باسل الخطيب: أتمنى خروج الدراما الخليجية من هذه الدوامة

المخرج السوري يقول إن الكاتب الخليجي أسير في حلقة مفرغة

TT

يعتبر المخرج باسل الخطيب من رواد الدراما السورية ومن المساهمين الفعالين في انطلاقتها عربيا، فعمله (أيام الغضب) وصف بأنه أهم وأضخم عمل درامي عربي على الإطلاق وأعماله (السيرة الهلالية ونزار قباني والعائد إلى حيفا وحنين وهولاكو) وغيرها تتحدث عن إنجازاته الفنية الكبيرة وفي هذا العام.

بدأ باسل الخطيب تجربته مع الدراما الكويتية في (غلطة عمر) و(أسد الجزيرة) وفي هذه المقابلة يتحدث عن هذه التجربة وعن تفاصيل عمله أسد الجزيرة ورأيه فيما تردد عن منع عرض العمل والانتقادات التي وجهت للعمل من قبل البعض ويتمنى ان لا يذهب جهده سدى وان يتم عرض العمل الذي يعتبره اهم ما قدم خليجيا حتى الآن. كما يتحدث في المقابلة عن رأيه بواقع الدراما الخليجية ويكشف عن مشروعه الجديد مع النجمة حياة الفهد وعن أعماله الأخرى. والحديث مع مخرج كبير مثل باسل الخطيب يتنوع كتنوع عطاءاته ونجاحاته، فإلى تفاصيل الحوار الذي جرى في دمشق...

> بداية نود التحدث عن تجربتك الموسم الماضي مع الدراما الكويتية فكيف وجدتها وماذا قدمت لك التجربة؟

ـ هذه التجربة جاءت في وقت كنت أبحث فيه عن تجربة وإضافة جديدة لعملي الإخراجي فشاءت الأقدار أن يتم التعاون الفني مع الاخوة في الكويت في عملين الأول (غلطة عمر) للتلفزيون وهو عمل اجتماعي معاصر يطرح قضية شائكة وهي الزواج العرفي وتداعياته على الأسرة والمجتمع وهذه تعتبر تجربتي الأولى مع الاخوة في الكويت وشاركني العمل مجموعة من نجوم الخليج ومنهم عبد الرحمن العقل وفاطمة عبد الرحيم وفاطمة الحوسني وعبد الإمام عبد الله وآخرون. بعد هذه التجربة قدمت تجربتي الأخرى المهمة التي حملت عنوان (أسد الجزيرة) وهو عمل تاريخي توثيقي ضخم للكاتب الكويتي المعروف شريدة المعوشرجي وهذا العمل كما قيل عنه كان نقلة في الدراما الخليجية التي تشابه في مشاكلها أي دراما عربية أخرى، فرغم كل التطور الذي أحرزته إلا أنها ما زالت تعاني من بعض المشاكل وأهمها غياب النص الجدي والمختلف والذي يطرح القضية بعمق. الحقيقة أن مسلسل (أسد الجزيرة) دخلنا فيه على مرحلة حساسة جداً من تاريخ الخليج العربي وتحديداً من تاريخ الكويت، وتابع العمل ورصد لفترة حكم الشيخ مبارك الصباح وكيف أرسى قواعد دولة مستقلة في الكويت وسط صراعات ونزاعات إقليمية ومحلية ودولية واستطاع أن يحقق السيادة والأمان لوطنه وأهله. وباعتقادي أن تجربة أسد الجزيرة ليست تجربة كويتية فحسب بل أراها تجربة عربية، فالمشاهد في الخليج تابع عمل (أيام الغضب) باهتمام لأنه عمل عروبي وملحمة نضال وكذلك العرب سيتابعون (أسد الجزيرة) باهتمام كونه ملحمة نضال وبناء لدولة عربية مهمة يحبها كل العرب، والعمل سلط الضوء على تاريخ مجهول بالنسبة للكثيرين نكاد لا نعرف عنه شيئا. هناك قيمة فنية ومعرفية كبيرة تقدمت في أسد الجزيرة وأتأمل عندما يعرض العمل أن يحقق الكثير للدراما الكويتية.

> باسل الخطيب كمخرج مهم كيف تقيم واقع الدراما الخليجية؟

ـ الدراما الخليجية طموحة وتتطور بشكل مستمر وخلال وجودي في الكويت تعرفت على الكثير من رموز الفن هناك وفعلاً لديهم رغبة لعمل دراما مختلفة ومتنوعة وأخص بالذكر الفنان (منقذ السريع) مدير مسرح الخليج العربي. شعرت هناك بأنه يوجد أشخاص معنيون بتقديم أعمال خارجة عن النمط السائد ويحاولون الارتقاء بالدراما الكويتية والخليجية من خلال بحثهم عن المواضيع الجادة وآمل أن تنتهي الدوامة التي تدور بها الدراما الخليجية حالياً وأعتبر سببها الرئيسي تشابه النصوص والمواضيع وتشابه الممثلين وتشابه كل شيء في الحقيقة. وأحياناً المتابع لعدة أعمال خليجية يعتقد أنه يتابع عملا واحدا طويلا ومستمرا. وأتمنى مقابل كل الدعم الكبير الذي تتمتع به هذه الدراما سواء على صعيد الميزانيات المفتوحة أو على صعيد فرص العرض بالمحطات أن يكون هناك طموح أكبر باتجاه إيجاد دراما جدية أكثر لأن المجتمع الخليجي فيه الكثير مما يمكن طرحه درامياً.

> هل مشكلة وجود النص الجيد تمثل عائقاً أمام وجود أعمال خليجية جيدة؟

ـ لا أنكر، توجد أعمال خليجية جيدة وتوجد نصوص جيدة لكنها قليلة. ومشكلة ندرة توافر النصوص الجيدة هي مشكلة عربية عامة وليست خليجية فقط ويمكن للخليجيين التوجه للخروج من هذه المشكلة لما كتبه كتاب الروايات في الخليج لتحويلها لأعمال تلفزيونية، وللآن لم تستند الدراما الخليجية في تجربتها لأعمال روائية في حين أننا نرى أن أهم الأعمال التلفزيونية السورية والمصرية نشأت عن روايات لكتاب عرب أو أجانب، وهنا أنصح الدراما الخليجية بالانفتاح على الأدب الخليجي أولاً ثم الانفتاح على تجارب الكتاب العرب والاجانب في هذا المجال حتى لا يظل الكاتب الخليجي أسير هذه الحلقة المفرغة وأسير المواضيع الممجوجة والمكررة وأنصحهم بأن يكونوا على تماس أكبر بالتجربة العربية. وصدقني على الرغم من كل النجاح الذي حققته الدراما السورية فلا تزال هناك شريحة من الفنانين الخليجيين على جهل كامل بالأعمال التي تنفذ في سوريا. وهذا يدل على أن التواصل مفقود وفي رأيي أي حوار وانفتاح على الآخر يغني التجربة.

> لماذا ما زالت الدراما الخليجية بعيدة عن المشاهد العربي ولم تستقطبه للآن؟

ـ هذا الكلام كان صحيحاً قبل عدة سنوات لكنها حالياً تعرض على أهم القنوات العربية بما فيها التلفزيون السوري. الدراما الخليجية كونها تعرض على أهم الفضائيات وصلت لشريحة كبيرة من الجمهور سواء في سوريا أو مصر أو المغرب العربي وباتت تستقطب شريحة واسعة من الجمهور الذي رأى فيها مناخا جديدا وأسلوبا خاصا في العمل الدرامي وهي تقدم وجها اجتماعيا وإنسانيا يمثل بيئة الخليج العربي.

> تستعد حالياً للدخول في مسلسل كويتي جديد فهلا حدثتنا عنه قليلاً؟

ـ لدي عدة مشاريع في الكويت وحالياً نستعد للدخول في عمل بعنوان (أبناء السندباد) مع شركة (كنوز الخليج) وهي نفس الشركة التي أنتجت مسلسل (أسد الجزيرة). والعمل عن نص للأستاذ شريدة المعوشرجي. يتحدث عن توثيق الحياة الاجتماعية والإنسانية في الكويت في فترة بدايات القرن الماضي، حيث يستعرض العمل رحلة البحارة الكويتيين في الماضي إلى الشرق أي الهند وسيلان ورحلاتهم إلى شرق القارة الأفريقية للتجارة وطلب الرزق ومشوار رحلة الغوص والعمل الجميل ويتحدث عن أدق تفاصيل الحياة في تلك الفترة. أما العمل الثاني فهو مع الفنانة القديرة حياة الفهد وهي من أبطال مسلسل (أسد الجزيرة) وهي فنانة مهمة جداً وهناك مشروع فني من تأليفها ومن إنتاج تلفزيون دبي وهو لا يزال قيد الكتابة والدراسة.

> بما أنك عملت مع سيدة الشاشة الخليجية الفنانة حياة الفهد فكيف تصف لنا تجربتك معها؟

ـ شهادتي مجروحة فيها فهي نجمة ولها تاريخ فني حافل وعندما تعاملت معها وجدت نفسي أمام فنانة متواضعة وملتزمة فنياً وهذا بكل صراحه رأيي بها. وهذه فرصة لأعبر لها عن تقديري الكبير لمقامها الفني.

> تردد مؤخراً عن صدور قرار بمنع عرض مسلسل (أسد الجزيرة) فما صحة هذا الكلام؟

ـ أثير الكثير من الشائعات حول العمل منذ البداية وللأسف كل ما أثير كان من قبل أشخاص هم أصحاب رأي مؤثر ولكنهم تسرعوا في الحكم على العمل ولم يقرأوا نصه ولم يشاهدوا العمل فهم أطلقوا أحكاماً مسبقة ضده وكلامهم غير صحيح. والحقيقة لا علم لي بحقيقة إن كان العمل سيعرض أم لا لكنني أتمنى عرضه لأنه ربما يكون أهم عمل وطني وتاريخي كويتي بكل المقاييس وتحدث عن شيء لم يتم تناوله من قبل. أتمنى أن لا يضيع جهدنا في أسد الجزيرة لأنه مشروع وطني مهم ووثيقة للأجيال القادمة.

> لكن عدم عرض عمل وطني مهم حتى الأن كمسلسل أسد الجزيرة ألا يعني موته وتوقفه؟

ـ لا اجابة لدي بالمحصلة انا مخرج العمل ويهمني عرضة لأننا تعبنا بالعمل لدرجة كثيرة للوصول لنتيجة مهمة في عمل تاريخي توثيقي ضخم اذا اوقف عرضه هذا سيحزننا وان عرض فهو عمل يستحق المشاهدة.

> قيل بأن العمل لم يتناول كل أحداث تلك الفترة؟

ـ للأسف تحدث البعض عن إغفال العمل لبعض الأمور المهمة في تلك الفترة كدور المدرسة المباركية التي كانت أول مشروع تعليمي وتربوي في الكويت. ولم يركز العمل على العلاقات التي كرسها الشيخ مبارك الصباح مع روسيا وألمانيا وهذا كلام غير صحيح العمل تحدث عن المدرسة المباركية ودورها في المجتمع وتحدث عن علاقة الكويت مع روسيا وألمانيا وحتى أنني استعنت بفنانين يتحدثون اللغتين الروسية والألمانية كما طرح العمل بكل مصداقية شخصيات العمل التي كانت على خلاف مع الحاكم على أنها شخصيات وطنية تحمل وجهة نظر مختلفة مع الحاكم وهذا هو حال المجتمع الكويتي الديمقراطي.

> ما هي استعداداتك للموسم الحالي على صعيد الدراما السورية؟

ـ لدي هذا الموسم مشروع مسلسل تلفزيوني مع شركة سوريا الدولية بعنوان (الروح والحبر) للكاتبة ريم حنا والعمل يرصد الحياة الاجتماعية في سوريا وتداعيات الحرب الأهلية في لبنان عليها ويتطرق لمذابح صبرا وشاتيلا. سنبدأ تصوير العمل قريباً. وكان لدي مشروع آخر لكنه تأجل حالياً قليلاً وهو عن رواية للأديب السوري الراحل صدقي إسماعيل بعنوان (الأوساط) وهو مشروع فني اجتماعي وطني سوري.

> غيابك الموسم الماضي عن الدراما السورية هل أثر في تواجدك على الساحة الفنية السورية؟

ـ الحمد لله أعمالي تعرض على الفضائيات العربية وعلى مدى عشر سنوات كانت أعمالي حاضرة ورائدة على أهم الفضائيات العربية. وعموماً في الفن يجب أن يعتقد أنه لا يمكن أبداً ودائماً وكل عام أن يبقى مخرج ما أو فنان ما على القمة فالفن كالأسواق المالية فيها الصعود والنجاح والهبوط والفشل. وأنا أستفيد من تجاربي الماضية ومن تجارب الآخرين لكي اقبل على تجاربي الجديدة برؤية أفضل وأعمق.

> هل انتهت المشكلة القائمة بينك وبين المنتج نبيل طعمة من جهة وبين أبناء الشاعر نزار قباني بسبب إخراجك لمسلسل (بالشام أهلي) الذي استعرض حياة الشاعر الراحل؟

ـ لا يوجد شيء بيننا حالياً وصدر قرار واضح من المحكمة والشركة المنتجة (الشرق للإنتاج الفني) كسبت القضية وبناءً على ذلك وزع العمل وعرض وانتهت القضية.

> هل أنت راضٍ عن واقع الدراما السورية؟

ـ هناك أعمال سورية جيدة وهناك أعمال مخيبة للآمال بدرجة كبيرة وواضح أنه يوجد مجموعة مخرجين جدد متميزين ولديهم طموح فني كبير. أنا متفائل بمستقبل الدراما السورية يبقى أن نحمي هذه الدراما من ناحية إنتاجية في ظل غياب حركة إنتاج واسعة لأنه في سوريا لدينا شركتان أو ثلاث للإنتاج وهي من تقدم هذه الأعمال ولسبب من الأسباب إذا هذه الشركات قررت التوقف عن الإنتاج فلن يكون هناك أي شيء اسمه دراما سورية وبالتالي نحن بحاجة لمزيد من الاستثمارات بالدراما السورية. وفي فترة سابقة كانت قناة دبي الفضائية مثلاً تنتج سنوياً في سوريا عدة أعمال تلفزيونية هذا تراجع حالياً بسبب اتجاه القناة للإنتاج الخليجي أو لتمويل أعمال مصرية. ونتمنى أن تعود الجهات الخليجية لتمويل أعمال سورية لأن هذا من شأنه تحريك عجلة الإنتاج الدرامي السوري. من مشاكل الدراما السورية أنه دخل إليها من يهمه الكسب المالي على حساب النوع والكيفية وهذا يحز في نفوسنا ويؤدي لانحدار الدراما السورية.

> لماذا توقفت تجربتك مع النجم نور الشريف الموسم الماضي؟

ـ كنا على موعد مع النجم نور الشريف للانطلاق بعمل فني عن رواية (ذاكرة الجسد) للكاتبة أحلام مستغانمي وعملنا على العمل وكلفنا بكتابة المسلسل الكاتب غسان نزال، ولكن أنا ونور الشريف لم يعجبنا المنحى الإنتاجي للعمل الذي تكلف تلفزيون أبو ظبي بإنتاجه وهذه محطة مهمة ولدي تجارب مهمة معها أيضا. لكن العمل ذهب لشركة منتجة تقوم هي بالإشراف على إنتاجه كمنتج منفذ وهذه الشركة كانت وجهة نظري أنا ونور الشريف أنها ستسيء إلى العمل ولن تقدم له المستوى الفني الذي يليق بهذه الرواية العربية الكبيرة ولهذا انسحبنا من المشروع بسبب وجود جهة فنية منفذة لم نقتنع بها.