«طاش ما طاش».. حركة نقدية أم مجرد كوميديا سوداء

ناصر القصبي: ننتقد بعض الممارسات الدينية ونخشى التهديد > داعية إسلامي: لا مانع من نقد الجهاز الديني لكن من دون استهزاء

TT

سربت منتديات الانترنت في السعودية منذ أسبوع، مقطعاً لمسلسل طاش ما طاش المزمع بثه في رمضان المقبل على قناة «إم.بي.سي» بشكل حصري. وقد بدا المقطع منتقداً لممارسات بعض رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في طريقة تعاملهم مع الشباب. بعض المنتديات الأصولية حفلت بذات الصفحة بمواضيع ساخطة على نجوم العمل وهم الفنانان ناصر القصبي وعبد الله السدحان. حتى أن بعض المواضيع وضعت خارطة توضح الطريق لمنزل القصبي بهدف «تأديبه» بحسب وصفهم، وهذه ليست المرة الأولى.

المجتمع السعودي منقسم في نظرته لطاش وما يقدمه من لوحات نقدية قاسية في أوقات ومثيرة في أحايين أخرى، وليست كلها دينية بالطبع، ولكن المختلفين يجمعون على مشاهدة حلقات البرنامج كل رمضان.

العام الماضي جاء اسم العمل كاستثناء بـ«طاش 13 ونص» وبحسب المراقبين والمهتمين كان النصف الأول من حلقاته روتينيا، فيما اتسم النصف الثاني بالجرأة.

ولكن بماذا يبشر القائمون على هذا المسلسل المثير للجدل في «طاش 14» المقبل. يقول الفنان ناصر القصبي «ما نستطيع أن نعد به أن طاش سيحوي مجموعة من الافكار أتوقع لها أن تكون ساخنة الى حد ما. وسخونتها تكمن في ملامستها لمواضيع بذاتها من جانب، ومن طريقة الطرح والتناول من جانب آخر».

وحول ما اذا كانت مغادرته للتلفزيون السعودي واتجاهه نحو قناة «إم. بي. سي» سيمنح المسلسل مساحة أكبر للتحرك، رأى القصبي أن «وزارة الاعلام السعودية رغم محاولتها الكبيرة في توفير مساحة من الحرية النقدية الا انها لم تصل الى المأمول. وللأسف ان مساحة التحرك لم تساعدنا كثيراً، فضلاً عن أن عرض بعض المواضيع يعتمد على طبيعة التوقيت، الذي يحدد في مرات عديدة مناسبة طرح الموضوع من عدمه».

طاش ما طاش تطرق لمواضيع حساسة كثيرة تتقاطع في طياتها الاجتماعية مع الديني، ما شكل موقف معادي لطاش ونجومه من بعض الشرائح في السعودية. غير أن الداعية الاسلامي الدكتور محمد النجيمي كان له رأي آخر يقول فيه «لا مانع من مناقشة أي جهاز سواء كان دينيا أو غيره بشكل نافع في هذه المسلسلات شرط أن يكون خالياً من الاستهزاء. فالتوازن مطلوب في النقد. ولكني لا أرى فيه بأساً طالما أنه نقد بهدف الافادة والتطوير والبناء حتى لو كان موجهاً للمؤسسات الدينية».

وفي هذا السياق أشار القصبي الى أن «النقد في طاش عادة ما يأتي نقداً للسلوكيات والممارسات، وليس نقداً فقهياً أو فكرياً. ونقدنا للتصرفات الفردية مشروع لأي كان أو اياً كان الجهاز الذي المنتمي له، طالما أنه جهاز تابع للدولة».

ويضيف القصبي أن فريق العمل بدأ يأخذ التهديدات التي تصلهم بمنحى جدي «فنحن نتعامل مع عقليات مختلفة بعضها مغسول وعلى استعداد لعمل أي شيء».

وهنا شدد النجيمي على أن التعرض لأي نجم من نجوم المسلسل غير جائز شرعاً، خصوصاً أنه غالبا ما يأتي من «بعض الشباب المتدينين المتحمسين والمتشددين».

طاش ما طاش الذي يكمل عامه الرابع عشر في ظل مناوشات ثقافية وسياسية ودينية متعددة، خاض معاركه الخاصة وخرج من بعضها خاسراً مرة وتارة كاسباً. ما يرى فيه الكاتب السعودي المهتم بالشأن الاسلامي محمد المحمود «تفاعلاً مع الحركة النقدية، وطاش ساهم مع عوامل أخرى أهمها الانفتاح الاعلامي في رفع مستوى الحرية».

ويستطرد المحمود «المشكلة الحقيقية التي تواجه طاش تلك المتعلقة بنقد الممارسات الموسومة دينياً من قبل العض. والمعضلة لا تكمن في المتشددين فقط بل وفي المتعاطفين مع التشدد. فيتحول أي حوار نقدي يدخل فيه ترميز ديني ولو شخصي وكأنه نقد للدين. خصوصاً أن المسلسل يقدم نفسه كبرنامج نقدي، فنياته تقوم على مدى قدراته على استيعاب أدواته النقدية».

وعلى نفس النسق تقدر الكاتبة الاكاديمية أميرة كشغري أن «المسلسل حقق صدمة في بعض الاحيان من جرأته في مناقشة مواضيع ذات حساسية عالية، ظلت حتى وقت قريب محرمة ومحظورة، وعادة ما تحاط بهالة من القداسة وتعامل بشيء من التكتم. وهذا يحسب للبرنامج».

وتضيف «طاش مؤثر بكل تأكيد في الحراك النقدي السائد، لاعتماده على الجانب المرئي، وهو فاعل ومؤثر. والتلفزيون وسيلة اعلامية مؤثرة في توسيع التأثير في الطبقات والشرائح الاجتماعية. فضلاً عن أنه اصبح في السنوات الأخيرة يعتمد بشكل رئيسي على أفكار المشاهدين في حلقاته، ما جعله برنامجا شعبيا بامتياز».

طاش ما طاش بدأ سباقه الرمضاني مبكراً بتسريبه المقطع آنف الذكر في أول الموضوع. ويبقى الرهان على المشاهدين في مدى تقبلهم وحماسهم للحركة النقدية التي يمثلها طاش، أو اكتفائهم برد فعل بارد.. ينتهي بانتهاء شهر رمضان المبارك.