بعد شهور من الانتظار والترقب، ومنافسة بين آلاف الشعراء النبطيين، ومشاركة 48 شاعرا، انتهت مسابقة شاعر المليون على خير. وفاز المرشح الأول، القطري محمد بن فطيس المري بالمليون، فيما تقاسم شاعران من السعودية جائزتي المركزين الثاني والثالث.
والقول إن المسابقة انتهت على خير، لا يبتعد عن الحقيقة، فجماهيرية البرنامج التي طغت على برامج أخرى مشابهة، تسببت في خروج المنافسة، أحيانا، عما خطط لها البرنامج. فكانت الإشاعات، والتهديدات، والتنابز بالالقاب، والتفاخر بين القبائل، كل ذلك يستحق أن يكون عنوانا مثيرا لما جرت عليه هذه المنافسة.
وبلغت الأمور حدا وصل إلى إصدار بيانات على الإنترنت، تدعم هذا الشاعر أو ذلك، وتهديدات من قبائل لأخرى، واتهامات للجنة التحكيم بمحاباة أو استهداف شاعر، حيث حفلت المواقع الانترنتية بالكثير من هذا.
ولعل أبرزها الهجوم الشديد على لجنة التحكيم بمزاعم هضمها حق الشاعر العراقي يوسف العتيبي، لدرجة أن قصيدة مدح فيها الرئيس العراقي السابق صدام حسين بثت على الانترنت، قيل إنها للشاعر العتيبي ورفضتها اللجنة التحكيمية، وكانت سببا للأزمة بين الشاعر واللجنة، إلا أن الشاعر العتيبي نفى أن تكون هذه القصيدة من نظمه.
يذكر أن لجنة تحكيم مسابقة شاعر المليون تشكلت من سلطان العميمي من الإمارات، الدكتور غسان الحسن من الأردن، تركي المريخي من السعودية، حمد السعيد وعلي المسعودي من الكويت.
ومن الاتهامات التي لم تنته تآمر شركات الاتصالات لخدمة الشعراء الذي ينتمون لنفس قبيلة رئيس الشركة، واستبعاد الشعراء المنافسين، كما تلقت لجنة التحكيم رسائل عدة، تعترض على طريقة تقيمها للشعراء وتتهمها بالتحيز لشعراء بعينهم.
وبالرغم من تأكيدات اللجنة المستمرة أنها تعطي رأيا في القصيدة وليس في الشاعر نفسه، إلا أن تلك التأكيدات لم تمنع من اتهامات متعددة للجنة، حتى بلغت بعضها للتهديد والوعيد عبر الرسائل الموجهة إليهم.
وعودة لتفاصيل المنافسة الخماسية الأخيرة من شاعر المليون، فقد جرت منافسة الحلقة الأخيرة وسط اجراءات أمنية مشددة من البرنامج الذي استحوذ على نسبة مشاهدة عالية، بعد الشعبية التي أكتسبها تدريجيا حتى حانت النهاية السعيدة، والتي تنافس عليها ثلاثة شعراء من السعودية وشاعر من قطر وآخر من العراق.
وكان البرنامج في حلقته على الموعد، فقد أغلقت أبواب مسرح الراحة قبيل ابتداء الحلقة بأكثر من ساعتين، وتدافع الحضور على الفوز بمقعد واحد، وكان الحضور الرسمي طاغيا، فقد شهدت الحلقة حضور الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي والفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان وزير الداخلية والشيخ منصور بن زايد آل نهيان وزير شؤون الرئاسة والشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، بالإضافة إلى جمع من السفراء والدبلوماسيين.
وكان الجمهور على موعد مع منافسة متوقعة بين الشاعر القطري، وشاعرين من السعودية، فكانت النتائج قريبة من التوقعات التي صاحبت مسار البرنامج من بدايته، فاستحق الشاعر القطري بن فطيس المركز الأول، بعد مشوار طويل من تصدر زملائه الشعراء طوال الحلقات السابقة، فيما حصل على المركز الثاني الشاعر السعودي تركي الميزاني الذي حصل على جائزة 500 الف درهم اماراتي، فيما حل الشاعر السعودي عبد الرحمن الشمري في المركز الثالث وحصل على جائزة 350 الف درهم.
وفاجأ الشاعر الفائز بالمليون الجمهور بالمسرح، وعبر شاشة أبوظبي، حينما أعلن عن تبرعه بقيمة الجائزة مناصفة بين أصحاب الاحتياجات الخاصة في قطر واطفال فلسطين.
ولم يحسم فوز الشاعر بن فطيس الجدل الكبير الذي صاحب هذا البرنامج منذ بدايته، حول أحقية كل شاعر بما بلغه، خاصة في ظل الحملات الضخمة التي قام بها افراد كل قبيلة لإيصال شاعرهم. بالطبع كل ذلك كان يجري بعيدا عن تمكن الشعراء، بل كان الاعتماد على انتمائه القبلي. وتحول التصويت بالرسائل الهاتفية، إلى معركة قبلية تتهافت عليها القبائل لنصرة مرشحيها، والرابح الأول كان بكل تأكيد هو شركات الاتصالات.
وعلى شاكلة برامج تلفزيون الواقع، بثت اللحظات الأخيرة للبرنامج، وقبل الاعلان عن النتائج، نقلا مباشرا لوقائع متابعة المتنافسين الأكبر للقب، من السعودية وقطر، الذين كانوا يشكلون جانبا من الجماهير التي تتابع البرنامج في حلقته الأخيرة.
وإذا كان الشاعر العراقي، بالاضافة إلى الشعراء السعوديين بطبيعة الحال، قد وجدوا مساندة كبرى من المشاهدين بالسعودية، فإن الشاعر القطري كان يجد مساندة كبرى، بالاضافة إلى بلاده، من الامارات العربية المتحدة التي كان له فيها شعبية لا يستهان بها.
وربما كان لتنافس ثلاثة شعراء من السعودية على اللقب، فرصة سانحة لتوزع أصوات الجمهور السعودي بين شعرائها الثلاثة، هو ما سهل من فوز الشاعر المري باللقب، بالإضافة إلى الدعم التي قدمته شركة اتصالات قطر «كيوتك» بتخفيض تكلفة التصويت لمرشحها بنسبة 50 في المائة، علما أن المري قد أعطته لجنة التحكيم الدرجات الأعلى بين الشعراء الخمسة.
وبعد ختام البرنامج أكد ولي عهد أبوظبي أن مهرجان أبوظبي للشعر النبطي «شاعر المليون» قد أثبت نجاحه وتألقه، وتمكن من التعبير عن أصالة وعراقة منطقة الجزيرة العربية وسائر المنطقة العربية عموماً، وتنبيه الشباب الخليجي والعربي لأهمية الحفاظ على التقاليد العربية الأصيلة، وضرورة المساهمة في مشاريع صون التراث العريق للمنطقة.
وأعاد الشيخ محمد بن زايد التأكيد على الإيمان الراسخ بأن اعتلاء قمة الحضارة والرقي، «لا بدّ أن تتوازى مع استراتيجية الحفاظ على التراث العريق الذي أسسه أجدادنا».
وبالرغم من النجاح الجماهيري الكبير الذي شهده البرنامج، بالاضافة إلى تمكنه من الخروج بالشعر النبطي من دوائر الاهتمام المحلية إلى العربية، وتقديم هذا النوع من الشعر في إطار عصري كان بحاجة إليه منذ زمن، إلا أن انتقادات عديدة وجهت للبرنامج وللشعراء المشاركين فيه. لعل من أكثرها احياءه من جديد للقبلية وتشجيعه بشكل كبير وواضح لمبدأ الفزعة بين أفراد كل قبيلة، حتى أن بعض المنتديات تناقلت أن بعض القبائل رصدت مليون درهم لدعم مرشحها. وكانت لجنة التحكيم، وخلال الحلقة قبل الأخيرة، قد منحت نسبة من 25 في المائة لكل شاعر، واضافت في الحلقة الأخيرة نفس النسبة ثانية بعد تقييمها لأداء الشعراء في القصائد المطلوبة، فيما كانت نسبة الخمسين في المائة الباقية من نصيب الجمهور، الذي استمر في التصويت منذ نهاية الحلقة السابقة وحتى قبيل نهاية الحلقة الأخيرة، لتضاف نسبة الجمهور لشاعرهم المفضل.
وبعد انتهاء الحلقة الأخيرة من البرنامج، وتتويج الشاعر الفائز بالمليون من ولي عهد أبوظبي، كان لفنان العرب محمد عبده دوره في ختام حلقات البرنامج، وجاء حضور محمد عبده كعادته بشكل مميز واستثنائي ليحيي آخر أمسيات الشعر في شاعر المليون. وكان لافتا أن الفنان محمد عبده أراد أن تكون الليلة اماراتية، على حد تعبيره، في رده على الجمهور الذي كان يطالبه ببعض الأغنيات المفضلة، فافتتح أمسيته بأغنية في الشيخ محمد بن زايد، ثم أتبعها بأغنية قديمة له من كلمات الشيخ زايد آل نهيان وهي أغنية «آه ياويلي»، قبل أن تتوالى أغنياته، منها أغنية جديدة من كلمات الأمير الشاعر خالد الفيصل.
* لقطات > ازدحام الجماهير كان باديا قبل بدء البرنامج بأربع ساعات، ومع اقتراب البرنامج زاد الازدحام، خاصة مع الاجراءات الأمنية المشددة والتفتيش الدقيق.
> سوف يقام مهرجان شعري وغنائي يوم الثلاثاء المقبل، احتفالا بنهاية البرنامج، وسوف تنقل قناة أبوظبي البرنامج على الهواء مباشرة.
أكثر من ثلاثة آلاف شاعر قدموا طلباتهم للمشاركة في البرنامج، وقابلت اللجنة التحكيمية 1000 منهم، قبل أن يتم الاختيار النهائي لـ 48 شاعرا شاركوا في البرنامج.
> محمد خلف المزوعي المدير العام لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث والمشرف العام على البرنامج، كان متابعا لكل صغيرة وكبيرة في الحلقة الأخيرة، وكان حريصا على أدق التفاصيل للوصول إلى نهاية سعيدة للبرنامج الذي يعتبر هو صاحب الفكرة فيه.
> من المقرر أن تبدأ النسخة الثانية من برنامج شاعر المليون في مايو (آيار) المقبل، حيث ستقوم اللجنة بزيارة دول خليجية وعربية لاختيار شعراء جدد للمشاركة.
> بسبب الاقبال الشديد على حلقة أمس من البرنامج، فقد تم وضع شاشات عرض خارج مسرح شاطئ الراحة لكي يتابع الجمهور حرصه على حضور الحلقة.