سينماتون

فهد الأسطاء

TT

كان من الجيد أن تتاح لي خلال حضور بعض الفعاليات والمناسبات السينمائية فرصة الاطلاع المباشر على عدد من التجارب والاتجاهات السينمائية بعد أن كان المصدر الوحيد لمعرفة مثل هذه الاتجاهات هو القراءة والاطلاع العام والبحث الصعب عن الأفلام التي تعتبر أنموذجا ومثالا مناسبا لمثل هذه التجارب السينمائية.

وتأتي السينما التجريبية كواحدة من أهم هذه التجارب التي تسترعي الانتباه وتحفز على المشاهدة والتعرف وهي تلك السينما التي تستخدم امكانيات خاصة في التعبير بشكل حر ومتحرر تماما سواء من البناء التقليدي للفلم او حتى التحرر من الموضوعات المحرمة ثقافيا وسياسيا ودينيا وجماليا، وهي على كل حال ليست سينما شعبية يمكن تفهمها والانسجام معها او التفاعل مع تجاربها على حين يراها مناصروها هي الفن ذاته وليس غريبا أن يختفي وجودها في عالمنا العربي. وربما نحتاج لأكثر من شخص بمثل الناقد صلاح السرميني الذي كتب عنها كثيرا بخبرة واحتفاء كبيرين. والذي كان له دور رائع في التعريف بهذه السينما الطليعية من خلال مسابقة أفلام الامارات خلال السنوات الماضية فضلا عن كتاباته المتعددة حول هذه السينما مثل كتابه «السينما التجريبية .. مغامرة ابداعية لا تتوقف عن التجدد والعطاء»، ضمن سلسلة «كراسات السينما ... نحو ثقافة سينمائية طليعية موازية».

وكان ضمن كتابه هذا مقالة طريفة عن احدى هذه التجارب السينمائية والتي سماها «الفيلم الأرخص والأطول في تاريخ السينما لجيرار كوران ... أكثر المخرجين كسلا في العالم»، وتحدث فيها عن فيلم «سينماتون» للمخرج الفرنسي التجريبي «جيرارا كوران» الذي كان قد بدأ فيلمه هذا في فبراير عام 1978 ولم ينته حتى الان وهو عبارة عن «بورتريهات» مؤلفة سماها «سينماتون» لشخصيات فنية وثقافية معرفة من سينمائيين وكتاب وصحفيين وفنانين تشكيليين ونقاد ومنتجين وغيرهم مثل المخرج الفرنسي الشهير جان لوك غودار وفيم فيندر وجوزيف لوزي وساندرين بونير وجولييت بيرتو وآلاف غيرهم كثير اضافة الى شخصيات غير معروفة ايضا حيث يقوم فقط بتصوير وجه الشخص المصور في لقطة ثابتة لمدة ثلاث دقائق وبضع ثوان واضعا كل شخص أمام الكاميرا في الحالة التي يرغبها كما ولو كان جالسا لالتقاط صورة فوتغرافية بالرغم من انه طرا بعض التغييرات في السنوات اللاحقة حيث اصبح جيرار يعطي الشخص المصور فرصة عمل أي شيء أثناء تصويره وكان يسبق كل «بورتريه» بطاقة تعريفية تتضمن الرقم التسلسلي للتصوير واسم الشخص المصور وجنسيته ونشاطه ومكان التصوير وزمنه حيث يصرح جيرار بأنه يهدف من خلال هذا العمل الى تكوين أرشيف عن الفن. وبالتاكيد ليس هذا الفيم سوى تجربة واحدة من تجارب الفلم التجريبي والحديث عن هذا الفيلم او التجربة بشكل عام سيحتاج الى مساحة اكبر ومعرفة اكثر تخصصا. [email protected]