وقت مستقطع لأفلام شباب النجوم في دور العرض المصرية

هربا من مذبحة الصيف و«صائدي الإيرادات»

TT

في محاولة لتجنب موسم أفلام الكبار في فصل الصيف، شهدت دور السينما المصرية على مدى الشهر الأخير عرض مجموعة من الأفلام التي يقوم ببطولتها شباب من أجيال متعاقبة. فيما يبدو كحل وحيد لعرض تلك الأفلام بعد أن تزايد عددها ومضى على إنتاج بعضها أكثر من عام. ومعروف أن مصر وعلى مدار السنوات العشرين الأخيرة كانت قد عانت من تركز عرض الأفلام ذات الميزانيات الكبيرة التي يقوم ببطولتها كبار النجوم في فصل الصيف وبمرور الوقت ظهرت على الساحة الفنية في موسمي عيد الاضحي وعيد الفطر وإن كانا أقل في الأهمية وعدد الأفلام المطروحة في كليهما عن موسم الصيف. إلا أن تسارع عجلة الإنتاج السينمائي في مصر مؤخرا كان الدافع الأول وراء التفكير في خلق مواسم فنية على مدار العام حتى وإن احتفظ الصيف بموقعه في الأهمية وحجم المنافسة ومكانة نجوم أفلامه الذين يطلق عليهم لقب «صائدي الإيرادات» ومنهم محمد سعد، الذي يخوض معركة الصيف المقبل بفيلمه «بحلق» أو «روميو وجولييت» سابقاُ، ومحمد هنيدي بفيلمه «عندليب الدقي» الذي يحاول فيه استعادة بريقه، وأحمد السقا بفيلمه «تيمور وشفيقة» والزعيم عادل إمام بفيلمه «مرجان أحمد مرجان» وكريم عبد العزيز الذي لم يعلن حتى الان تفاصيل تعاونه الجديد مع بلال فضل. وهؤلاء النجوم كانوا السبب في لجوء بعض الموزعين السينمائيين إلى عرض أفلامهم في الفترة الحالية محدثين بذلك رواجاً لدور العرض التي كانت تقتصر في تلك الفترة من كل عام على الأفلام الأجنبية فقط. مستوى الأفلام المعروضة الآن تتباين من حيث الإيرادات وجودة العمل ومن بينها فيلم «آخر الدنيا» الذي تقوم ببطولته نيللي كريم الذي لم يحقق إيرادات تذكر، حيث لم تتجاوز إيراداته 600 ألف جنيه مصري على مدي أسابيع عرضه، وفيلم «الكود 36» لمصطفى شعبان والمطربة اللبنانية مايا نصري، والذي يعاني أيضاً من قلة الإيرادات، وانضم إليها منذ أيام قليلة فيلم «أنا مش معاهم» من إخراج أحمد البدري وبطولة النجم الكوميدي أحمد عيد وبشري، والذي تخطت إيراداته حاجز المليون جنيه بعد أسبوع عرضه الأول. كما تشهد دور السينما حالياً أيضاً عرض أفلام «مفيش غير كدة» إخراج خالد الحجر الذي يشهد عودة نبيلة عبيد للسينما بعد فترة غياب كبيرة منذ آخر أفلامها «قصاقيص العشاق» الذي لم يحقق أي نجاح يذكر، وفيلم المخرج محمد خان «في شقة مصر الجديدة» بطولة خالد أبوالنجا وغادة عادل. والأيام المقبلة ستشهد عرض مجموعة اخرى من الافلام من بينها «كشف حساب» الذي سيبدأ عرضه يوم 25 مارس الجاري ويقوم ببطولته كل من خالد أبو النجا وبسمة واللبنانية نور. إلى جانب فيلم «التوربني» الذي تعرض لسلسلة من التأجيلات من قبل، حيث قرر الموزع محمد حسن رمزي عرض الفيلم يوم 27 مارس المقبل.

الناقد السينمائي طارق الشناوي علق على تلك الظاهرة بقوله: أعتقد أن تلك الظاهرة لها مردود إيجابي على السوق السينمائي وحركة الإنتاج في مصر، فمن الأفضل أن يتم عرض الأفلام على مدار الـ12 شهراًَ ولا يتم تخصيص شهور أو أسابيع بعينها لعرضها. ويضيف الشناوي أن الموسم الصيفي القادم سيشهد انكماشاً حاداً في عدد أسابيعه حيث أنه سيقتصر على شهور يونيو ويوليو وأغسطس فقط لأن شهر رمضان سيأتي مبكراً في شهر سبتمبر، ولذلك شعر المنتجون أنهم لن يستطيعوا عرض أفلامهم في تلك الفترة القليلة وبحثوا عن الحل ووجدوا ضالتهم في ذلك التوقيت الحالي، لافتاً النظر إلى أن أهمية موسم الصيف ظهرت بعد عرض فيلم «إسماعيلية رايح جاي» عام 1997 الذي حقق إيرادات كبيرة جداً مما جعل المنتجون يركزون على ذلك الموسم دون غيره من شهور السنة. ويتوقع الشناوي أن تنتهي ظاهرة الموسم الصيفي في الفترة القادمة خاصة مع الانتاج السينمائي المتزايد يوماً بعد الآخر، وظهور أفلام متميزة تعرض في التوقيت الحالي مثل فيلم «أنا مش معاهم» الذي كسر الشكل التقليدي للسينما التي دأبت عليه في الفترة الماضية وعقد مصالحة بين قانون الأفيه والمضمون الجيد.

وحول ما إذا كانت الأفلام الأجنبية التي تعرض في ذلك الوقت من شتاء كل عام ستؤثر على إيرادات الأفلام العربية المعروضة حالياً يوضح الشناوي أن تلك الأفلام لا يمكن أن تؤثر في نجاح الأفلام العربية المتميزة، لأن لكل فيلم جمهوره وبالعكس تماماً حيث ستدعم تلك الأفلام الأجنبية الفيلم المصري. وتتفق الناقدة ماجدة خيرالله مع الرأي السابق وتقول إنه «لا بد أن يكون هناك تنوع لا في المواسم سينمائية فقط لكن في نوعية الانتاج ايضا»، مشيرة إلى ان الافلام التي سيتم عرضها في موسم الصيف يشارك فيها كبار نجوم السينما وكبار شركات الإنتاج التي تعتمد على الإنتاج الضخم بينما الافلام المعروضة حاليا تتميز بالانتاج المتواضع وشباب الفنانين. وتضيف «هي فرصة لالقاء الضوء على فن الشباب. كما انها فرصة لاكتشاف الفن الجيد من الرديء فبعض السينمائيين يبررون فشل أفلامهم بأنها لم تعرض في توقيت مناسب وهذا ليس صحيحاً مطلقاً، وأمامنا حالياً تجربة ومثال واضح، حيث أن افلاماً مثل «الكود 36» و«مهمة صعبة» و«آخر الدنيا» لم تحقق إيرادات مرتفعة، بينما نجح فيلم أحمد عيد لأنه فيلم جيد. وتشير خيرالله إلى أن أحد كوارث الموسم الصيفي أنه خلق جمهوراً معيناً للأفلام وهم طلبة المدارس والجامعات وذلك أدى لوجود نوع واحد مسيطر على الأفلام وهي الأفلام الكوميدية ذات الإفيهات الخالية من المضمون, لكن وجود موسم سينمائي دائم ومستمر على مدار العام سيحدث تأثيراًَ هاماً في صناعة السينما على مستويين متوازيين أولهما الجمهور حيث سيخلق فئة جديدة من الجمهور هم الشباب فوق الثلاثين والعائلات، الذي بدوره سيؤدي إلى إحداث تغيير في نوعية الأفلام المقدمة وستلبي هنا السينما مختلف الأذواق وذلك هو المستوى الثاني. ويرى المنتج والموزع السينمائي محمد حسن رمزي أن سبب تلك الظاهرة يرجع فقط لارتفاع الإنتاج السينمائي وزيادة عدة الأفلام التي تبحث عن توقيت لعرضها، ولذلك فتلك الفترة مناسبة جداً لكي يعرض الجميع إبداعاتهم السينمائية والأفضل سيثبت نفسه وينجح جماهييراً ويحقق إيرادات جيدة، فالمعيار هنا هو الفيلم الجيد الذي يستطيع جذب الجمهور لدور العرض.