السينما والمثقف

فهد الأسطاء

TT

كيف يمكن أن نصف العلاقة بين السينما والمثقف العربي؟ ربما يصعب الأمر بعض الشيء، ولكن من واقع تجربة وبعض اللقاءات التي تشرفت فيها مع عدد من المثقفين أو الكتاب والأدباء، فإن العلاقة لا تبدو جيدة في أغلب حالاتها. فهناك حالة من التجاهل الكبير للسينما، وتصل احيانا الى شيء من التبرؤ والتعالي، كما هو الحال في الموقف من الرياضة، وكرة القدم خاصة. بطبيعة الحال لا يمكن ان ننظر للسينما كمنتج ثقافي بحت يستلزم اهتماما خاصا، ولكنها في جانب كبير منها لا تخلو ان تكون بالفعل منتجا ثقافيا وفكريا يجدر الاهتمام به، خاصة اذا ما عرفنا ان كل المثقفين يتفقون على ان الفيلم الجيد يمكن ان يختصر الوصول الى المجتمع ويمتلك القدرة في التأثير أكثر من عشرات الكتب والمقالات، فضلا عن كون المعرفة بالسينما بشكل عام وأبرز انتاجاتها، هو جزء مهم من المعرفة بما يحدث عبر العالم والشيء الموجه الذي تتلقاه الناس حين مشاهدتها. فالسينما خلال تاريخها كانت صدى أمينا لما تفعله السياسات وما تعيشه المجتمعات، ولا أجد انه من الطبيعي ان يقترن اهتمام المثقف بالسينما فقط من خلال الضجة التي قد يثيرها فيلم هنا او هناك، كما يحصل الان مع فيلم «شفرة دافنشي»، وسابقا مع فيلم «آلام المسيح» وغيرها. ومن الملاحظ انني أتحدث هنا من دون الأخذ باعتبار الجانب الترفيهي الجميل الذي تبدع السينما في تقديمه.

باعتقادي ان الأمر في هذه الحالة يعود لأكثر من سبب. ربما الضعف الفاضح الذي تعيشه السينما العربية منذ نشأتها لم يكن مشجعا لمثل هذا الاهتمام وأعطى الصورة السلبية الراسخة التي تتجدد كل فترة مع مزيد من الانتاجات السينمائية العربية الضعيفة بشكل عام. وربما يعود الأمر من جهة أخرى الى الاعتقاد الخاطئ بكون السينما هي فعل تجاري لا غير، تتلاعب فيه هوليوود بعقول المشاهدين وتخلب أنظارهم من دون أن تقدم شيئا ذا معنى. ومثل هذا الاعتقاد وجدته عند البعض مما يستلزم حكاية أخرى نعود فيها لهذا الموضوع من جديد. الا انه في النهاية لا بد من التأكيد على أن المعنيين بالسينما يتحملون قدرا من المسؤولية في إزاحة المفاهيم المغلوطة والتوعية العامة بأهمية السينما ودورها.