مصريان وأردني يتنافسون على لقب «العندليب من يكون»؟

TT

«العندليب... من يكون؟»، أهو عاشق رومنسي أم ملهم العشاق أم مطرب الثورة ومحمس الجماهير وزارع الامل. انها كل تلك الاشياء مجتمعة بفضل صوته العميق برقته وإحساسه الصادق الذي يعكس الاغنية بكل عناصرها ويعيشها الى حد يسحر فيه سامعيه بعذوبة شفافة كمن يبشر بحب نابض من القلب يوقظ الاحلام في نفوس من دفنوها وجعلوا منها أضرحة جميلة لا يتذكرونها الا في المناسبات. ولعل ما قرّب عبد الحليم من الناس، اضافة الى موهبته التي شقّ بها طريقه بصعوبة الى النجومية، هو تواضعه الحقيقي... تواضعه الذي شكل «مفاجأة» بالنسبة الى محبيه ففي احد الايام التقت به فتاة صغيرة وأرادت التقاط صورة ودفعها اصرارها الى تخطي الحواجز البشرية، ذلك ان المحيطين به أرادوا منعها. أما هو فرحب بها واحتضنها حين وصلت اليه واثناء حديثهما دعته الى عيد مولدها الذي كان سيحل بعد بضعة ايام. فلبى الدعوة بسرور وغنى لها في عيدها. الف سبب وسبب تدفع الى حب هذا الفنان ـ الظاهرة الذي لم يتوان في البدء عن رفض الحان عبد الوهاب لانه ادرك ان نمطها لا يتلاءم مع صوته. فشق طريقه من دون ان يقلد احدا من المطربين الكبار الذين عاصرهم، فلا هو يبحث عن اطلالة شبيهة بعبد الوهاب أو عن خامة صوتية كأم كلثوم بل التزم البساطة في اخراج صوته الذي اوصله الى اعلى المراتب في قلوب الجماهير. وتلك الحقبة التي عاشها بشخصيته الثائرة بتأن حتى طبعها، يستعيدها مشاهدو الـ«أم.بي.سي» مساء كل اثنين في برنامج «العندليب... من يكون؟» الذي تمكن ببساطته من جذب نسبة كبيرة من المشاهدين.

وفي الحلقة الاخيرة، تألق المشاركون الاربعة وسط لوحات راقصة، تميزت عن سابقاتها بالاعتناء اكثر بالديكور رغم المحافظة على الطابع القديم لتلك الفترة، فبقي المشهد العام بعيدا عن التكلف من دون ان يفقد قيمته. كما تألق اعضاء الفرقة الراقصة بأزياء واكسسوارات وتسريحات عكست أناقة الستينات التي يستعيدها بعض المصممين الآن ويستوحون اعمالهم منها، فضلا عن تصاميم الرقص التي طوّعت «صرعة» الحاضر لتماشي الماضي برونقه.

والتحرر في الخطوات الراقصة، ساعد المشاركين الاربعة على الخروج من الاطار الجامد لتقديم شخصية عبد الحليم حافظ المرحة في عدد من الاغنيات. وهذا ما لوحظ في بداية الحلقة حين قدم الاربعة مقاطع سريعة منها «دقوا الشماسي» و«بكرا وبعدو» و«شوف الشاري مين».

وقد ارتكزت لجنة التحكيم في وضع العلامات على اداء المتنافسين في هذه الحلقة فقط، مشددة على قدراتهم التمثيلية. لذلك ارتأى عضو اللجنة الدائم الدكتور مدحت العدل وضع مشهد تمثيلي واحد لجميع المشاركين حتى تتمكن اللجنة والجمهور الذي يشارك في التصويت عبر المكالمات الهاتفية والرسائل النصية (SMS) من تقويم ادائهم. وقد شاركت مقدمة البرنامج الفنانة المصرية داليا البحيري المتنافسين في أداء المشهد المقتبس من فيلم «معبودة الجماهير». وقد تميز في هذا الاختبار كل من المصري شادي شامل والاردني يوسف كيوان الذي شكل للمرة الثانية على التوالي، «حدث» الحلقة. ففي الاطلالة السابقة اغمي عليه قبل انتهاء الحلقة بثوان قليلة بسبب الضغط النفسي الذي تعرض له قبل ان ينقذه الجمهور. وفي الحلقة الاخيرة وبعدما غنى «كامل الاوصاف» في حافلة وضعت على المسرح، فاجأ الجميع بحصوله على نسبة عالية من التصويت (8.80) مما ادى الى تقدمه من المرتبة الرابعة اي الاخيرة الى المرتبة الثانية ليُخرج بذلك المشارك التونسي اسامة القاسمي الذي كان قد حصل على معدل 8.07 من لجنة التحكيم وهو المعدل نفسه الذي ناله متصدر المراتب شادي شامل. أما المصري شريف عبد المنعم فبدا عاشقا مراهقا حين غنى «احبك». واندفاعه هذا أثر على ادائه مما جعله يفقد السيطرة على صوته في بعض الاماكن لكن هذا لم يؤثر كثيرا على علاماته بما ان اللجنة ارتأت التركيز على الجانب التمثيلي خصوصا ان الفائز سينال فرصة تمثيل دور عبد الحليم في مسلسل يروي سيرة حياته. ولم يكتف شادي شامل بمظهره الذي يشبه عبد الحليم الى حد مذهل بل عمل على تحسين تمثيله فأتت النتيجة تطورا مضاعفا خصوصا في المشهد الرومانسي الذي جمعه بداليا البحيري الى حد جعل مشاهديه يصدقون انه واقع في حبها حتى الجنون. ومع اغنية «سواح» اعاد الجمهور الى عصر العندليب، مرتديا القميص الاحمر وخلفه الفتيات بأثوابهن وتنانيرهن الفضفاضة. واتاح اقتصار دائرة المنافسة على اربعة متبارين، مساحة لاعداد ريبورتاجات عرضت بعضها محطات من حياة العندليب وبعضها الاخر قدم زيارة المشاركين لقصر موسى التراثي في منطقة الشوف اللبنانية، بالاضافة الى حضور كيوان مسرحية «حمام بغدادي» للمخرج العراقي جواد الاسدي. كما تميزت الحلقة باستضافة الفنان صابر الرباعي الذي بدا متقيدا اكثر من الضيوف في الحلقات السابقة بمتطلبات البرنامج فلم يرفع العلامات من دون ان يبخل بها. وغنى اغنيتين للعندليب هما «على قد الشوق» و«قارئة الفنجان». وبدوره اطل الفنان اللبناني غي مانوكيان وهو الذي وضع جنريك البرنامج، في معزوفة على البيانو ورافقته بعض الآلات الايقاعية فمزج الحان عبد الحليم الشرقية بنمط موسيقي سريع. كما قدم البرنامج فرصا للمشاركين فيه فأحمد عثمان الذي خرج قبل اسابيع، حصل على عرض لتمثيل بطولة فيلم كما قال عضو اللجنة الدكتور مدحت العدل. وها ان البرنامج الذي شارف على نهايته منح فرصاً حقيقية لأصحاب المواهب، قد تمكنهم من الانطلاق في مسيرتهم المهنية فهل يتابع مسيرته بسلسلة جديدة من الحلقات تخصص لفنانين آخرين أمثال فيروز وعبد الوهاب وصباح وسواهم من العمالقة، فيسلط الضوء على جوانب مجهولة من حياتهم؟