طريق الفن الصعب

فهد الأسطاء

TT

الأمر يحمل في ذاته جزءا من الطرافة بالرغم من الاستنكار الذي يحمله كل عاقل لما يحدث. ففي الايام الماضية كانت جماعات المحاكم الاسلامية في الصومال كما تشير الاخبار قد قامت بجلد اكثر من مائة شاب بدعوى مشاهدة السينما، بينما في هذا الاسبوع قام بعض المتشددين من الاسلاميين بترصد مسبق لإحدى المسرحيات التي تقيمها كلية اليمامة الاهلية ضمن فعالياتها الثقافية وهي مسرحية «وسطي بلا وسطية» للمخرج رجاء العتيبي واصطفوا جميعا كما توضح الصور في الصفوف الاولى، ثم بدأت التخطيطات قبل ان يبدأ الهجوم الفعلي مع بداية العرض وارتفاع صوت الموسيقى المصاحبة، حيث صعدوا المسرح وقاموا بأعمال تخريبية وتكسير واعتداءات جسدية واشتباكات مع رجال الامن في شغب سافر لا يعبر عن أي قيمة دينية او حضارية وهو للحق سابقة على هذا المستوى بعد ان كان الانكار السابق يتم بالصوت والاستهجان والمشاغبات اللفظية. ربما هي ارتجالات متهورة وربما هي رسالة مضمنة تستعيد أجواء حكومة طالبان البائدة التي يرى مثل هؤلاء انها كانت الافضل في تقديم حياة اجتماعية اسلامية. ولكن على كل حال فهذا يشير الى مستوى المصاعب التي يمكن ان نواجهها اذا مارغبنا بالالتفات الى الفن والاهتمام به وتكريس جميع تمظهراته من مسارح وتمثيليات وحتى صالات سينمائية ـ والتي اشار وكيل وزارة الثقافة والإعلام مؤخرا الدكتور السبيل بأنه لا يمكن الحديث عن افتتاحها حاليا ـ من جهة اخرى يبرز الامل المتفائل حينما نرى ان مثل هذه الاحتجاجات العنيفة والتي هي محل استنكار حتى من الاسلاميين انفسهم انما هي آخر وسائل الرفض والاحتجاج المتشدد خاصة بالنظر الى قبول المجتمع في سنواته الاخيرة لمثل هذه التمظهرات الفنية وتجاوزه لعقدة (الفن الفاسد المنحل) التي كرسها الخطاب الديني خلال السنوات الطويلة الماضية. ثم يبقى الدور على المعنيين بتقديم الفن أن يكونوا على مستوى الثقة والانتظار التي يقدمها لهم المجتمع وتأكيد مدى قيم الفن الجمالية ودوره في عملية النقد والتصحيح الاجتماعي والخطأ الكبير الذي يرتكبه مثل هؤلاء الممانعين حينما يقفون في وجهه.