مؤلف «حليم» يعترف بأن إيقاع الفيلم مفقود

محفوظ عبد الرحمن: المخرج استخدم «الفلاش باك» بطريقة أفقدت المشاهد قدرته على متابعة الأحداث

TT

رغم تكلفة انتاجه العالية، التي قاربت 22 مليون جنيه، ورغم أنه تناول قصة اسطورة جسدتها اسطورة كما قالت دعاية الفيلم، الا ان فيلم «حليم» لم يظهر كما تمنى مؤلفه الكاتب محفوظ عبد الرحمن، الذي اعترف باتباع مخرجه شريف عرفة اسلوبا جديدا في الاخراج افقد الفيلم ايقاعه. وأكد عبد الرحمن في ندوة نظمها نادي روتاري سبورتنج مؤخرا بالاسكندرية، انه كان يتمنى ان يتم إخراج الفيلم بأسلوب كلاسيكي، كما حدث في افلام سابقة له، منها «ناصر 56» و«يا قادسية».

وقد استرجع محفوظ عبد الرحمن ذكرياته مع صديقه أحمد زكي، وتحدث عن رغبته وحلمه في تجسيد حياة عبد الحليم حافظ، من خلال فيلم يقوم ببطولته منذ عام 1993، وقال عبد الرحمن: «جاءت الشرارة الأولى لهذا الفيلم عبر مكالمة هاتفية بيننا، حين أخبرت أحمد زكي عن رغبتي في كتابة مسلسل عن حياة كوكب الشرق «أم كلثوم»، فما كان منه إلا ان طلب مني عمل مسلسل عن حياة عبد الحليم، وبعدها بثلاثة أيام قرر زكي إنتاج هذا المسلسل في لقاء مع مجدي العمروسي، لكنه كان لقاء غير موفق نتيجة رفضي تدخل العمروسي من الناحية الفنية والثقافية والتاريخية. لكن زكي لم ييأس. ففي احدى المرات كنت في تونس وهاتفني ليبلغني بأنه يزور الدكتور أحمد عكاشه أستاذ الطب النفسي، وقال لي أن السبب في حاجته للعلاج النفسي، كما اخبره الطبيب، لأنني لا أنفذ له ما يريده. وأخذ الدكتور عكاشه سماعة الهاتف ليعاتبني قائلا: ليه مش عاوز تعمل فيلم حليم؟ ولكنني لم أكن متحمسا لكتابة الفيلم، وفي ظل موقفي هذا استخدم زكي جميع الحيل لكي يقنعني، لدرجة أنه ادعى أنه مصاب بوعكة شديدة، وعندما ذهبت لزيارته في الفندق الذي كان يقيم به، وجدته مستلقيا على السرير، وفجأة قفز منه وعرض علي شريط فيديو مسجلا عن مهرجان دمشق، وفيه كان يتغني بأغنية «قارئة الفنجان» وكأنه نسخة من عبد الحليم، لكني في الحقيقة لم أستجب لرغبته.

ويكمل محفوظ عبد الرحمن ذكرياته مع فيلم «حليم» وبطله قائلا: بعدها جاء أحمد زكي لمنزلي، على غير عادته في السابعة صباحا، ومعه بوستر كبير، ظننت للوهلة الأولى انه لعبد الحليم حافظ، وإذا بي اجده لزكي في تشابه عجيب مع عبد الحليم حافظ، وقد كتب عليه: «حليم.. محفوظ عبد الرحمن»، وقال لي: «أجرت واجهة البيت اللي قدامك وسوف أعلق البوستر عليها علشان كل الناس تمسك فيك وتسألك ايه الحكاية؟». فما كان مني إلا كتابة الفيلم، الذي أصر زكي على إنتاجه، وهو ما رفضته تماما بعد المأزق الذي وضع نفسه فيه عندما أنتج فيلم «أيام السادات»، لأن الفيلم ربح، وهو خسر. فاقتنع برأيي الا ان المرض كان قد تمكن من زكي، الذي لم يعترف به في البداية لدرجة أنه أصبح لا يستطيع التنفس، وكان يرفض حتي فكرة الذهاب للمستشفي، وبلا مقدمات فوجئت بدخوله مستشفى دار الفؤاد، وأنه تم سحب 6 لترات مياه من رئته، فحاولنا علاجه في باريس فرفضوا قائلين، إنه حالة ميؤوس منها. لكنه بالرغم من ذلك كان خلال أيام تصوير فيلم حليم، يرغب في أن اكتب فيلما عن سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة.

وكان قد بدأ تصوير الفيلم وهو في حالة منتهية، فكان يتألم من لحظة خروجه من الفندق المقيم به وحتى وصوله الاستوديو، حتى أنه كان يصاب بحالة من فقدان البصر فلا يرى شيئا، وكان دعاؤه دائما «يارب إديني العمر لحد ما أشوف الفيلم». ويتذكر محفوظ قائلا: في مشهد «قارئة الفنجان»، بعدما أنهى الأغنية وقع مغشيا عليه ودخل في غيبوبة، وكان هذا هو آخر مشهد صوره، والذي اكمل المشهد دوبلير. واؤكد أن احمد زكي لم يصور سوى 30 دقيقة من الفيلم قام بتصويرها على مدي 3 أسابيع. فقد بعدها القدرة على النضال، ووجدنا انفسنا نتساءل: هل نتوقف أم نكمل الفيلم؟ وكيف؟ هل نعيد تصوير مشاهد زكي بالاستعانة بفنان آخر وهو ما لم يكن أحد يجرؤ عليه، واعتبار ما تم تصويره كأن لم يكن، وكنت أتمنى ذلك، ولكن لم تكن لدي الجرأة العاطفية على ذلك. أما الحل الثاني فكان تغيير شكل الفيلم والاستعانة بمذيع يجري حوارا مع حليم ويتم عمل «فلاش باك» بممثل آخر وهو ما حدث.

ويعترف مؤلف الفيلم بعدم رضاه عن الحالة التي خرج بها الفيلم فيقول: أعترف بانني سكت عن أشياء لم يكن من المفترض السكوت عليها، لكنني سكت رأفة بالفيلم واحتراما لأحمد زكي. فهناك شيء مفقود في إيقاع الفيلم، لكن الحالة العامة هي ما تبقي منه. فالموضوع تمزق تماما، والمخرج كان يعمل بمفرده في ظل ظروف موت البطل وحتى فريق العمل لم يكن يفهم بعضه. ولكن في نفس الوقت لا بد ان اعترف بان شريف عرفة بذل مجهودا جبارا لكي يظهر الفيلم في أفضل صورة. لكنه استخدم طريقة الفلاش باك بطريقة عصرية جدا أفقدت المشاهد قدرته على متابعة التسلسل الزمني للأحداث، وهو ما اتحفظ عليه، لأنني أرى ان الفيلم التاريخي هو فيلم كلاسيكي تماما، ولا يجوز فيه الخروج عن المألوف، فلذلك نجح مسلسل «أم كلثوم»، وبالتأكيد وجود أحمد زكي في الفيلم حتى نهايته أمر مختلف.

وردا على ما ورد في قصته التي أرخ بها لحياة العندليب، وما اذا كان قد ذكر كل ما يتعلق بحياته، أجاب محفوظ قائلا: كانت الشائعات وخاصة ذات الطابع العاطفي تغلف حياة عبد الحليم حافظ، ولكني أردت تقديم ما أنا متأكد منه. صحيح انه كان كثير العلاقات، ولكن الحقيقة انه لم يكن مؤهلا للخوض فيها، كان فقط مفتقدا للحنان ودائم البحث عنه. وقد وقع اختياري على ثلاث قصص بالترتيب الزمني لوقوعها، وتمثل 3 أشكال من الحب، ومنها حبه لسيدة مصرية كانت زوجة لسفير، وعندما توفي وجدوا تحت وسادته صورتها ورسالة منها عمرها 15 سنة.

أما الثانية فكانت علاقته بالفنانة سعاد حسني، التي لم يتزوجها، والثالثة كانت قصته مع الفتاة التي ساعدها على الالتحاق بالجامعة واستكمال دراستها، فقد كان يمد يد العون لكثير من الناس، وهو ما ظنته الفتاة حباً، وهذه الفتاة انتحرت يوم وفاته.