مصر: وزارة الداخلية تتراجع عن قرار إلغاء حفلات منتصف الليل السينمائية

جمهورها من العرب والشباب.. وتحقق ثلث إيرادات دور العرض

TT

«تغلب الاقتصاد والمصلحة المادية على الاعتبارات الأمنية».. عبارة رددها البعض عقب تراجع وزارة الداخلية عن قرار إلغاء حفلات منتصف الليل السينمائية في دور العرض، والذي كان العميد محمد عماد مدير الإدارة العامة لشرطة الآداب بوزارة الداخلية المصرية، قد أبلغه إلى مديري عدد من دور العرض السينمائي في القاهرة الخميس قبل الماضي، ومنحهم مهلة شهرا تنتهي في 15 فبراير (شباط) المقبل، لتنفيذ القرار الذي يطالبهم بغلق السينما في الثانية عشرة ليلا في فصل الشتاء، والواحدة صباحا في فصل الصيف.

وبرر مسؤول مباحث شرطة الاداب هذا القرار الشفهي بوقوع التحرشات الجنسية التي حدثت أمام بعض دور العرض في عيد الفطر الماضي، مشيراً إلى ضرورة الحصول أولا على تصريح رسمي من المحافظة والحي قبل السماح بفتح دار العرض لإحدى حفلات منتصف الليل.

لا شك أن المشهد السينمائي كان قد اشتعل عقب هذا القرار، حيث سارع السينمائيون من منتجين وموزعين وأصحاب دور عرض إلى اللجوء إلى الجهات المختصة وعلى رأسها نقابة المهن السينمائية وغرفة صناعة السينما لحل تلك الازمة التي تكلف دور العرض نحو 40% من أرباحها. أول ردود الفعل جاء من نقابة المهن السينمائية التي عقد مجلسها اجتماعاً طارئاً مساء السبت الماضي برئاسة نقيبها ممدوح الليثي لبحث القرار وسبل التعامل معه فبدأت الاتصالات على أعلى مستوى بين النقابة ووزارة الداخلية لمعرفة أسرار هذا القرار الذي تم اتخاذه بطريقة مفاجئة ومن دون التشاور مع النقابة أو غرفة صناعة السينما.

كما قام ممدوح الليثي بإرسال خطابات تعبر عن رفض هذا القرار لكل من حبيب العادلي وزير الداخلية، وفاروق حسني وزير الثقافة، وعبد العظيم وزير محافظ القاهرة، لاتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف التعامل به.

بعدها فوجئ ممدوح الليثي نقيب السينمائيين باتصال هاتفي من مصدر مسؤول في وزارة الداخلية، تم إبلاغه خلاله أن وزير الداخلية اللواء حبيب العادلي، اعتبر اجتماع ضابط مباحث الآداب بمديري دور العرض والذي أسفر عن قرار بإلغاء حفلات منتصف الليل، كأنه لم يكن.

وأشار هذا المصدر في حديثه لممدوح الليثي، إلى انه كان ينبغي على الضابط أن يلجأ أولاً إلى نقابة السينمائيين أو غرفة صناعة السينما للتشاور في الأمر.

الأزمة التي شهدتها دور العرض المصرية طرحت العديد من التساؤلات وعلامات الاستفهام حول أهمية هذه الحفلات التي بدأ العمل بها منذ عشر سنوات على إيرادات السينما المصرية، ومن هو الجمهور الذي يرتادها.

في البداية علق منيب شافعي رئيس غرفة صناعة السينما قائلا: أنا أعتبر ما حدث مجرد خطأ غير مقصود ونوعا من سوء التفاهم الخاص بتنفيذ قرار قديم كان قد صدر منذ ما يزيد عن 30 عاما، الا انه تم الغاء العمل به منذ نحو 10 سنوات حين بدأت دور العرض في تنظيم حفلات ما بعد منتصف الليل بسبب زيادة الاقبال على هذه الحفلات التي تفضلها فئة معينة من الجمهور وبخاصة العرب والشباب.

وأضاف، لا شك أن إعادة تطبيق هذا القرار كانت ستؤدي إلى خسائر فادحة لصناعة تواجه أصلاً الكثير من الصعوبات، بعد أن تخلت عنها الدولة وأصبح الانتاج في يد القطاع الخاص الذي ينفق ملايين الجنيهات من أجل إنتاج فيلم. وكانت حفلات منتصف الليل وسيلة ناجحة في تعويض خسائر المنتجين.

وأشار الشافعي إلى أن دور العرض السينمائي ليست ملاهي ليلية حتى تتعامل بمنطق إغلاقها في الثانية عشرة ليلا لأنها منابر ثقافية.

على جانب آخر اتفق ممدوح الليثي نقيب السينمائيين مع رأي منيب الشافعي، مضيفا، أن تطبيق قرار شرطة الآداب، لم يكن ليلحق الاضرار بدور العرض والمنتجين فقط، ولكنه كان سيلحق الأذى بخزينة الدولة أيضا التي تفرض الضريبة على أرباح تلك الدور وحفلاتها، فإذا كانت دور العرض ستخسر40% من إيراداتها اليومية، فإن هذا كان سينعكس بالطبع على الخزينة العامة.

وتابع، لهذا عندما تفهمت الداخلية هذه الابعاد استجابت على الفور وتم إلغاء القرار الذي تم اعتباره قرارا فرديا من أحد عناصر الامن. وأكد الليثي أن أصحاب دور العرض سيلتزمون خلال الفترة المقبلة باتخاذ الإجراءات القانونية التي تخص حفلات منتصف الليل، بما في ذلك ضرورة الحصول على موافقة الأحياء التي تتبعها هذه الدور وقد قامت النقابة بالتنبيه عليهم لاستخراج التصاريح خلال الأيام القليلة القادمة.

يذكر أن السينما المصرية تعمل بنظام خمس حفلات في اليوم الواحد، تبدأ أولها في العاشرة صباحا، ثم حفلة الواحدة ظهرا تليها الثالثة عصرا، وهي حفلات لا تحقق إيرادات عالية، ثم هناك حفلتا السادسة والتاسعة مساء، وهما الحفلتان اللتان كانتا تحققان إيرادات معقولة في دور العرض، ولكن مع التطور الذي حدث في المجتمع وارتفاع تكلفة إنتاج الأفلام بحث الموزعون والمنتجون وأصحاب دور العرض عن توقيتات جديدة لتقديم حفلات بغرض زيادة الإيرادات، ونجحوا في التوصل إلى حفلات منتصف الليل، وكانت المفاجأة أنها حققت إيرادات خيالية وصلت إلى 30% من إيرادات السينما المصرية يوميا وخلال العشر سنوات الأخيرة، التي تم تطبيق هذا النظام فيها لم تحدث فيها قضية آداب واحدة.

ويؤكد ممدوح الليثي أن لكل حفلة من الحفلات الستة التي تقدمها دور العرض السينمائي جمهورها الخاص بها، إلا أن حفلات منتصف الليل تتميز بأنها تجمع أفراد العائلة ومجموعات الشباب والسياح العرب، الذين يفضلون ارتياد السينما بعيدا عن الزحام. أشرف مصيلحي مدير مجمع سينمات ستي ستار بمدينة نصر بشرق القاهرة يقول: هذا القرار الذي أصدرته الداخلية وتراجعت عنه هو قرار قديم فمنذ زمن وقوانين العرض السينمائي تقول ان حفلات الشتاء تنتهي في الثانية عشرة مساء في فصل الشتاء، وفي الواحدة بعد منتصف الليل في فصل الصيف. ولكن تم استحداث حفلات منتصف الليل التي أصبحت من أهم الحفلات بالنسبة لأي دار عرض سينمائي، لأنها تحقق بالفعل إيرادات عالية وصلت إلى 20% من الإيرادات وجمهورها في الغالب من الشباب فوق سن 25 سنة، الذين يسهرون في المراكز التجارية، ولم تحدث في هذه الحفلات أي مخالفات وما تردد عن أنه يرتكب فيها أعمال منافية للآداب غير صحيح بالمرة.