مشاهد تطول وتطول بلا ضرورة والمخرج جمع كل ما في جعبته من تفجيرات وفرقعات

«قراصنة الكاريبي» في جزئه الثالث.. مثير وممتع ومفكك

TT

في زمن أصبح الفن فيه يعتمد على الصورة لجني الأموال، وجذب الجمهور الشاب الذي لا يبحث عن أي عمق أو سرد منسق للأحداث، فإن «قراصنة الكاريبي» في جزئه الثالث يعتبر التكملة المنتظرة والتقليدية (المفككة في بعض الفترات) لهذه السلسلة. وهي تجربة مليئة بالمغامرة والإثارة في أجوائها وعالمها الخاص. ما هو مؤسف أن الفيلم يعاني من بعض المشاكل التي باتت معروفة للجمهور السينمائي المتابع، فبمدته التي تكاد تصل إلى ثلاث ساعات كان لديه متسع وافر من الوقت كي يستخدمه في صياغة أفضل للحبكات الكثيرة الموجودة فيه. وكأن نجاح الأجزاء السابقة حفز الكتاب لتأليف أفكار جديدة، بينما كان الأجدر بهم هو تقصير كل الأجزاء والتركيز على حبكة أو اثنتين وكتابتها جيداً. ويبدو أن المسألة عندما تتعلق بالثلاثيات السينمائية، فإن صانعي الأفلام يشعرون أن من الضروري أو الحتمي أن يتم صنع كل القصص بنفس الطول والمدة الزمنية، في حين أن الأولوية هي إعطاء المدة الزمنية المناسبة فقط إذا تطلبت القصة ذلك.

هناك شيء يجعلك واثقاً من أن هذا ما أراده المنتج جيري بروكهامير. ألا وهو إثارة حماس الجمهور بالمغامرة، إخراجهم من صالات العرض ليناقشوا ما الذي شاهدوه للتو. بعد ذلك إعادتهم إلى الصالات ليتأكدوا فعلاً إن كانوا قد فهموا الفيلم من المشاهدة الأولى. مهما كانت غاية المنتج وصانعي الفيلم، يبدو أن محبي السلسلة عليهم أن يرضوا كلياً بكل شيء قدم لهم هنا لأنه الجزء الأخير من سلسلة أمتعت الجمهور والدليل هي مليارات الدولارات على شباك التذاكر. تستمر أحداث السلسلة من حين تركنا المجريات بعد الجزء الثاني، حيث يصمم كل من عصفوري الحب إليزابيث سوان (كييرا نايتلي) وويل تيرنير (أورلاندو بلوم) والكابتن باربوسا (جيفري راش) والكاهنة تيا دالما (ناعومي هاريس) على إنقاذ حياة الكابتن جاك سبارو (جوني ديب)، الذي شاهدناه آخر مرة وقد بلعه الكاركين وهو الآن محبوس في عالم سفلي يشبه الجحيم. بعد توقف بسيط في سنغافورة لاستعادة خريطة خاصة من الكابتن ساو فينغ (شو يان ـ فات)، تكمل المجموعة سيرها في طريق وكأنه نهاية العالم. هذه المهمة المريبة ليست إلا بداية بحثهم، هذا ما يلاحظونه عندما يقع نظرهم على الفلاينغ داتشمان، وهي سفينة دايفي جونز اللعين (بيل ناي). ويبدو أن الزعيم المخادع كاتلر بيكيت (توم هولاندر) قد سلب قلب دايفي، ليستخدمه ضده مشكلاً تحالفاً مهماً سيساعده في السيطرة على البحار وذبح كل القراصنة.

الفيلم يحتوي على عدد كبير من المشاهد تطول وتطول من غير أن تشعر بضرورتها، حيث يسمح فيها لجاك سبارو أن يتصرف على سجيته وبأسلوبه الخاص والمشهور. جوني ديب ممثل بارع بلا شك، لكن الأمر وصل إلى حد يبدو أنه قد أعطي فيه الضوء الأخضر للتصرف كما يحلو له على الشاشة، لقد أطلق العنان للارتجال على أوسع أبوابه. صحيح أنه صنع انقلاباً مميزاً في الجزء الأول في شخصية كانت ستبدو عادية ومكررة مع ممثل آخر إلا أنه مع إصراره المتواصل والمفرط في تقديم النكت يبدو أنه قد آذى دوره ونفسه. وكأنه أحد هؤلاء الممثلين الذين يفوزون بجائزة الأوسكار والذين يعتقدون أن أي فيلم يصورونه يجب أن يكون ذا أهمية قصوى. الأمر ببساطة أننا استوعبنا الهدف من دور جوني ديب بأكمله، الكابتن جاك هو نوع مختلف من القراصنة لقد فهمنا ذلك من الجزء الأول.

هناك مبالغة في حجم «الأكشن» في الجزء الختامي لهذه السلسلة، المخرج غور فيربينسكي جمع كل ما في جعبته من تفجيرات وفرقعات ومؤثرات خاصة منوعة ومشاهد عديدة لفوضى وجنون القراصنة، إلى درجة أنك تشعر بالإنهاك مع انتهاء كل مشهد منها، وهذا أمر زائد عن حده. كما أن هذا الجزء يعيبه هوس الطاقم وقلقه من فكرة كيف سننهي السلسلة بطريقة مبهرة لا تنسى، فإذ بهم يضاعفون كل عناصر الحركة والكوميديا والحب أضعافاً مضاعفة. فيما كانت الأجزاء السابقة تمتاز بكل شيء على حدة وبمعالجة أقل تعقيداً. الجزء الأول كان ذا طابع مرح وغريب ومحبوب في نفس الوقت (كما هو سبارو)، أما الجزء الثاني فقد كان شديد الإثارة ومليئا بالحماس. في النهاية علينا أن نعترف، مع أنه قد يبدو أمراً سخيفاً، مشاهدة رجل يطير في الهواء بحبل سميك هو شيء مثير، ولأسباب مجهولة.