«أول فيلم سعودي».. عبارة للتسويق أم للتعبير عن صناعة ما زالت كسيحة

عرض فيلم «كيف الحال» في البحرين

TT

نجح فيلم «كيف الحال» الذي بدأ عرضه ثاني ايام عيد الفطر المبارك في سينما مجمع السيف بالبحرين، في شدّ الانتباه إليه وسط منافسة شديدة من الأفلام المصرية والأمريكية، أبرزها فيلم «وش إجرام» للكوميدي المصري محمد هنيدي، وكان أهم ما جذب الاهتمام بهذا الفيلم الإعلان بأنه «أول فيلم روائي سعودي طويل».

وثمة إعلانات جانبية قالت إن الفيلم يقدم لأول مرة ممثلة سعودية هي هند محمد، وإنه منتج سعودي يحاكي التجربة السعودية، لكن خارج هذه الأفيشات والإعلانات لا شيء يشي بأن هذا الفيلم يعبر عن منتج سينمائي سعودي في صناعة لم تر النور بعد، وما زالت برعماً غير قادر على التشكل والوقوف على قدميه، ومواجهة عواصف الاعتراض على ولادة للفن السابع في السعودية.

الفيلم الذي مولته شركة «روتانا» التي ضخت الملايين لتمويل مئات الأعمال الفنية التجارية، وقيل إن ميزانيته هذا بلغت مليوني دولار، واشترك في انتاجه للمرة الأولى المخرجة السعودية هيفاء المنصور، التي قالت لـ«الشرق الأوسط» أمس إنها اقتحمت بهذا الفيلم مجال الإنتاج وهي لم تحسب النتائج بشكل كامل. أما العناصر الأخرى فهي دولية وعربية مشتركة، فالفيلم الذي اختير له عنوان للتسويق «اول فيلم سعودي روائي طويل»، يدهشك في تفاصيله، فالنص للبناني محمد رضا، والسيناريو للمصري بلال فضل، والإخراج لفلسطيني ـ كندي، والتصوير في دبي، أما التمثيل فخليط، وفيه وفرة من الممثلين السعوديين الشبان.

وشارك في التمثيل السعودية هند محمد، التي عملت في برامج إذاعية، كما اشتغلت سابقاً في دبلجة برامج الرسوم المتحركة، والسعودي مشعل المطيري وهشام عبد الرحمن الذي فاز في مسابقة برنامج تلفزيون الواقع «ستار أكاديمي» للعام 2005، بالاضافة لخالد سامي، وتركي اليوسف وميس حمدان من الاردن.

الفيلم الذي تم تصويره في إمارة دبي وأخرجه الفلسطيني ـ الكندي أزادور مسلم أحد أهم المخرجين العرب الذين عملوا في الغرب، قام بكتابة وانتاج وإخراج خمسة أفلام روائية من بينها فيلم «الفردوس قبل أن أموت» الذي أخرجه عام 1997 وشارك فيه عمر الشريف، وفاز مسلم بالعديد من الجوائز من بينها جائزتا أفضل فيلم روائي في مهرجان تيلوريد عامي 1991 و2000.

فيلم «كيف الحال» لم يختلف كثيراً عن متلازمة الدراما الاجتماعية السعودية، فالصراع بين تيارات التشدد والاعتدال، كان موضوعاً رئيسياً في الفيلم، وقضايا المرأة والحب والزواج والعلاقات بين الشباب، والجدال القديم ـ الجديد بين الخطوط الفكرية التي تحاول التعبير عن نفسها واستغلال جميع إمكانياتها لتعزيز مواقعها هي الأخرى وجدت لها طريقاً في هذا الفيلم، وربما كان العنصر الأكثر حيوية في الفيلم، والأكثر التصاقاً بمسماه السعودي، هو اقتحامه لهذا التابو الذي لا يزال بحاجة لمزيد من الاقتحام والاستكشاف.

وفي هذا الفيلم يلعب الفنان مشعل المطيري دور شخص متشدد، لكن الفيلم يلتفت إلى الحالات التي يستغلها البعض المتدينين، وفي الفيلم كانت غاية هذا الشخص الوصول إلى فتاة يحبها.

وفي الفيلم حوارات ومواقف بين شباب اختار بعضهم التعبير عن مواقفهم بطريقة سمجة، وبين شباب اختاروا التعبير بطريقة أخرى لا تخلو هي الأخرى من سطحية المفاهيم، واستفزازها للواقع. السجال بين سلطان وابن عمه خالد أضفى جانباً من الحوارية التي تمتد للخطابة أحياناً بين بطلين واتجاهين.

في الجانب النسائي، كانت «سحر» التي جسدت دورها الممثلة الأردنية ميس حمدان تحاول الانفلات من ضغوط البيت والعائلة للشارع حيث صديقتها «دنيا» التي جسدت دورها السعودية هند محمد.

حاول الفيلم التزام ما يسميه المجتمع السعودي «ثوابت»، وهذه الثوابت برأي المنتجين تقضي بعدم المضي قدماً للخيال الرومانسي أن يصل حتى داخل الفيلم إلى التعبير الجسدي، فالفيلم لا يشهد تشابكاً بالأيدي بين أبطاله المحبين، وعد المنتجون هذا الحزم بأنه «مراعاة للحياة والتقاليد السعودية»، كذلك الأمر بالنسبة للملابس والتعليقات. ويشهد الفيلم قصة حب نشأت بين «سحر» و«سلطان»، لكن القائمين على الفيلم حافظا على «حياد» المشاعر فتم استبعاد أي مشاهد رومانسية، أو لقاءات عاطفية سرية. هيفاء المنصور قالت لـ«الشرق الأوسط» أمس إن تجربتها الأولى في الإنتاج عبر هذا الفيلم جعلتها تنظر للعمل برؤية مختلفة، وهي غير متشجعة للاستمرار في التجربة الإنتاجية، وقالت إن الفيلم «كيف الحال»، هو فيلم شعبي وليس نخبوي، ولذلك فقد اتسم طابعه العام بأنه «كوميدي اجتماعي خفيف بسيط وغير معقد وغير مبتذل»، وشكت المنصور من قلة الكوادر السعودية المدربة، وانعدام صناعة السينما المحلية، في جوابها على وجود مكونات غير سعودية في صناعة هذا الفيلم.