ثقافة الممثل السينمائية

فهد الأسطاء

TT

أحد الممثلين الشباب المعروفين أخيرا كان يصرح لقناة روتانا حول فيلمه الأخير قائلا «الفيلم ده فيلم نوار، يعني كوميديا سوداء بالعربي».

الحقيقة ان مثل هذا التصريح الطريف لن يقودنا الى الحديث عن «فيلم نوار» ومفهومه وسماته التي ليس منها انه كوميديا سوداء مطلقا، فهناك فرق ما بين أفلام النوار وافلام الكوميديا السوداء يدركه الكثير بطبيعة الحال، وإنما يمكن ان يقودنا هذا التصريح الخاطئ الى قضية مهمة أخرى كان له حظ فيما سبق من النقاش والحوار اعلاميا وهي ما يتعلق بثقافة الممثل السينمائية. ففي حين يرى البعض ان الممثل لا يحتاج لأكثر من موهبة التمثيل فقط وليس بحاجة على الاطلاع على روائع السينما العالمية وتحفها وابرز مخرجيها واهم تحولاتها التاريخية او حتى مجرد الاطلاع على الحركة السينمائية عالميا في هذا الوقت فهو لن يقدم سوى الدور المنوط به في أي عمل درامي ولن يكون بحاجة الى الحديث كثيرا عن النقد السينمائي، بينما نجد على الطرف الآخر من يعتقد ان الثقافة السينمائية والوعي المعرفي بالسينما وتفصيلاتها هو جزء من شخصية الفنان ودوره اذا كان فعلا يعتقد انه من خلال الفن صاحب رسالة ورؤية يرغب بتقديمها الى الآخرين. وفي اعتقادي ان على الممثل ان يحمل ولو جزءا يسيرا من التثقف سينمائيا قراءة ومشاهدة واطلاعا وحضورا ليعزز ثقته في نفسه ويقوي جوانب الموهبة لديه ويوسع مستوى الرؤية الفنية ويدرك فعلا جوانب القصور التي تعتري السينما العربية بكل آلياتها ومنها بطبيعة الحال تجسيد الادوار وتقمص الشخصيات. فهو في النهاية سيتحتم عليه اختيار الادوار والقضايا التي يرغب بطرحها وربما يشارك مخرج العمل او السيناريست في تفاصيل الشخصية او الفلم بشكل عام.

وكم يبهرني كثيرا المخرج العملاق مارتن سكورسيزي حينما يتحدث في شؤون السينما عامة بغزارة معرفته وحسه الفني الناقد المدهش وقراءته المميزة لعدد من الاعمال السينمائية ومخرجيها فضلا عن عدد من الممثلين الذين يجسدون احيانا وعيهم السينمائي الكبير من خلال اخراج اعمال سينمائية ناجحة وحينها أدرك شيئا من الفجوة الكبيرة ما بين السينما العربية والسينما الغربية.