«المحولات».. بمؤثراته المدهشة يتصدر شباك التذاكر

مايكل باي في أفضل أفلامه

مشهدان من الفيلم
TT

في فيلم Team America: World Police الكارتوني الهزلي الساخر، ولتيري باركر ومات ستون اللذين يقفان خلف المسلسل الكارتوني الكوميدي الشهير «ساوث بارك»، كان هناك ذاك المشهد حيث يغني البطل، الذي فقد حبيبته وتخلى عن فرقته، غناء حزينا كوميديا في نفس الوقت، وهو يصف فيه حالته المأساوية بأنها أسوأ من فيلم مايكل باي «بيرل هاربر». والحقيقة ان فيلم «بيرل هاربر»، الذي يروي قصة الهجوم الياباني على ميناء بيرل هاربر الاميركي ودخول اميركا الحرب العالمية الثانية، كان هو تحديداً محل تندر وسخرية، ليس على مستوى الكتابات النقدية حينها فحسب، بل انه اصبح لازمة كوميدية ربما تشاهدها في أكثر من فيلم. وكان آخر ما قرأت عن ذلك، قول أحد النقاد في تعليقه على فيلم باي الأخير Transformers «بأنه أكثر دقة تاريخية من بيرل هاربر».

وليس بيرل هاربر، الفيلم الوحيد الذي يجعل من مايكل باي مخرج أفلام حركة فارغة، كما يحب أن يقول البعض، مع ان مثل هذا القول وغيره لا يعني مايكل باي بشيء، كما يقول هو بنفسه: «أعرف نقادا يقسون على أفلامي ولذا فأنا أخذت بنصيحة جيري بروكهايمر المنتج بأن لا أقرأ لهم مطلقا».

في عام 1998 أخرج مايكل باي فيلم Armageddon، الذي جعل من باي مخرجا ناجحا على الصعيد التجاري، بسبب ان الفيلم المليء بالنجوم، كان قد حقق ارقاما قياسية على شباك التذاكر، وكان أكثر أفلام تلك السنة دخلا، على الرغم من ان فكرة الفيلم الغبية نوعا ما، حيث تهدد الارض من قبل نجم هائل متجه اليها لتدميرها، وليس أمام أهل الارض بقيادة أميركا سوى التصدي له وتفجيره قبل ان يصل الى الأرض. وهنا يتم استدعاء مجموعة من الرجال الفاشلين الذين كانوا يعملون في حفر الابار لتدريبهم بسرعة وإرسالهم الى الفضاء لحفر هذا النيزك وتفجيره في الفضاء الواسع! كان السؤال الساخر حينها: أيهما كان اسهل أن ندرب حفارين على ريادة الفضاء؟ أم ندرب رواد الفضاء على طريقة الحفر! ولكن من جهة أخرى لا يمكن ان نبخس المخرج مايكل باي، الذي قال عن نفسه مرة، إنه يصنع أفلاما للمراهقين، حقه. فهو يقدم افلاما غاية في الاثارة ومسلية جدا، ويمتلك ذلك الحس الفكاهي الذي يضمنه حوارات الافلام ويقدم تلك المشاهد التقنية والمؤثرات البصرية بطريقة مدهشة حقا، واذا ما تزامن ذلك مع قصة جيدة فبالتأكيد سنجد فيلما رائعا وهذا ما يمكن أن نقوله عن فيلمه الاخير «المحولات»، وان نقول بعضا منه، عن فيلمه السابق «الجزيرة». لكنه في هذا الفيلم أكد مايكل باي نجاحه التجاري، وقدم نجاحا فنيا ايضا حيث تصدر شباك التذاكر في اسبوعه الاول برقم قياسي، حينما حقق اكثر من 155 مليون دولار. كما أنه من اكثر أفلامه ارضاء للنقاد، حيث حاز اعجاب البعض منهم، بينما جمهور المشاهدين قدموا افضل تقييماتهم للفيلم، مما أدخله، لفترة قليلة، القائمة السينمائية الاشهر لأفضل 250 فيلما على موقع IMDB، قبل أن يخرج منها في ما بعد.

وبالحديث عن فيلم « المحولات»، فهو لا يأتي بفكرة خلاقة بحد ذاتها، كما انه يعتمد على مجموعة من الثيمات السينمائية المعروفة، خاصة في أفلام الحركة والاثارة والخيال العلمي، لكن مايكل باي نجح في هذا الفيلم في المزاوجة ما بين الدراما الكوميدية اللطيفة ومشاهد الحركة المثيرة بطريقة جيدة وممتعة ايضا، حيث نمضي الجزء الاول من الفيلم مع الشاب الطريف سام ويتويكي «شيا ليبوف» وعلاقته مع والديه ومحاولته لفت انتباه صديقته بشرائه سيارة، تتصرف من ذاتها في ما بعد، من دون ان يعرف السبب. وفي المقابل هناك مشاهد من قاعدة عسكرية اميركية في دولة قطر تتعرض لهجوم من آلة غريبة ذات قوة متفوقة، وبعد فترة سيدرك المشاهد ان الارض تحمل على ظهرها عددا من الآلات القادمة من الفضاء، وهي تتشكل وتتحول الى أجهزة وآلات اعتيادية مثل السيارات والشاحنات والطائرات وحتى اجهزة التسجيل والهواتف الجوالة. لكن الامر المثير في الموضوع ان هذه الآلات تختلف في أهدافها ما بين الآلات الشريرة، التي تسعى الى استعادة حجر فضائي مهم يعطي القوة من اجل السيطرة على الارض وتدميرها، بعد استنفاد معادنها وطاقتها وتدمير المحولات الاخرى، وهي التي تمثل آلات الخير التي تقف في وجهها وتدافع عن الارض، بل وتصنع صداقاتها معهم كما هو مع الشاب سام ويتويكي وسيارته، التي هي في الاصل عبارة عن تشكل لآلة هائلة تسمى بامبليبي. فهي اذن آلات ذات قدرات خارقة ومتفوقة وتمتلك الاحساس والتواصل، وهذي احدى نقاط الاثارة والتسلية في الفيلم. ولكي تحقق هذه المحولات هدفها فانها تقوم بمحاولة اختراق لاجهزة المعلومات التابعة لوزارة الدفاع الاميركية متخفية خلف قدرتها على التشكل والتحول لآلات اعتيادية كالدبابات وسيارات الشرطة، وحينما تصبح الارض مسرحا لمعركة طاحنة بين هذه الآلات المحولات. وهنا يأتي دور مايكل باي وقدرته في صنع مشاهد مدهشة بصريا والتحامات عنيفة وتفجيرات وانهيارات كبيرة تكاد تكون واقعية لشدة اتقانها. وبغض النظر عن النهاية المتوقعة في مثل هذه الأفلام فان المتعة في مشاهدة سيارة شرطة تتحول الى رجل آلي ضخم يجيد القتال والقفز والطيران والحديث بسخرية، هو أمر يستحق المشاهدة وعمل يستحق عليه مايكل باي التقدير.