأول منه، لكن بما أن سبايك لي يعلم أن الجمهور ليس بحاجة إلى فيلم سرقة آخر فحسب، وهو من المغرمين بكلاسيكية سيدني لوميت (عصر يوم حار) مع الممثل آل باتشيو، يعوض هذا بالعمل على إضافة بعض العناصر العرقية، وسرد القصة من خلال وجهة نظر الرأس المدبرة لهذه العملية، وهو اللص نفسه.