«ما تيجي نرقص» .. أداء مفتعل وشخصيات مسطحة ومشاهدته تضييع للوقت

يعد أحد أسوأ أفلام العام

TT

قبل أي شيء يقول الفيلم إن فكرته قدمت في السينما اليابانية ثم في السينما الأميركية وها هو يقدمها في السينما المصرية، ومعنى ذلك أن الفكرة عالمية وليست مرتبطة بمكان محلي، أيضاًً فالفكرة شديدة العبقرية وقد حان الوقت لتقديمها في مصر التي ظلت محرومة منها طوال ما يزيد عن مائة عام سينما. لن نتحدث عن فكرة الاقتباس ولن نعقد مقارنات مع الفيلم الاميركي shall we dance لأن المقارنة ستتسبب في إهانة بالغة للفيلمين، الخطأ الأول في سلسلة الأخطاء التي وقع فيها صناع الفيلم. انهم افترضوا أن الفكرة التي قد تناسب الثقافة اليابانية أو الاميركية، هي بالتأكيد ستناسب الثقافة المصرية، وهي سذاجة لا يقع فيها حتى الهواة لأن الرقص ببساطة غير موجود في ثقافتنا بذلك الشكل الذي قد يكون في أميركا أو اليابان، أي أن الموضوع من الأصل لا يناسب طبيعة المشاهد المصري، فحالة الاغتراب التي ستصيب المشاهد أمر مفروغ منه حتى مع لقطات المترو ووسط البلد. سلوى (يسرا) سيدة متزوجة منذ عشرين عاماً. زوجها خالد (عزت أبو عوف) زوج شرقي تقليدي مشغول دائماً في عمله ولديهم ابن بلا ملامح ستعتقد أنه ذو ميول مثلية طوال الوقت. تكتشف سلوى، لأنها محامية ورئيسة الشؤون القانونية في شركة ما، فجأة وبدون مقدمات أن عمرها سرق منها وأنها تعيش في دائرة مغلقة، يساعدها على هذا الاكتشاف المذهل زميل العمل (طلعت زين) الذي يكون بالمصادفة راقصاً قديماً ولا أحد يعرف ذلك. تقابل سلوى مدرب الرقص أحمد (تامر هجرس) بالصدفة في المصعد الذي يعمل في مدرسة رقص، تتصادف أيضاً بكونها تقع في نفس البناية التي تعمل فيها سلوى. وبدون أي مناسبة تبدأ سلوى في التطفل على ذلك العالم الغريب فتنجذب له حتى النخاع، وتبدأ بالفعل في الاشتراك في المدرسة بمبلغ 50 جنيها يومياً و300 جنيه كاشتراك، وكأنها تعمل راقصة في ملهى ليلي وليست موظفة بسيطة في الطابق العلوي، وتقع في حب جميع أعضاء المدرسة الذين يمثلون النماذج الأغرب على الإطلاق في المجتمع المصري والذي لا يمكن اجتماعهم معاً بالتأكيد إلا صدفة في أحد المواصلات العامة لتكتمل حالة الاغتراب بالكامل. والمجتمع الراقص السعيد بالفيلم يتكون من صاحبة المدرسة (سوزي) الواقعة في غرام مدرب الرقص الشاب حتى مع تجاوزها سن السبعين على الأقل، ماجي أو (هالة صدقي) هي شخصية سطحية أخرى تعاني من الوحدة وتجد خلاصها في الرقص، وهي طوال الوقت لا تفعل شيء سوى أكل الجزر أو الخيار وتحاول فعل أي شيء مضحك حتى لو كان الصراخ والبكاء. أيضا شابان شاذان جنسياً والجميع يبارك لهما ذلك وهما فخوران بعلاقتهما السعيدة. ولأن الفيلم ممل لأقصى درجاته فهناك عناصر الكوميديا (سليمان عيد وصديقه). وتأكد أن باستطاعتك حذف دوريهما من السيناريو دون أن يتأثر الفيلم، الذي لا يكتفى بتقديم شخصيات غرائبية بل يزيد أن يقدمها جميعها مسطحة وبلا أي عمق يذكر. مدرب الرقص أحمد يحب فتاة ما وينفصل عنها وتعود إليه فجأة وينفصلان وتعود له من جديد بالإضافة إلى مشهد حميمي بينهم بلا داع، وإذا مررنا بأي شخصية أخرى فالحال لن يختلف كثيراً. وفي محاولة الفيلم للاقتراب من الروح المصرية، فإنه يقدم فتاتين محجبتين تريدان تعلم الرقص، ويتحول الأمر إلى إنشاء قسم كامل في المدرسة للمحجبات، تقوم بتدريبهن ماجي وبدون رقص مع رجال، وهو اكثر أجزاء الفيلم افتعالا على الإطلاق. وتزيد نسبة المزايدة في حفل الخطوبة لإحداهن الذي تتم مراسمه بانفصال العروسين كل في غرفة منفصلة، وكأن أحداث الفيلم انتقلت فجأة إلى صعيد مصر الجواني. وتقوم معظم البنات بالرقص في الفرح، وعلى الرغم من أنه المشهد الوحيد الذي كان للرقص فيه أثر حقيقي لإظهار مدى فعاليته، إلا أنه تعرض لإهمال وتجاهل تام من قبل صناع الفيلم، الذين تفرغوا للعرض الراقص للمحجبات وقد تعمدوا ألا ترتدي فيه بنت واحدة حجاباً شرعياً حقيقياً واحداً. ولأن السيناريو يمتاز بأردأ نقلات درامية ممكنة، فإن خالد يطلق سلوى فجأة بعد اكتشافه أنه دخلت مسابقة للرقص دون علمه، وبعد قليل يذهب خالد بدون سبب مقنع واحد لتعلم الرقص وكأنه اكتشف فائدته العظيمة فجأة، مع حفاظه على طلاقه من سلوى بدون مبررات. وهكذا تنتقل الأحداث إلى اللحظة الحاسمة التي تقام فيها مسابقة الرقص الدولية التي يشارك فيها خالد وسلوى دون علم الآخر ليرقصا معاً وتنتهي مشاكلهم وتنتهي كل مشاكل العالم بالرقص، فالحل الوحيد هو الرقص. يمكنك من الآن اعتبار دور كل من شارك في هذا الفيلم من الممثلين هو دوره الأسوأ في مشواره الفني، عزت أبو عوف يقدم نموذج الرجل الشرقي كما كان يقدم منذ مائة عام بلا أي إضافة، يسرا تضيف لاختياراتها السيئة دوراً جديداً. الشيء غير المفهوم أن تقوم بمجاملة صديقتها المخرجة طوال هذا الوقت، أم أنها أعجبت بالدور وقامت بتمثيله عن اقتناع؟ في هذه الحالة هي بالتأكيد سقطة فنية لا تغتفر. هالة صدقي في دور المهرج الأعظم بالفيلم تقدم أداء مثيراً للشفقة على الأقل، تامر هجرس أستغل الفرصة بذكاء تام وهو مناسب كلية للدور، الدور لم يكن يحتاج ممثلاً عبقرياً لأدائه. وهي فرصة لا تعوض لهجرس، أما طلعت زين فلا تحسب له سوى مشاهد الرقص. مشاهدة هذا الفيلم تضييع لوقتك بلا فائدة.