نصف جمعية نقدية

TT

السؤال البدهي هو عما إذا كان للنقاد، والنقاد بدوائرهم وجمعياتهم، دور في التوعية بقيمة السينما والتأكيد على المضامين الفنية للفيلم والرقي بذوق المشاهد، أو على الاقل توجيهه نحو الاختيار الأفضل ودعم المنتج السينمائي الأكثر امتلاكا للقيم الفنية. لكن، وبكل صراحة، لا يمكن أن يكون لهذا السؤال أهمية إذا ما كانت المشكلة من النقاد أنفسهم وتقصيرهم في أداء هذه المهمة التي ينتظرها بعض المشاهدين على أسوأ الاحوال. ما يدفعني لمثل هذه الافتتاحية، هو الخبر الطريف الذي نشر الاسبوع الماضي حول احتجاج مجموعة من النقاد المصريين وشنهم هجوما شديدا على جمعية نقاد السينما المصرية، بسبب اختيارها للفيلم الشبابي «اوقات فراغ»، كأفضل فيلم مصري لعام 2006، من بين أربعين فيلما عرضت، وتفضيله على الفيلم الضخم والاشهر «عمارة يعقوبيان»، باعتباره العمل الاكثر اكتمالا من الناحية الفنية، وهو برأيي أحد افضل إنتاجات السينما المصرية منذ فترة طويلة جدا. وصرح الناقد المصري نادر عدلي، بأن مثل هذه الجوائز كان من المفترض أن تساهم في دعم الصناعة نفسها، إلا ان جمعية نقاد السينما المصرية بما هو معروف عنها من اتجاهات يسارية تحمست للجرأة الانتاجية على حساب فن السينما نفسه. بينما يؤكد الناقد محمود مرسي، بأن فكرة التعاطف في الاختيار مرفوضة، وأن فيلما بوزن «عمارة يعقوبيان»، كان الاجدر باللقب، نظرا لموضوعه والحالة التي أحدثها من جدل وتعرية للواقع المصري السياسي والاقتصادي والإعلامي والنفسي بصورة جريئة الى جانب مشاركته في العديد من المهرجانات الدولية.

ويضيف الناقد سمير الجمل، اعتبارا آخر يتعلق بكون الفيلم يشكل عودة الى منابع الادب من خلال رواية الاسواني، وعودة أيضا للنجوم الكبار في السينما واجتماعهم بهذا الشكل الذي لم يحدث منذ فترة طويلة.

والآن ما هو الطريف في كل هذا؟.. الطريف أن من بين جميع اعضاء جمعية نقاد السينما المصرية، فإن 34 ناقدا فقط لهم حق التصويت، لأنهم قد سددوا اشتراكات العضوية السنوية. والأكثر طرافة أن من صوّت على اختيار الفيلم في الاستفتاء السنوي هم فقط خمسة عشر عضوا ممن حضروا في ظل غياب البقية، وهو يشكل أقل من نصف الاعضاء المخول لهم حق التصويت!.