ممدوح سالم: نطالب بجمعية سعودية للسينما على غرار جمعية المسرحيين والتشكيليين

المخرج السعودي قال لـ «الشرق الأوسط» إنه ليس محظيا لدى وزارة الثقافة.. ومشاركته في روسيا ليست مجاملة

ممدوح سالم
TT

أكد المخرج السعودي ممدوح سالم، أن مشاركته ومجموعة أخرى من الأفلام السينمائية السعودية في «الأيام الثقافية السعودية في روسيا»، الذي أختتم أخيرا، لم تكن بسبب علاقته المتميزة بوزارة الثقافة والاعلام، وقال «لو كنت محظوظا كما يقال فسيشاهد الجمهور أعمالي الدرامية بشكل سنوي على التلفزيون السعودي»، وتحدث عن آلية اختيار الأفلام للعرض امام الجمهور الروسي، وكذلك عن تنظيمه لفعاليات مهرجان العروض المرئية في جدة، وأكد أن هذا العام سيتم دعوة عدد من المحكمين وتقديم جائزتين لأفضل فيلم روائي قصير وأفضل فيلم وثائقي.

وقال في حواره مع «الشرق الأوسط» من الدمام، أن السينما السعودية بحاجة إلى دعم رسمي يتمثل في جمعية أو رابطة على غرار جمعية المسرحيين والتشكيلين، وقال إن تأخر بدايات التجارب السينمائية السعودية إلى هذا الوقت «جعلنا نعمل على التأسيس من الصفر».

> شاركتم، مع عدد من الأفلام السعودية في «الأيام الثقافية السعودية في روسيا»، ألا ترى أنكم استعجلتم نقل تجربتكم السينمائية الوليدة لمجتمع تعتبر صناعة السينما فيه متطورة للغاية؟

ـ نسعى نحن السينمائيين السعوديين إلى تطوير أدواتنا الفنية من خلال اطلاعنا على التجارب السينمائية المتطورة في الدول المتقدمة وذلك لنبدأ من حيث وصل هولاء، ولكي يتم تشريح تجاربنا السينمائية من خلال نقد هادف بناء يحلل لنا تجربتنا من منظور فني ومهني، نرتقي من خلاله، كما أن التواصل الإنساني عنصر هام لنا كسعوديين ومسلمين نسعى من خلاله لتكوين صورة جميلة، وقد نقلت عدد من التجارب السينمائية السعودية إلى عدد من الدول العالمية مثل فرنسا وهولندا، رغم تواضع بعض هذه التجارب إلا أن تعدد التجارب السينمائية وتراكم الخبرات في المشاركات الدولية سترتقي بالسينما السعودية.. وتعد تجربتي السينمائية واحدة من التجارب السعودية التي رشحت للمشاركة في روسيا للتعريف بالمشهد الثقافي السعودي وبرأي بأن الخطوة جيدة وستسجل لوزارة الثقافة والإعلام، وألا أصفها بالمتعجلة فإذا كان عمر السينما قد دخل في قرنه الثاني فمتى سيحين الوقت لمشاركة الأفلام السعودية في المحافل الدولية كما أن مشاركتنا لم تكن للمنافسة بل للتعريف بالهوية السعودية.

> كيف تم اختيار الأفلام المشاركة في روسيا؟ ألا ترون أن الوزارة «جاملت» بعض المخرجين الذين ابرزت أعمالهم هناك؟

ـ شكلت وزارة الثقافة والإعلام لجنة لاختيار عدد من الأفلام السعودية لتمثل المملكة في الأيام الثقافية السعودية في روسيا بناء على مقومات، منها، أن يكون الفيلم مفسوحا من قبل إدارة الرقابة بوزارة الثقافة والإعلام. وأن تكون جودة الصوت والصورة للفيلم جيدة بالشكل الذي يسمح بعرضها بشكل لائق. وأن يعبر الفيلم عن البيئة المحلية السعودية من خلال رصده لقضايا ومواضيع تعبر عن الواقع السعودي. وأن يكون الفيلم باللغة العربية مترجما للغة الانجليزية أو العكس. وأن يكون الفيلم قد أنتج في عام 2007. وقد كان عدد الأفلام المرشحة للمشاركة 8 أفلام سعودية. ولم يكن هناك أي مجاملة من الوزارة للمخرجين فجميع الأفلام السعودية التي رشحت للعرض أعطيت فرصا متساوية من حيث مواقع العروض في المدن الروسية وعدد العروض لكل فيلم. في حين أن الأفلام التي برزت هناك كانت نتيجة لرضا واستحسان الجمهور الروسي لها.

> في الأساس، أليس الأمر مدعاة للاستغراب أن يشاهد الروس، كما شاهد الإيطاليون والفرنسيون الأفلام السعودية قبل أن تتاح للجمهور المحلي فرصة مشاهدتها وتقييمها؟

ـ أتفق معك في هذا الأمر، ولكن هنا يأتي دور المؤسسات الثقافية المتمثل في الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون، فعلى هؤلاء دور هام في إتاحة الفرص لعرض الأفلام السعودية، ويبدو أن هذا الأمر بدأ فعليا في الدمام والرياض وجدة وحائل، وقريبا سيكون في المناطق السعودية الأخرى.

> ألا يعتبر الأمر «تجميلاً» للمشهد الثقافي السعودي، وقفزاً في الهواء أن ننقل تجربتنا السينمائية للخارج؟

ـ لا أعتبره تجميلا وقفزا كما تدعي، بل دعما وتشجيعا فلا عجب أن ننقل تجربتنا السينمائية للخارج ليطلعوا على مشهدنا الثقافي، فالعالم الآخر ينظر إلينا بأننا مجتمع ثالث ومتأخر ونقل التجارب السينمائية مهما كانت بساطتها ألا أنها تمثل هويتنا العربية والإسلامية، والتي نحن بأمس الحاجة لأن نبرزها لهم، فالسينما وسيط ثقافي له أدواته الفنية الخاصة وجمهوره الكثيف حيث نستطيع من خلال هذا الفن أن نقدم هويتنا كشعب مسلم وكمجتمع سعودي، وسنثبت ذلك في خطواتنا القادمة.

> كان هناك عدد من الأفلام السعودية التي تأهلت في مسابقات اقليمية ودولية، لماذا لم تشارك في الأيام السعودية في روسيا؟

ـ هذا يعود للجنة اختيار العروض السينمائية والتي شكلتها وزارة الثقافة والإعلام، فالوزارة لا تنظر إلى أي الأفلام أثارت جدلا وانتشارا إعلاميا أو حققت جوائز دولية بل تنطلق من رؤى وفكر وهوية تسعى الوزارة لتحقيقها من خلال هذه الأفلام.

> شاركتَ شخصياً في تنظيم فعاليات مهرجان جدة الأول للعروض المرئية والسينمائية، والتي تم فيها عرض 16 فيلماً، ألا ترى أن اطلاق مسمى «مهرجان» على هذه الفعالية «تضخيم» لا يعبر عن واقعها؟

ـ أتفق معك أن مسمى «مهرجان» ضخم والاسم الأقرب لهذه الفعالية هي «تظاهرة» إلا أننا لدينا هدف من تلك التسمية وقد ربطنا هدفنا بخطة إستراتيجية بعيدة المدى نسعى من خلالها لتكوين مهرجان يعنى بالقضايا العربية والإسلامية.

أما بخصوص أننا لا نمتلك قاعدة سينمائية فلعلي أضرب لك مثالا بدولة الإمارات العربية المتحدة والتي تنظم أقوى مهرجان سينمائي في الشرق الأوسط وهو مهرجان دبي السينمائي رغم أن الإمارات لا تمتلك قاعدة سينمائية أنما لديها مجموعة من المواهب السينمائية الصاعدة ألا أنهم من خلال مهرجان دبي استطاعوا أن يقدموا أنفسهم كسينمائيين صاعدين، فتنظيم المهرجانات السينمائية لا يتطلب وجود قاعدة سينمائية لأنك من خلال المهرجان ستكون قاعدة سينمائية. ونحن في مهرجان جده نعمل على توفير أرضية الدعم المعنوي والإعلامي للتجارب السعودية الشابة في صناعة الأفلام القصيرة. أما بخصوص التقييم والتحكيم فلم نكن بوسعنا أن نفعل ذلك في تجربتنا الأولى وأردنا أن نقدم التجارب السعودية للعرض على الجمهور السعودي ولكن في هذه السنة أختلف الأمر حيث قد وضعنا ضوابط للمشاركة بالمهرجان وكذلك شكلنا لجنة للتحكيم وتقييم الأفلام حيث سيكون هناك جائزتان وذلك لأفضل فيلم روائي قصير وأفضل فيلم وثائقي وستكون مقتصرة المسابقة فقط على الأفلام السعودية.

> كيف أقرت وزارة الثقافة والإعلام آلية الأفلام المشاركة؟ ـ أقرت وزارة الثقافة والإعلام آلية الأفلام المشاركة بناء على معايير تتناسب مع التقاليد الإسلامية واحترام الأنظمة والقوانين السعودية، أما معيار أن تكون الأفلام مجازة في مهرجان الإمارات فهذا كان بسبب أن جميع الأفلام السعودية لم تكن مسجلة رسميا لدى الوزارة، وحين طلبنا من المخرجين السعوديين تسجيل حقوق الأفلام لدى الوزارة استصعبوا الأمر وبما أن الأفلام قد سجلت رسميا في الإمارات واختصار للزمن خاطبنا مسابقة أفلام من الإمارات لمنحنا عرض الأفلام السعودية وهذا كان في السنة الماضية، أما هذه السنة فقد سجلنا جميع الأفلام السعودية في الوزارة بشكل رسمي مبكرا تفاديا لما حصل في العام الماضي.

> بعض زملائك المخرجين، يقولون ان ممدوح سالم «محظوظ» بعلاقته مع وزارة الثقافة والاعلام، هل ذلك مؤشر إلى «غيرة» أم إلى «احتجاج» من اختلاف مقاييس التعامل؟ ـ لو كنت محظوظا كما يقال فستشاهد ممدوح سالم من خلال أعمال درامية بشكل سنوي على التلفزيون السعودي، فأنا ممثل وأعشق التمثيل قبل أن أكون مخرجا أو منظما لمهرجانات، ودعني أوضح لك أمرا في السنوات الأخيرة شرعت وزارة الثقافة والإعلام بعد أن انضمت إليها الثقافة إلى تغييرات جذرية شملت إعادة هيكلة المؤسسات الثقافية وذلك للنهوض بالثقافة السعودية وكسر البيروقراطية التي تبطئ من عجلة الثقافة وأصبحت الوزارة أكثر دعما للعمل الثقافي وهذا جهد يشكر عليه مسؤولو الوزارة، ومن خلال تلك التغييرات سعيت لتنظيم أول مهرجان سعودي للأفلام وتقدمت للوزارة لدعم هذه الأفلام ضمن المشاركات والمحافل الدولية وفعلا أبدت الوزارة دعما وتشجيعا لهذه التجارب وتم التواصل بيننا بما يخدم الثقافة السعودية، ولعلي أوضح لزملائي المخرجين أن وزارة الثقافة والإعلام تفتح أبوابها لكل المثقفين والفنانين والمبدعين.

> برأيك ماذا ينقص السينما السعودية لتخرج من دائرة الجدل إلى أن تصبح «صناعة» قائمة بحد ذاتها، وفي الأساس ما هي امكانية قيام هذه «الصناعة»؟

ـ السينما السعودية بحاجة إلى دعم رسمي يتمثل في جمعية أو رابطة على غرار جمعية المسرحيين والتشكيليين وبذلك نكون شكلنا اللبنة الأولى لتأسيس سينما سعودية يأتي بعد ذلك دور هذه الجمعية في التأسيس لصناعة سينمائية سعودية من خلال توفير كوادر سينمائية أكاديمية ترتقي بالمواهب السعودية الشابة تعمل على تدريبهم وتطويرهم وكذلك منح التصاريح اللازمة لدور العرض السينمائي حيث سنستطيع أن نقدم صناعة سينمائية بهوية سعودية تخدم قضايا الأمة العربية والإسلامية وأتذكر مقولة قالها لي احد الفنانين المصريين في زيارته للسعودية حيث قال لي أنتم تمتلكون كنزا في بلادكم لا يملكه أحد غيركم فأنتم قلب العالم العربي والإسلامي، وتاريخ الحضارة الإسلامية في كل ركن من بلادكم وبإمكانكم أن تصلوا إلى بقاع العالم من خلال صناعة سينمائية جادة.

> تاريخياً كان هناك دور عرض بدائية قبل خمسين سنة في أحواش جدة، فلماذا نبدأ اليوم من الصفر وكأن تاريخ السينما يؤسس من جديد؟

ـ لأن في ذلك الزمن كانت السينما تمثل ترفا ومتعة للمشاهد ولم يكن في ذلك الوقت قد نشأت التجارب السينمائية السعودية، أما الآن فالسينما تمثل جسر تواصل وأداة تعبيرية عالية نحتاجها نحن لكي نصل للآخر، كما أن تأخر بدايات التجارب السينمائية السعودية إلى هذا الوقت جعلنا نعمل على التأسيس من الصفر.

> هل تشعر أن السؤال عن الحاجة إلى سينما في السعودية ما زال سؤالا عبثيا، بمعنى هل تفهّم المجتمع حاجته للسينما كواحدة من أدوات التعبير، وكجسر يصله مع العالم؟

ـ نعم تفهم المجتمع حاجته لذلك وبدأ فعلا يطالب بدور عرض للسينما وذلك ضمن ضوابط تضعها الجهات المختصة تمكن الفئات المختلفة من المجتمع لتلبية حاجته الفكرية والثقافية من السينما.

> لماذا ما زال المخرجون السعوديون منكفئون على الأفلام الوثائقية؟ ـ يرى السينمائيون المحترفون أن على المخرج الهاوي لكي يتقن المهارات الأساسية للسينما أن يبدأ بالأفلام الوثائقية ومن ثم يدخل إلى الأفلام القصيرة ومن ثم إلى عالم السينما وأنا أومن ببدايات المخرجين الكبار الذين بدأوا مشوارهم السينمائي عن طريق الأفلام القصيرة، والفنان الحقيقي تجده منشغفا في رسالته وكفاحه في طرح قضاياه، وبرصد عام للأفلام الوثائقية السعودية والروائية القصيرة ستجد تلك الأفلام محملة بتلك القضايا وان لم تكن بشكل عميق.