«موقف ضد الفن»

TT

في الاسبوع الماضي اتصل بي احد الاخوة المسؤولين في برنامج «الحياة كلمة» الذي يقدمه الدكتور سلمان العودة ظهر كل جمعة على قناة ام بي سي وذلك من اجل المداخلة لابداء الرأي حول الفن الذي كان الدكتور العودة قد خصص حلقتين للحديث عنه. كنت حينها قد حضرت لمداخلة أبدي فيها اعتراضي وتحفظي على الموقف الاقصائي حد العدائية الذي يتبناه الخطاب الديني برموزه وأدبياته داخل المجتمع السعودي من أقرب الفنون وأكثرها انتشارا وامتزاجا بوجدان الانسان وهي الموسيقى الى اهم الفنون واكثرها تأثيرا وآخرها وهو السينما وكنت سأعبر عن اعتقادي بأن هذا الموقف لا يدل على وصف سلبي للفن بقدر ما يدل على ضيق الافق وعدم القدرة على استيعاب فلسفة الفن ودوره الكبير لدى ادبيات الخطاب الديني الذي هو في الأخير تجربة اجتهادية لاصحابها لا تمثل بالضرور موقف الدين الحقيقي. وبما أنني لم استطع المداخلة لظروف تتعلق بي ولم اشاهد البرنامج حينها فقد تفاجأت باتصال احد الاصدقاء يخبرني عن رأي للدكتور العودة بعدم تحريم التمثيل والمسرح والسينما وامكانية الاستفادة منها وفق الضوابط الاسلامية كما يقول وذلك بحسب ما نشرته جريدة الجزيرة صباح يوم السبت. والحق ان هذا الموقف اسعدني بتزحزحه عن الموقف السابق والمعتاد من الفن واعتبرته بادرة اولى لا تجرم السينما وتصفها بطريقة مكررة حتى الاملال كأداة فساد وافساد.

قبل ان يعقب مكتب الدكتور العودة بعد يومين كما نشرته الجزيرة ايضا ببيان توضيحي كما أسماه يسترجع فينا ذلك الامل بتفتح الخطاب الديني وموقفه تجاه الفنون عامة والسينما خاصة. ويؤكد على موقفه السابق والأصيل!! بل ويؤكد بشكل حاسم على حرمة الغناء والموسيقى فضلا عن السينما.

هذه الانعطافة السريعة ذكرتني بما يردده احد كتاب السينما كثيرا من ان السينما المصرية في السبعينات الميلادية بتفسخها وسخافتها كما يصفها هي التي اعطت التيار الديني كل هذه العدائية تجاه السينما حتى يومنا هذا خاصة في السعودية لكنه في كل مرة يكرر هذا الحديث كان يتجاوز مسألة ان هذا الموقف وهو موقف مبدئي من الفن ذاته لا يفرق حتى بين فيديو كليب وبين أغنية «غنيت مكة اهلها الصيدا» للسيدة فيروز أو حتى يذكر ولو لمرة واحدة موقفاً ايجابياً متسامحاً لرمز ديني من سينما محافظة كما هي السينما الايرانية مثلاً.